قسم الأقليات المسلمةباب العبادات

دفن المسلمين في مقابر غير المسلمين

مسألة رقم 12

العناوين المرادفة

الدفن في مقابر غير المسلمين.
الدفن في مقابر أهل الكتاب.

صورة المسألة

هناك أحكام شرعية تتعلق بالمسلم إذا مات، من ذلك التغسيل والتكفين والدفن, وتوجيهه للقبلة، وغير ذلك مما يتعلق بالأحكام الشرعية للدفن، وتوجد مقابر للمسلمين، كما توجد مقابر لليهود، وللنصارى، وفي بلاد غير المسلمين حيث تعيش الأقلية المسلمة، لا توجد في الأعم الأغلب منها مقابر مخصصة لدفن المسلمين، فهل يجوز أن يُدفن المسلم في مقابر غير المسلمين؟

حكم المسألة

اختلف فقهاء العصر في المسألة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: جواز الدفن في مقابر غير المسلمين للضرورة.

ذهب إلى هذا مجمع الفقه الإسلامي، والمجلس الأوربي للبحوث والإفتاء.

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي([1]) أن على المسلمين أن يتكاتفوا ويتضامنوا لاتخاذ مقابر خاصة بهم، وإن لم يستطيعوا فلا أقل من أن تكون لهم رقعة خاصة بهم في أطراف مقبرة غير المسلمين؛ ليدفنوا فيها موتاهم، فإن لم يستطيعوا ذلك دفنوا المسلم حيث أمكن ولو في مقابر غير المسلمين.

أدلة هذا القول:

1- أن الذي ينفع المسلم عند موته هو عمله الصالح وليس مكان دفنه، يقول تعالى: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} [النجم 39].

2- أن الذي يقدس المرء عمله وليس الأرض، يقول سلمان الفارسي رضي الله عنه : “إن الأرض لا تقدس أحداً، وإنما يقدس المرء عمله” [أورده مالك في الموطأ برقم 2232]‏.

3- الضرورة، حيث لم تمكن المسلمين من الحصول على مقبرة أو على بقعة تخصهم في مقبرة غيرهم.

4-الأصل هو التعجيل بالدفن، وأن يدفن الميت حيث يموت.

5- الدعاء للميت يصله في أي مكان.

 

القول الثاني: عدم جواز الدفن في مقابر غير المسلمين.

ذهب إلى هذا الرأي اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء، في عدد من المواضع:

1- جاء في الفتوى([2]): لا يجوز للمسلمين أن يدفنوا مسلماً في مقابر غير المسلمين.

2- وجاء في الفتوى([3]): ولا يجوز دفن المسلم في مقابر النصارى ولا غيرهم، كاليهود والشيوعيين وعباد الأوثان.

3- وجاء في موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة، على الإنترنت: “لا يدفن داخل سور مقبرة الكفار، ولو في قطعة أرض منها على حدة؛ لأن جميع ما في سورها يعتبر منها”.

4- وجاء في الفتوى([4]): لا يجوز دفن المسلم في مقابر النصارى، لأنه يتأذى بعذابهم، بل تكون القبور الخاصة بالمسلمين في مكان منفرد عن مقابر النصارى.

5- إذا لم يجد المسلم مقبرة للمسلمين، فإن المسلم إذا مات لا يدفن في مقابر الكفار، وإنما يلتمس له موضع بالصحراء فيدفن فيه، ويسوى بالأرض حتى لا يتعرض للنبش، وإن تيسر نقله لبلاد فيها مقابر للمسلمين بدون كلفة شديدة فهو أولى([5])‏.

6- لا يجوز الدفن في مقابر الكفار، وإذا حصل أن دفن في مقابرهم؛ فإنه يجب نبشه ونقله إلى مقابر المسلمين إن وجدت، أو نقله إلى أي مكان خال من قبور الكفار مهما أمكن ذلك([6])‏.

أدلة هذا القول:

1- ما عليه العمل في عهد النبي والصحابة والتابعين هو دفن المسلم في مقابر المسلمين.

2- أن المسلمين يتأذون بالكفار.

 

القول الثالث: التفصيل:

1- يدفن في مقابر المسلمين في بلاد الغرب.

2- فإن لم يكن لهم مقابر ينقل وجوباً لبلاد المسلمين، إن أمكن ذلك مادياً، وسمحت سلطات المسلمين، ولم يخف تغير الجثة.

3- إن لم يتوفر ما سبق جاز دفنه في مقابر غير المسلمين على أن يخصص جانباً للمسلمين منها لا يشاركهم فيه غيرهم.

4- إن لم يمكن جاز دفنه في مقابر غير المسلمين للضرورة –كما في الاتجاه الأول.

5- إن حدث ذلك (دفنه عند الضرورة في مقابر غير المسلمين) تراعى درجات الكفر، فمقابر النصارى أولى عند الضرورة من مقابر اليهود، ومقابر اليهود أولى من مقابر الوثنيين والملحدين وهكذا([7])‏.


([1]) جاء ذلك في قرار لمجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورة مؤتمره الثالث بعمان بالمملكة الأردنية الهاشمية 8-13 صفر 1407هـ، الموافق11-16أكتوبر 1986م‏، وذلك في رده على استفسارات المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن. قرار رقم (23) ج 11: 3.

([2]) رقم 1841 ج8 ص 453- 454.

([3]) رقم 9024 ج8 ص 353-354.

([4]) رقم 3081.

([5]) فتوى رقم 5377 ج 8 ص 455، وانظر فتوى رقم 10508 ج 9 ص 7. وانظر كتاب: فتاوى اللجنة الدائمة لبحوث العلمية والإفتاء جمع وترتيب أحمد بن عبد الرازق الدويش ج 7 ص 6، دار المؤيد.

([6]) فتوى رقم 16057 ج 7 ص 392.

([7]) انظر: من فقه الأقليات المسلمة خالد محمد عبد القادر 115- 116.

المراجع

• فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء جمع وترتيب أحمد بن عبد الرازق الدويش المجلد السابع، دار المؤيد.
• موقع المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء.
• فتاوى مجمع الفقه الإسلامي الدولي دورة مؤتمره الثالث.
• من فقه الأقليات المسلمة خالد محمد عبد القادر من سلسلة كتاب الأمة العدد 61، سنة 17 رمضان 1418هـ.

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى