أن تصدر الدولة أو الشركة أو غيرهما, أوراقًا مالية، ضمانًا لدينهما على الآخرين, ويقدر لها فائدة ثابتة أو ربحًا ثابتًا.
كما يكون هناك خصم في إصدار السندات، علاوة على الفوائد السنوية.
ذهب مجمع الفقه الإسلامي الدولي, ومجمع فقهاء الشريعة بأمريكا إلى تحريم إصدار السندات, وبناءً عليه يحرم تداولها كذلك, كما أفتى بذلك سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله.
أهم الأدلة:
الدليل الأول: إنها تمثل دينًا على الشركة، ويستحق صاحبها فائدة سنوية، ربحت الشركة أم خسرت، وذلك من الربا المحض.
الدليل الثاني: إجماع العلماء على أن كل قرض شرطت فيه فائدة للمقرض فهو ربا.
قرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية والفتاوى العلمية.
أولًا: قرارات المجامع الفقهية:
1/ قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17-23 شعبان 1410 الموافق 14-20 آذار (مارس) 1990م، بعد اطلاعه على الأبحاث والتوصيات والنتائج المقدمة في ندوة الأسواق المالية المنعقدة في الرباط 20 – 24 ربيع الثاني 1410 بالتعاون بين هذا المجمع والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية، وباستضافة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية، وبعد الاطلاع على أن السند شهادة يلتزم المصدر بموجبها أن يدفع لحاملها القيمة الاسمية عند الاستحقاق، مع دفع فائدة متفق عليها منسوبة إلى القيمة الاسمية للسند، أو ترتيب نفع مشروط, سواء أكان جوائز توزع بالقرعة أم مبلغًا مقطوعًا أم حسمًا، قرر ما يلي:
أولًا: إن السندات التي تمثل التزامًا بدفع مبلغًا مع فائدة منسوبة إليه أو نفع مشروط محرمة شرعًا من حيث الإصدار أو الشراء أو التداول، لأنها قروض ربوية, سواء أكانت الجهة المصدرة لها خاصة أو عامة ترتبط بالدولة. ولا أثر لتسميتها شهادات أو صكوكًا استثمارية أو ادخارية أو تسمية الفائدة الربوية الملتزم بها ربحًا أو ريعًا أو عمولة أو عائدًا.
ثانيًا: تحرم أيضًا السندات ذات الكوبون الصفري بوصفها قروضًا, يجري بيعها بأقل من قيمتها الاسمية، ويستفيد أصحابها من الفروق بوصفها حسمًا لهذه السندات.
ثالثًا: كما تحرم أيضًا السندات ذات الجوائز بوصفها قروضًا أُشترط فيها نفع أو زيادة بالنسبة لمجموع المقرضين، أو لبعضهم لا على التعيين، فضلًا عن شبهة القمار.
رابعًا: من البدائل للسندات المحرمة – إصدار أو شراء أو تداول – السندات أو الصكوك القائمة على أساس المضاربة لمشروع أو نشاط استثماري معين، بحيث لا يكون لمالكيها فائدة أو نفع مقطوع، وإنما تكون لهم نسبة من ربح هذا المشروع, بقدر ما يملكون من هذه السندات أو الصكوك, ولا ينالون هذا الربح إلا إذا تحقق فعلًا. ويمكن الاستفادة في هذا من الصيغة التي تم اعتمادها بالقرار رقم 30 (5/4) لهذا المجمع بشأن سندات المقارضة
2/قرر مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا, بشأن إصدار السندات, ما يلي:
السندات الحكومية هي قرض بفائدة،والتعامل فيها حرام, والبديل لذلك هو الأسهم، والتي تعني تملّك حصة في الشركة،واحتمالية الربح والخسارة لحاملها،وهي مباحة, والله أعلم.
ثانيًا: الفتاوى العلمية:
فتوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله.
سئل رحمه الله عن موضوع إصدار السندات ([1]).
فأجاب رحمه الله:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فقد اطلعت على إعلان في صحيفة (الشرق الأوسط) الصادرة في يوم الإثنين 13/8/1409هـ، وفيها إعلان عن إصدار خزينة إحدى الدول العربية سندات اقتراض بربح أحد عشر واثني عشر في المائة (11%، 12%) لسنوات مبينة في الإعلان.
ولقد كدرني ذلك كثيرًا، ورأيت أن من واجب النصح لله ولعباده: بيان حكم هذا الاقتراض، فأقول: قد دل الكتاب العزيز والسنة المطهرة على تحريم الربا بنوعيه: ربا الفضل، وربا النسيئة، تحريمًا شديدًا، وأبان الله سبحانه في كتابه الكريم الوعيد على ذلك, فقال عز وجل: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ) [البقرة: 275- 276]. وذكر سبحانه أن الربا محاربة لله ولرسوله ﷺ , فقال عز وجل:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ) [البقرة: 278- 279]. وقال النبي ﷺ : (لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الفضة بالفضة إلا مثلًا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز) [رواه البخاري (2177)، ومسلم (1584)].
وقال عليه الصلاة والسلام: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل، سواءً بسواء، يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد) [مسلم (1587) ].
ولاشك أن المعاملات الورقية لها حكم المعاملات بالذهب والفضة؛ لأنها حلت محلها في قيم المقومات وثمن المبيعات؛ فلا يجوز بيع عملة منها بعملة أخرى نسيئة، ولا اقتراض شيء منها بفائدة من جنسها ولا من غير جنسها إلا يدًا بيد، مثلًا بمثل إذا كانت عملة واحدة، فإن اختلفت العُمل كالدولار بالجنيه الإسترليني فلابد من التقابض في المجلس، ولا يشترط التماثل لاختلاف الجنس.
وقد أجمع العلماء: على أن كل قرض شرطت فيه فائدة، أو اتفق الطرفان فيه على فائدة فهو ربا.
فنصيحتي للخزينة المذكورة: ترك هذه المعاملة، والحذر منها؛ لكونها معاملة ربوية، ونصيحتي لكل مسلم: ألا يدخل فيها؛ لكونها معاملة محرمة، مخالفة للشرع المطهر، ولقول النبي ﷺ : ((الدين النصيحة. الدين النصيحة. الدين النصيحة، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم)) [أحمد (16499)، ومسلم (55)].
وأسأل الله أن يوفق المسلمين جميعًا حكامًا ومحكومين للعمل بشريعته، والحذر مما يخالفها؛ إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
[1]) ينظر : نص السؤال في فتوى رقم :(121) .
1/ مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي (ع 6، ج2 ص 1273ع 7 ج1 ص73), قرار رقم:) 6011/6).
2/ مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا الدكتور معن خالد القضاة 1/1/2008م.
3/ الأسهم والسندات وأحكامها في الفقه الإسلامي, (رسالة دكتوراه) أحمد بن محمد الخليل, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, كلية الشريعة – الرياض.
4/ فتوى عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله, مجلة (الدعوة) العدد (1186 (بتاريخ (30 / 8 / 1409 هـ) .
5/ أحكام الأوراق التجارية في الفقه الإسلامي , (رسالة دكتوراه) الدكتور سعد بن تركي الخثلان، دار ابن الجوزي.
6/ الأسواق المالية (الأسهم والسندات) ضوابطها وأحكامها من منظور إسلامي, (رسالة دكتوراه)، محمد صبري هارون, المملكة الأردنية الهاشمية (1998م).
7/ سندات المقارضة وأحكامها في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة تطبيقية, (رسالة ماجستير)، عمر مصطفى جبر إسماعيل, المملكة الأردنية الهاشمية (2003م).