1. منع الحمل.
2. التعقيم النسائي.
3. تحديد النسل.
منع الحمل الدائم النسائي، هو: عملية تعطيل دائم للقدرة على الإنجاب للأنثى، وأما تعقيم المرأة فبإزالة المبيض والرحم، أو إزالة الرحم وهذا في حالة مرض الرحم.
وأما الطريقة الشائعة فتكون بقطع قناتي الرحم وربطهما وتسمى – ربط الأنابيب.
منع الحمل الدائم النسوي من العمليات المحدثة التي ظهرت في عصرنا الحاضر وتختلف عن الإخصاء، لأن التعقيم لا يتناول الشهوة الجنسية ولا القدرة عليها ولكن يعطل القدرة على الإنجاب فقط.
ومن المعلوم أنه لا يجوز للمسلم أن يتصرف بجسده إلا وفق ما شرعه الإسلام، ومن هنا رأى بعض الفقهاء أن التعقيم المؤبد الذي يمنع صلاحية الرجل أو المرأة أو صلاحيتهما معاً أمر ممنوع وهو حرام قطعاً لأن ذلك فيه تغيير لخلق الله تبارك وتعالى، وطاعة للشيطان في قوله: ( وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ )([1])
ومن الفقهاء من رأى استبعاد التعقيم الجماعي، لنفس الدليل السابق، ولما له من مخاطر عـلى تقليص عـدد المسلمين.
وقد جاء في توصيات ندوة الإنجاب ما يلي:
جواز اللجوء إلى منع الحمل الجراحي على النطاق الفردي للضرورة التي يقدرها الطبيب المسلم الثقة إذا استنفدت الوسائل الأخرى، أما على مستوى الأمة الإسلامية فلا يجوز شرعاً، وتنكر الندوة أن يكون التعقيم حركة عامة، وتحذر من استخدامه في الحرب السكانية (الديموجرافية) التي تهدف إلى جعل المسلمين أقلية في بلادهم أو في العالم.
وحينما نعود إلى القرآن الكريم والسنة الشريفة نجد النصوص العامة فيهما تأباه وتحرمه بهذا المعنى، وإعمالا لهذه النصوص قال جمهور الفقهاء إن تعقيم الإنسان محرم شرعاً إذا لم تدع إليه الضرورة، وذلك لما فيه من تعطيل الإنسال المؤدى إلى إهدار ضرورة المحافظة على النسل وهى إحدى الضرورات الخمس التي جعلها الإسلام من مقاصده الأساسية في تشريع أحكامه([2]).
أما إذا وجدت ضرورة داعية لتعقيم إنسان، كمن به مرض عقلى، أو جسدى، أو نفسى مزمن تعذر علاجه، وهو في الوقت نفسه ينتقل إلى الذرية عن طريق الوراثة، فيجوز لمن تأكدت حالته المرضية بالطرق العلمية والتجريبية أن يلجأ إلى التعقيم الموقوت، لدفع الضرر القائم فعلا، المتيقن حدوثه إذا لم يتم التعقيم، وذلك باتخاذ دواء أو أي طريق من طرق العلاج لإفساد مادة اللقاح أو بإذهاب خاصيتها، سواء للذكر أوالأنثى، ونعنى بإباحة التعقيم الموقوت أن يمكن رفع هذا التعقيم واستمرار الصلاحية للإنجاب متى زال المرض.
وإلى مثل هذا المعنى أشار الفقهاء في كتبهم.
فقد نقل ابن عابدين عن صاحب البحر ([3]) (أنه يجوز للمرأة أن تسد فم الرحم منعا من وصول ماء الرجل إليه، لأجل منع الحمل، واشترط صاحب البحر لذلك إذن زوجها).
ونقل البيجرمى([4]) من فقهاء الشافعية، أنه يحرم استعمال ما يقطع الحمل من أصله، أما ما يبطىء الحمل مدة ولا يقطعه فلا يحرم، بل إن كان لعذر كتربية ولده لم يكره وإلا كره.
وقد فرق الشبراملسي الشافعي بين ما يمنع الحمل نهائيا وبين ما يمنعه مؤقتا فقال بتحريم الأول وأجاز الثاني باعتباره شبيها بالعزل في الإباحة([5]).
وصرح الرملي الشافعي نقلا عن الزركشي بأن استعمال ما يمنع الحمل قبل إنزال المنى حالة الجماع مثلا لا مانع منه.
وقال القرطبي المالكي في كتابه الجامع لأحكام القرآن([6]):” إن النطفة لا يتعلق بها حكم إذا ألقتها المرأة قبل أن تستقر في الرحم”.
هذه النصوص تشير بلا شك إلى تحريم التعقيم النهائي المانع للإنجاب حالا ومستقبلا، أما التعقيم المؤقت بمعنى وقف الحمل فتجيزه تلك النصوص وغيرها.
وذلك لأن التطور العلمي والتجريبي دل على أن هناك أمراضا قد تبدو في وقت ما مستعصية على العلاج، ثم يشفي منها المريض في الغد القريب أو البعيد، إما لعوامل ذاتية، وإما بتقدم وسائل العلاج من الأدوية والجراحة وغيرهما، وعندئذ يمكن رفع التعقيم المؤقت عملا بقاعدة ما جاز بعذر بطل بزواله.
هذا بالإضافة إلى أن التعقيم بمعنى وقف الإنجاب مؤقتا بوضع الموانع أو العوامل المفسدة لمادة اللقاح لدى الزوج أو الزوجة أو كليهما بصفة وقتية ريثما يتم العلاج أو انتظارا للشفاء من المرض أمر من الأمور التي تدخل في باب التداوي المأمور به شرعاً في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ومنها قوله للأعرابي الذي سأله أنتداوى يا رسول الله قال:(نعم، فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله)([7]) أخرجه أحمد، ح: 18084.
قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في الحكم الشرعي في تحديد النسل:
الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه.. وبعد
فقد نظر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في موضوع تحديد النسل أو ما يسمى تضليلاً بـ (تنظيم النسل).
وبعد المناقشة وتبادل الآراء في ذلك قرر المجلس بالإجماع ما يلي:
نظراً إلى أن الشريعة الإسلامية تحض على تكثير نسل المسلمين وانتشاره، وتعتبر النسل نعمة كبرى ومنة عظيمة من الله بها على عباده، وقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله – عز وجل – وسنة رسوله، – صلى الله عليه وسلم -، ودلت على أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها، وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الله – تعالى – لعباده، ونظراً إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين لتقليل عددهم بصفة عامة، وللأمة العربية المسلمة والشعوب المستضعفة بصفة خاصة، حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعباد أهلها والتمتع بثروات البلاد الإسلامية، وحيث إن في الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية وسوء ظن الله – تعالى – وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وترابطها.
لذلك كله فإن المجمع الفقي الإسلامي يقرر بالإجماع أنه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً ن ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق، لأن الله – تعالى – هو الرزاق ذو القوة المتين، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها أو كان ذلك لأسباب أخرى غير معتبرة شرعاً.
أما تعاطي أسباب منع الحمل أو تأخيره في حالات فردية لضرر محقق لكون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الجنينن فإنه لا مانع من ذلك شرعاً، وهكذا إذا كان تأخيره لأسباب أخرى شرعية أو صحية يقرها طبيب مسلم ثقة، بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرر المحقق على أمة إذا كان يخشى على حياتها منه بتقرير من يوثق به من الأطباء المسلمين.
وأما الدعوة إلى تحديد النسل أو منع الحمل بصفة عامة فلا تجوز شرعاً للأسباب المتقدم ذكرها، وأشد من ذلك في الإثم والمنع إلزام الشعوب بذلك وفرضه عليها في الوقت الذي تنفق فيه الأموال الضخمة على سباق التسلح العالمي للسيطرة والتدمير، بدلاً من إنفاقه في التنمية الاقتصادية والتعمير وحاجات الشعوب.
وقد أوصت المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية في ندوتها الأولى ” ندوة الإنجاب ” سنة 1983م بشأن موضوع منع الحمل الجراحي (التعقيم) ما يلي:
” جواز اللجوء إلى منع الحمل الجراحي على النطاق الفردي للضرورة التي يقدرها الطبيب المسلم الثقة إذا استنفذت الوسائل الأخرى.
أما على مستوى الأمة الإسلامية فلا يجوز شرعاً. وتنكر الندوة أن يكون التعقيم حركة عامة، وتحذر من استخدامه في الحرب السكانية – الديموجرافية – التي تهدف إلى جعل المسلمين أقلية في بلادهم أوفي العالم”.
([2]) الموافقات للشاطبى ج – 2 ص 8 وما بعدها فى مقاصد الشريعة.
([3]) حاشية رد المحتار على الدر المختار 2/412
([4]) حاشية الخطيب على الإقناع 4/40
1. قرار رقم: 39 (1/5) بشأن تنظيم النسل مجلة المجمع (ع 4، ج1 ص 73) مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1-6 جمادى الآخر 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر)1988م.
2. الندوة السادسة للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية عنوانهــا: زراعة بعض الأعضاء البشرية، الكويت ربيع الأول 1410 هـ أكتوبر 1989م.
3. فتاوى الأزهر، (10 / 47) التعقيم، المفتي / عطية صقر، مايو 1997 السؤال: ما حكم ربط المبايض والتعقيم كوسيلة من وسائل تنظيم النسل؟
4. الموضوع (1200) حكم الاجهاض، المفتى: فضيلة الشيخ/ جاد الحق على جاد الحق، 26 محرم 1401 هجرية – 4 ديسمبر 1980 م.
5. أحكام الحمل في الشريعة الإسلامية – دراسة فقهية مقارنة مع قانون الأحوال الشخصية، دكتور/ خالد محمد صالح، دار الكتب القانونية.
6. ” أحكام الهندسة الوراثية ” رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في الفقه إعداد / سعد بن عبد العزيز بن عبد الله الشويرخ، كلية الشريعة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
7. فقه القضايا الطبية المعاصرة ” دراسة فقهية طبية مقارنة “: أ.د. علي محيي الدين القره داغي، أ.د. علي يوسف المحمدي، دار البشائر الإسلامية، بيروت، الطبعة الثانية، 1427هـ.