عقود الطقس: نوع من العقود المستقبلية، والباعث على العقود المستقبلية تذبذب الأسعار، وعدم القدرة على توقع أسعار المستقبل بشكل دقيق.
وتختص عقود الطقس: بتأثير تقلبات الطقس في أسعار السلع، وهي تحمي الجهة المستفيدة من تأثير ارتفاع الحرارة بشكل غير متوقع في الصيف أو انخفاضها بشدة في الشتاء، مما قد يؤثر سلبا على نشاط الشركة، فتقوم الشركة بشراء عقود على الطقس، بحيث لو تغير الطقس بشكل غير متوقع تستفيد الجهة من ارتفاع العقود، فتعوض ما قد تتلقاه من خسائر، فهي عقود لحماية أرباحها من خسائر تقلبات الجو العادية كارتفاع الحرارة أو انخفاضها( 1).
عقود الطقس في حقيقتها عقود مستقبلية آجلة تتم في أسواق المستقبليات على السلع التي يخشى أن تتعرض أسعارها لتأثير الطقس، والتعامل في أسواق المستقبليات محرم، سواء كان الغرض منه الاحتياط لتقلبات السلع أو المضاربة، وذلك لما يأتي:
- أن في العقود المستقبلية تأجيل تسليم الثمن والمثمن، وهذا لا يجوز؛ لأنه من بيع الدين بالدين المجمع على تحريمه، ولا يجوز التبادل شرعا إلا إذا تضمنت الصفقة أو العقد قبض أحد العوضين على الأقل.
ولذا، لا يصح تخريجها على السلم؛ لأن السلم شرعا أن يعجِّل الثمن بكامله، ومن جوَّز التأخير فإنما يجوِّزه ليوم أو يومين، أو أكثر ما لم يكن التأخير شرطا في صلب العقد، وفي المستقبليات فإن التأخير شرط في صلب العقد، وهذا لا يجوز عند أحد من الفقهاء.
- أن في هذه العقود وقوع العقد على ما ليس بمال ولا يؤول إلى مال، لأن المؤشرات أرقام مجردة.
- أنه من بيع ما لا يملكه الإنسان، وأيضا هي بيوع تتم قبل قبض السلع المبيعة.
- أن هذه العقود من الرهان المحرم بإجماع المسلمين، لأن حقيقة العقود المستقبلية الرهان على بلوغ المؤشرات رقما معينا أو عدمه على أن يدفع من يخسر الرهان إلى الطرف الآخر.
وقد أضحى هدف المقامرة هو المحرك الأساسي لمثل هذه المعاملات، ولذلك توسعت المقامرات في مستقبليات المؤشر حتى أصبحت تشمل المتاجرة على مؤشر تكاليف المعيشة، والواقع أن المضاربين لا يحتاجون على أكثر من شيء، مهما كان هذا الشيء، ليقوموا بالبيع والشراء والمقامرة على تغيره.
- لا تحقق هذه المعاملة مصلحة اقتصادية، ولا تضيف جديدا في مجال الإنتاج أو التبادل.
- تطورت هذه الأنواع من العقود واتجهت دوما نحو التعقيد والإغراق في تركيب العقود الواحد فوق الآخر، بحيث نجد أن كل عملية حقيقية يجري تركيب عشرات العمليات الوهمية فوقها حتى لا يكاد يظهر منها إلا جانب القمار والمضاربة المحمومة لا النشاط الاقتصادي النافع([1]).
الملاحق:
التوصيات والنتائج لندوة “الأسواق المالية من الوجهة الإسلامية” 20-24/4/1410هـ – نوفمبر 1989م (الرباط – المملكة الغربية).
ومما وورد فيها:
رابعا- المستقبليات في المعاملات الوضعية:
هي عقود بيع أجل يؤجل فيه قبض المحل (سلع أو أسهم أو سندات … ) ويؤجل فيه دفع الثمن فيما عدا نسبة مئوية صغيرة (نحو10 %) لا يقبضها البائع وإنما تحتفظ بها غرفة المقاصة في السوق ضمانا للوفاء بالعقد، وأهم صفة فيها أنها نمطية فهي تصدر كأداة تتضمن كمية معينة من القمح مثلا ذا صفة محددة تقبض في تاريخ محدد أو عددا من أسهم شركة بعينها أو سندات محددة تسلم في تاريخ محدد. ولا يوجد علاقة مباشرة بين العاقدين فيها حيث تتوسط بينهما غرفة المقاصة التي تكون واسطة بين البائع والمشتري أو السمسار.
ومحل العقد هنا هو السلعة أو الأسهم، ويكون التفاوض بين العاقدين على سعرها وتتغير النسبة التي تم قبضها من قبل الغرفة اعتمادا على السعر لأنه روعي في تحديده أنه ضمان للوفاء بذلك السعر ويتم تصفية جميع العمليات يوميا فيتضح الرابح والخاسر وإذا رغب شخص في إنهاء المعاملة اشترى أو باع قمحا مثلا يسلم في نفس التاريخ السابق فينقضي الالتزامان.
المستقبليات من الوجهة الإسلامية:
قدمت بحوثا حول حقيقة البيوع الآجلة في أسواق الأوراق المالية، كما تنظمها الأعراف ويجرى عليها العمل في أسواق الأوراق المالية، ثم ناقشها أعضاء الندوة والعلماء المشاركون في الندوة، لتحديد صفتها الشرعية والحكم الفقهي لها، الذي سيعرض على مجمع الفقه الإسلامي، انتهوا إلى:
المستقبليات أو البيوع الآجلة: هي عقود باتة غير معلقة على شرط ولا مضافة إلى أجل، يكون محلها بيع شيء غير معلن، بل موصوف في الغرفة، بثمن معلوم وقت التعامل، وبثمن محدد عند العقد، على أن يتم تسليم العوض في زمن معلوم معين محدد في المستقبل يقوم به وسيط يضمن تنفيذه لطرفيه مقابل عمولة، ويتقاضى من كل منهما نسبة من الثمن يوم التعاقد وبعده ضمانا لتنفيذ التزامه في المستقبل.
ومحل العقد الذي وقع على البيع على هذا النحو مال مثلي موصوف في الذمة يتم تسليمه في المستقبل بثمن نقد في الذمة يسلم كله أو بعضه في زمن محدد لا وقت التعاقد.
وهذا البيع يطلق عليه الفقهاء بيع السلم ويشترطون في صحته أن يتم تسليم الثمن، ويسمى رأس مال السلم، في مجلس العقد عند الجمهور، أو بعده بمدة لا تزيد على ثلاثة أيام عند المالكية. وحكمة هذا الشرط تلافي بيع الدين بالدين، أو ابتداء الدين بالدين كما يعبر عنه عند المالكية. وهو معاملة يرى الفقهاء أنها لا تحقق مصلحة اقتصادية ولا تضيف جديدا في مجال الإنتاج أو التبادل، إذ إن الشريعة الإسلامية لا تجيز التبادل إلا إذا تضمنت الصفقة أو العقد قبض أحد العوضين على الأقل.
وإذا كان هذا العقد باطلا، فإنه يحرم التعامل به، ولا يرتب حقوقا أو التزاما على طرفيه.
والورقة المالية التي تمثل حق المشتري في تسليم السلعة أو الورقة المالية في المستقبل ليست لها قيمة مالية فلا يجوز تبادلها، وحتى على فرض صحة هذا العقد فإن الورقة تمثل دينا في ذمة البائع (وهو المسلم فيه) ودين السلم لا يجوز بيعه أو التصرف فيه قبل قبضه اتفاقا([2]).
([1]) المشتقات المالية ص 124، بحوث في قضايا فقهية معاصرة، تقي العثماني ص 130 – 137، مجلة مجمع الفقه الإسلامي (ع 6 ج 2 ص 1619، 1664)، الموسوعة الميسرة في فقه القضايا المعاصرة، العقود المستقبلية (2/618).
1) الموسوعة الميسرة في فقه القضايا المعاصرة (القضايا المعاصرة في فقه المعاملات المالية)، إعداد: مركز التميز في فقه القضايا المعاصرة، جامعة الإمام محمد بن سعود، الطبعة الثاني، 1436هـ/ 2015م.
2) بحوث في قضايا فقهية معاصرة، القاضي محمد تقي العثماني، دار القلم – دمشق، الطبعة الثانية، 1424هـ – 2003 م.
3) المشتقات المالية دراسة فقهية، خالد المهنا، كرسي سابك.
4) مجلة مجمع الفقه الإسلامي، منظمة المؤتمر الإسلامي، العدد السادس.