قسم الأسرةباب النكاح

حق الزوجة في خادمة منزلية

المسألة رقم 61

العناوين المرادفة

1. إخدام الزوج زوجتة.
2. توفير خادمة منزلية للزوجة.

صورة المسألة

قال تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ (1) ، وقال تعالى: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ ( 2 ).
وفي السنَّة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “استوصوا بالنساء” أخرجه البخاري، ح: 5185، ومسلم، ح: 1468.
فهل يجب على الزوج أن يخدم زوجته – كما يعبر الفقهاء – والمقصود أن يجعل لها من يخدمها؟

حكم المسألة

اختلف الفقهاء في حكم إخدام الزوجة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أنه لا يجب على الزوج إخدام زوجته , مطلقاً بل الواجب عليها خدمة نفسها وخدمة زوجها. وهو قول عند الحنفية([1])، والشافعية([2]) والحنابلة([3]) .

القول الثاني: أنه يجب على الزوج إخدام الزوجة إذا كانت ممن تُخدَم سواء أكان الزوج قادراً أو غير قادر، وهو مذهب الشافعية([4]) وظاهر مذهب الحنابلة([5]) .

القول الثالث: التفريق بين من يُخدم مثلها ومن لا يُخدم مثلها، وقدرة الزوج وعدمها، فإن كانت ممن يُخدم مثلها لكونها ذات قدر وشرف , أو تُخدم في بيت أبيها أو كانت بحاجة إلى الخدمة لمرضها ونحوه , والزوج قادر: وجب إخدامها.

وإن كانت ممن لا يُخدم مثلها أو كان الزوج معسراً فلا يجب إخدامها , وعليه أكثر الفقهاء، فهو ظاهر مذهب الحنفية([6]) , والمالكية([7]), والحنابلة([8])

 

أدلة القول الأول القائل: بأنه لا يجب الإخدام مطلقاً.

استدلوا بغالب الأدلة التي استدل بها من يوجب خدمة الزوجة زوجها([9]) ومنها:

الدليل الأول: قصة علي وفاطمة رضي الله عنهما.

وذلك أن فاطمة رضي الله عنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى من الرحى , وبلغها أنه جاءه رقيق , فلم تصادفه فذكرت ذلك لعائشة رضي الله عنها. فلما جاء أخبرته عائشة قالت فجاء وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم… إلى أن قال: ألا أدلكما على خير مما سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما , أو أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثاً وثلاثين , واحمدا ثلاثاً وثلاثين , وكبرا أربعاً وثلاثين , فهو خير لكما من خادم ” أخرجه البخاري، ح: 5361.

ووجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر علي بإخدام فاطمة لما جاءت تشتكي عناء خدمة البيت، وهذا يدل على عدم الوجوب , وأن على المرأة خدمة زوجها في بيته.

 

الدليل الثاني: حديث أسماء رضي الله عنها.

وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى أسماء والعلف على رأسها والزبير معه , ولم يقل له: يجب عليك إخدامها بل أقر خدمتها له , وهكذا سائر الصحابة أقرهم الرسول صلى الله عليه وسلم على استخدام أزواجهم , ولو وجب لأمرهم بذلك ([10]).

 

الدليل الثالث: أن تولي المرأة لخدمة زوجها وعدم إخدامها هو المعروف عند من خاطبهم الله بكلامه.

 

أدلة القول الثاني (وجوب الإخدام مطلقا):

استدلوا على وجوب الإخدام لمن تُخدم حتى مع إعسار الزوج بمايلي:

  • قوله تعالى ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ ([11])

وجه الدلالة: أن إخدام الزوجة إذا كانت ممن يُخدم من العشرة بالمعروف([12]).

ويناقش: بأن العشرة بالمعروف مطلوبة من الزوجين , وليس من العشرة بالمعروف من جانب الزوجة أن تطالبه بخادم مع إعسار الزوج، للمشقة والحرج الحاصل له بسبب ذلك.

فالآية تدل على وجوب الإخدام , ولكن في حال القدرة , أما إيجابه مع عدم القدرة ففيه إجحاف بحق الزوج وإضرار به , والضرر لا يزال بالضرر([13]).

  • ولأن الخادم مما تحتاج إليه حاجة دائمة فأشبه النفقة([14])وحيث تجب النفقة فيجب الإخدام بغض النظر عن يساره وإعساره.

 

أدلة القول الثالث: ” القائل بوجوب الإخدام لمن تُخدم مع مراعاة حال الزوج في يساره وإعساره ”

الدليل الأول: أدلة وجوب الإخدام السابقة في أدلة القول الثاني.

الدليل الثاني: حديث فاطمة حيث راعى النبي صلى الله عليه وسلم حال علي رضي الله عنه فلم يوجب عليه خادما لزوجته فاطمة لإعساره، مما يدل على مراعاة حال الزوج في يساره وإعساره.

الدليل الثالث: حديث “لا ضرر ولا ضرار” أخرجه الإمام مالك في الموطأ، ح: 1429، والإمام أحمد في المسند، ح: 2867، وابن ماجه، ح: 2341، والدارقطني، ح: 83، والطبراني في المعجم الكبير، ح: 1387، وأبو يعلى في مسنده، ح: 2520 والبيهقي في السنن الكبرى، ح: 11166، والحاكم في المستدرك، ح: 2345.

حيث دل على أن الضرر لا يزال بالضرر، وإيجاب الخادم على الزوج مع إعساره إضرار به، ولا يُزال ضرر الخدمة الواقع على الزوجة بالإضرار بالزوج، بإيجاب الخادم عليه مع إعساره ([15]).


([1]) بدائع الصنائع 4 / 24.

([2]) روضة الطالبين 9 / 44.

([3]) الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 24 / 304.

([4]) روضة الطالبين 9/44 ومغني المحتاج 3/433 ونهاية المحتاج 7/197 وإعانة الطالبين 4/75 وكفاية الأخيار 2/195 وأسنى المطالب3 / 427.

([5]) المغني 8 / 355 والمقنع مع المبدع 8/190 ومعونة أولي النهى 8/41 وكشاف القناع 5/196 ومنار السبيل2/ 952.

([6]) بدائع الصنائع 4 / 24 والبحر الرائق 4 / 199 وفتح القدير 4 / 201 وحاشية ابن عابدين 2 / 654 ومجمع الأنهر 1 / 487.

([7]) قوانين الأحكام الشرعية ص222 وعقد الجواهر الثمينة 2 / 300 ومواهب الجليل 2 / 184 , 185 والشرح الكبير للدردير 2 / 511 وجواهر الإكليل 1 / 403 ومنح الجليل 4 / 391.

([8]) المقنع مع الإنصاف والشرح الكبير 24 / 303 والمبدع 8 / 190 ومعونة أولي النهى 8 / 41 وكشاف القناع 5/.

([9]) ينظر مسألة ( خدمة الزوجة ) في هذه الموسوعة.

([10]) زاد المعاد 5/ 188.

([11] ) سورة النساء: آية (19).

([12]) المغني 11/ 355 , والمبدع 8/ 190 ومعونة أولي النهى 8/ 41 ونهاية المحتاج 8/ 198 وأسنى المطالب 3/ 427 وإعانة الطالبين 4/ 75.

([13]) الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 24/ 303

([14]) مغني المحتاج 3/ 432 , 433.

([15]) الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 24 / 303.

المراجع

1. ” العرف حجيته وأثره في فقه المعاملات المالية عند الحنابلة “، الشيخ / عادل بن عبد القادر قوته، رسالة لنيل درجة الماجستير في الفقه وأصوله في كلية الشريعة بجامعة أم القرى، 1415هـ.
2. أثر العرف في كتاب النكاح، بحث تكميلي مقدم لنيل درجة الماجستير في الفقه المقارن للطالب/ عبد الله بن عبد الرحمن الحمدان، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعهد العالي للقضاء قسم الفقه المقارن 1425 – 1426هـ.
3. حكم خـدمـة الزوجـة وإخـدامـها، أ. د/ عبد الله بن موسى العمّــار، الأستاذ في قسم الفقه، كلية الشريعة، الرياض، 1423هـ.

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى