قسم الأقليات المسلمةباب الفرقة بين الزوجين

حضانة غير المسلمة للطفل المسلم

مسألة رقم 47

العناوين المرادفة

هل للكتابية حضانة ابنها؟
حضانة الكتابية.
الحضانة مع اختلاف الملة.

صورة المسألة

أن تنفصم عرى الزوجية بموت أو طلاق من الزوج أو وفاة للزوجة الكتابية، ويكون هناك صغير، فمن يحضن هذا الصغير؟
وهل اختلاف الدِّين مانع من الحضانة؟

حكم المسألة

اختلاف الدِّين لا يؤثر في ثبوت حضانة الأم لوليدها ما لم يعقل الطفل الأديان، وفي حالة الخوف على الولد أن تنشئه أمه على عقائدها الكفرية، فهنا ينزع منها.

 

مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا([1]):

وللكتابية باعتبار أمومتها حضانة طفلها عند التفرق حتى يبلغ السابعة، ما لم يترتب على ذلك مضرة بالطفل في دينه، كتلقينه عقائد شركية ونحوه، فإذا بلغ السابعة انتقلت حضانته إلى أبيه، لأنها السن التي يبدأ فيها إدراك الطفل واستقباله للتوجيه والتعليم، والأصل في الحضانة أنها مقررة لمصلحة المحضون، فهي صونه عما يضره وحمايته مما يؤذيه، وفي قيام غير المسلم عليه في هذه المرحلة إضاعة له، وعلى من ابتلي بالزواج بكتابية أن يؤكد على تبعية الأطفال له في الدين، وأن تكون حضانتهم له عند التفرق.

 

فتاوى الأزهر([2]):

الأحق بحضانة الولد ما دام في مدة الحضانة ذكراً كان أو أنثى أمه من النسب لا من الرضاع؛ لأنها أكثر الناس حناناً عليه وأشفقهم به، لذلك تراها تسهر لسهره وتجزع لمرضه، وذلك بمقتضى الفطرة التي فطر الله الناس عليها، واختلاف الدين لا يؤثر على حق الحاضنة؛ لأن مبنى الحضانة على الشفقة الطبيعية، وهى لا تختلف باختلاف الدين، فالمنصوص عليه أن الذمية (يهودية كانت أو مسيحية أو وثنية أو مجوسية) أحق بولدها المسلم ما لم يعقل الأديان أو يخشى عليه أن يألف الكفر ولو لم يعقل الأديان، ومقتضاه أنه إذا خيف أن يألف الكفر انتزع منها وإن لم يعقل الأديان.

وفى النهاية: (لو خيف على الولد أن تغذيه أمه الذمية بالخمر أو بلحم الخنزير ضم إلى أناس من المسلمين) وظاهر أنه ينزع منها بحكم القاضي.

فالحاصل: أن الحاضنة الذمية (غير المسلمة) أحق بولدها المسلم ما لم يعقل الأديان، ولم يخف عليه أن يألف عقائد وعادات غير المسلمين، فإن خشي عليه ما ذكر لم يكن للحاضنة غير المسلمة حق في حضانتها إياه، وكان الأمر في حفظه مفوضاً لرأي القاضي ما لم توجد حاضنة لا يترتب على حضانتها إياه شيء مما ذكر؛ لأن الولد المسلم إنما يحضنه من لا يخشى عليه منه لا في شخصه ولا في دينه ولا في خلقه وسلوكه.

وفي واقعة السؤال يكون الحق في حضانة الصغيرة لأمها المذكورة، ما لم يخش على تلك الصغيرة أن تألف عقائد وعادات غير المسلمين، فإن خيف عليها ذلك انتقل الحق في حضانتها إلى جدتها لأبيها، ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال.

 

وجاء في مجلة البحوث الإسلامية التابعة للرئاسة العامة للبحوث والإفتاء بالمملكة العربية السعودية:

وقال الشيخ النووي رحمه الله تعالى في (روضة الطالبين) ([3]) ” فالحضانة للأم إن رغبت فيها، لكن لاستحقاقها شروط :

أحدها : كونها مسلمة إن كان الطفل مسلما بإسلام أبيه، فلا حضانة لكافرة على مسلم، وقال الإصطخري : لها الحضانة.

وقيل : الأم الذمية أحق بالحضانة من الأب المسلم إلى أن يبلغ الولد سبع سنين، ثم الأب بعد ذلك. قال الأصحاب : والصحيح الأول.

فعلى هذا حضانته لأقاربه المسلمين على ما يقتضيه الترتيب، فإن لم يوجد أحد منهم فحضانته على المسلمين… ولو وصف صبي من أهل الذمة الإسلام نزع من أهل الذمة سواء صححنا إسلامه أم لا، ولا يمكنون من كفالته، والطفل الكافر والمجنون تثبت لقريبه المسلم حضانته وكفالته على الصحيح؛ لأن فيه مصلحة له ” اهـ ([4]).

 

– فضيلة الشيخ إبراهيم النيفر:

السؤال: رجل مسلم تزوج امرأة يهودية فرنسية الجنسية، وولدت منه أولاداً، ثم توفي وترك أولاده الصغار في حضانة أمهم، فأرادت أن تسافر بهم إلى البلاد الفرنسية، فمانع في ذلك عمّ الأولاد، وأراد افتكاك الحضانة منها، ورفع أمره إلى المحكمة الفرنسية، فما الفتوى الشرعية في هذه النازلة؟

الجواب: إن أولى الناس بالحضانة النساء؛ لشدة شفقتهن ورفقهن بالصغار، وقدرتهن على القيام بمصالحهم، وصبرهن على ذلك، قال ابن عاصم:

وصرفها إلى النساء أليق لأنهن في الأمور أرفق

قال القرافي: إن قاعدة الشرع صرف كل شيء إلى من هو أقدر عليه وأعرف به؛ فيقدم على غيره، ولذلك يقدم في قيادة الجيوش من هو أعرف بأمور الحرب وفنونها، وتسيير الجيوش وتدبير مكائد الحروب، ويقدم في القضاء من هو أعرف بالقواعد الفقهية وتطبيقها، وأكثر خبرة بعلم القضاء، ويقدم في الحضانة من هو أقدر على تربية الطفل، والقيام بنظافة بدنه وثيابه، وهكذا.

وأولى النساء بالحضانة الأم؛ لما لها من الشفقة الزائدة على طفلها، فلا أشفق من الأم على ولدها إلا الله على عبيده، ولذلك حرم الشارع التفريق بين الأم وولدها، ففي الحديث الصحيح: “من فرَّق بين والدة وولدها فرَّق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة”، وفي الحديث أيضاً: “لا توله والدة على ولدها”، وروى أحمد ح (6707) وأبو داود ح (2276) عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أن امرأة قالت: يا رسول الله! إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وحجري له حواء، وثديي له سقاء، وزعم أبوه أنه ينزعه مني، فقال: “أنت أحق به، ما لم تنكحي”، فاقتضى الحديث أن الأم ما لم تتزوج فهي أحق به، وما إذا تزوجت فقد سقط حقها في الحضانة؛ لأنها حينئذ لا تقدر على القيام بشؤون طفلها كما يجب؛ لاشتغالها بالقيام بشؤون الزوج الأجنبي، الذي ربما يعاكسها في التفرغ لطفلها، ولربما يكون مبغضاً له، فلا يسمح لها بتعهده ليلاً في فراشه؛ إذ ليس له من الشفقة ما لأبيه وأمه، وعاطفته نحوه غالباً كعاطفة المرأة نحو ربيبها.

وكما يسقط حقها بتزوجها يسقط حقها بكونها غير مسلمة، يخشى منها على أن تغذيه بخمر أو خنزير، أو أن تربيه على غير دين الإسلام، الذي هو دين أبيه، فينشأ يهودياً أو نصرانياً، والولد إنما يتبع أباه في الدين.

فإذا خيف على الطفل من ذلك فلا حق لها في الحضانة، إلا إذا ضمت لمسلمين يراقبونها حتى لا تغذيه بخمر أو خنزير، ولا تربيه على غير دين الإسلام؛ فإن رضيت بذلك وسكنت مع مسلمين يراقبونها، فلا تسقط حضانتها، وإن لم ترض بذلك انتزع منها الطفل، وأعطي لمن يليها في الحضانة، ممن توفرت فيه شروطها.

والنتيجة: أن هذه اليهودية المسؤول عنها حيث كانت يخشى على طفلها أن تنشئه على غير ملة الإسلام، وأن تخلقه بأخلاق منافية لدين أبيه، وامتنعت من السكنى مع قوم مسلمين ليراقبوها، فلا حق لها في الحضانة، قال خليل في حضانة غير المسلمة: (وضمت إن خيف لمسلمين، وإن مجوسية أسلم زوجها)، غير أنها لا تمنع من زيارتهم، وتعهدهم بحضرة مسلمين([5]).


([1]) موقع مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا.

([2]) فتوى فضيلة الشيخ عبد اللطيف حمزة: 30 أغسطس 1982م.

([3]) روضة الطالبين للنووي 9 / 98.

([4]) مجلة البحوث الإسلامية التابعة للرئاسة العامة للبحوث والإفتاء بالمملكة العربية السعودية الجزء رقم : 53، الصفحة رقم: 168.

([5]) مجلة الزيتونة 9/15.

المراجع

• مجلة الزيتونة.
• دار الإفتاء المصرية.
• مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا الشمالية.
• مجلة البحوث الإسلامية التابعة للرئاسة العامة للبحوث والإفتاء بالمملكة العربية السعودية

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى