قسم الأقليات المسلمةباب الفرقة بين الزوجين

الخلع عن طريق المراكز الإسلامية

مسألة رقم 46

العناوين المرادفة

كيفية اختلاع المرأة المسلمة خارج ديار الإسلام.

صورة المسألة

أن يحصل شقاق بين الزوجين خارج ديار الإسلام، وتحتاج المرأة إلى خلع زوجها فكيف تستطيع الحصول على الخلع في الغرب ؟

حكم المسألة

أجازت المجامع الفقهية للمراكز الإسلامية أن تحمل صفة القاضي المسلم وأن تقوم بالإجراءات الشرعية للخلع، فالمركز الإسلامي في الغرب يقوم مقام القاضي المسلم.

وممن قال بذلك:

1-مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا([1]):

جاء في نص البيان الختامي للمؤتمر الثاني لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا:

إن للمراكز الإسلامية خارج ديار الإسلام صفة قضائية، فإذا كان للقائم على المركز الإسلامي صفة المحكم سواء باتفاق الطرفين، أو لاصطلاح الجالية المسلمة عليه فإنه يعتد بما يجريه من التفريق بسبب الضرر أو سوء العشرة ونحوه بعد استيفاء الإجراءات القانونية التي تقيه من الوقوع تحت طائلة القانون، وأكد القرار على ضرورة أن يتبع المحكمون الخطوات الشرعية اللازمة في مثل هذه الحالات، كالاستماع إلى طرفي الخصومة، وضرب أجل للغائب منهما، وتجنب التسرع في الحكم، وإقامة العدل بينهما ما أمكن.

 

2- المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث([2]): حكم الخلع:

استعرض المجلس موضوع “الخلع” والأبحاث التي تناولته، وبعد المداولة والنظر قرر ما يلي:

الخلع هو تراضي الزوجين على الفراق بعوض، وقد ثبتت مشروعيته بالقرآن الكريم والسنة الصحيحة.

وحكمته: إزالة الضرر عن المرأة إذا تعذر عليها المقام مع زوجها لبغضها له أو لعدم قيامه بحقوقها.

ومن أهم أركان الخلع العوض الذي تدفعه الزوجة إلى زوجها مقابل طلاقها، وهو جائز إلا إذا أقدم الزوج على الإضرار بزوجته حتى يضطرها للتنازل عن مهرها أو بعضه، قال الله تعالى: (وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ) [النساء: 19].

وسواء اعتبرنا الخلع طلاقاً أو فسخاً فإن المرأة تبين به بينونة صغرى (ليس لزوجها مراجعتها إلا بعقد ومهر جديدين). فإذا تم الخلع وجب على الزوجة أن تعتد عدتها الشرعية.

والخلع لا يحتاج إلى إذن القاضي أو السلطان، فهو يقع وتجب أحكامه الشرعية في حق الطرفين بمجرد اتفاقهما، لكن يجب تسجيله لدى السلطات الرسمية.

وفي البلاد غير الإسلامية التي لا تعرف الخلع أصلاً، إذا كان الزواج قد تم وفق قوانينها، فمن واجب الزوجين القيام بإجراءات الطلاق الرسمي وفق إجراءاته القانونية. ولا يصح للزوجة بعد انتهاء عدتها الشرعية أن تتزوج زوجاً آخر إلا بعد انتهاء الإجراءات الرسمية للطلاق وفق القانون الذي تم عقد الزواج السابق في ظله.

 

2- اللجنة الدائمة للإفتاء بمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا([3]):

الأصل في الخلع أن يقوم به الزوج، ولا ينبغي أن يفتات عليه في ذلك، فهو صاحب العصمة، وهو الأحق بإمساك زوجه أو بتسريحها، ولكن الحاجة قد تمس إلى تدخل القضاء في بعض الحالات كنشوز بعض الأزواج وإصرارهم على عدم الاستجابة لما تسأله الزوجة من المفارقة، فعندئذ يتدخل القاضي للتوفيق أو للتفريق، فإن عجز عن الإصلاح بينهما، أمر الزوج بقبول المخالعة، فإن أبى الزوج تولى هذه المخالعة نيابة عنه، ومثل ذلك لو اختفى الزوج بعد طلب المخالعة، وأخفى عنوانه، ولم يكن ثمة سبيل إلى الوصول إليه، ولكن ينبغي على القاضي أن يعلم أن تدخله على خلاف الأصل، فعليه أن يعذر إلى الزوج، وأن يعلمه بطلب المخالعة من قبل زوجه، ويأمره بقبولها، ثم يكرر ذلك مرتين أو ثلاثاً، ويضرب له في كل مرة أجلاً ملائماً، ويتأكد من وصول الخبر إليه، ومن كون المدة التي ضربت له كافية للتدبر وإبرام أمره، بعد أن يكون قد قام بدوره في محاولات الإصلاح ما أمكن، فإن فشل في كل ذلك كان تدخله في نهاية المطاف لرفع الضرر عن المرأة. وما تلجأ إليه بعض المراكز الإسلامية من المبادرة إلى خلع الزوجة بمجرد الاستماع إلى شكواها دون محاولات جادة وحقيقية للوصول إلى الزوج والاستماع إليه وتمكينه من ممارسة حقه في مباشرة الخلع بنفسه، يعد من التسرع المذموم الذي يأثم به من فعله، ولا يبعد القول بعدم نفوذ الخلع في هذه الحالة، والله تعالى أعلى وأعلم.

 

جاء في بحث التفـريق القضائي([4]):

بخصوص القضاء في مسائل تتعلق بالأحوال الشخصية فقد ألف أحد مشاهير العلماء في الهند، ألا وهو الشيخ أشرف علي تهانوي كتاباً بعنوان “الحيلة الناجزة للحليلة العاجزة”، ألفه عام 1351هـ أي قبل خمسة وسبعين سنة (عند صدور الفتوى)، استشهد فيه بفتاوي العلماء المالكية لإيجاد مخرج لبعض الصور العويصة التي يعسر حلها حسب المذهب الحنفي مثل حكم امرأة المفقود والمجنون والغائب، وذكر في ضمن هذه المباحث مسألة نصب هيئة تحكيم أو فصل في الأمور من قبل جماعة المسلمين إذا عدم في بلد قاض مسلم.

قال: الأمر سهل بالنسبة للولايات الهندية التي يوجد بها قاض مسلم، أما المناطق التي تتبع الحكومة، ولا يوجد فيها قاض شرعي، يقوم فيها القاضي المعين من قبل الحكومة بإصدار حكمه بشرط أن يكون مسلماً وأن يكون حكمه موافقاً لقاعدة شرعية فيقبل حكمه مثل قضاء القاضي المسلم؛ لما في الدر المختار: ويجوز تقلد القضاء من السلطان العادل والجائر ولو كافراً ذكره مسكين وغيره.

أما إذا كان الحكم صادراً من حاكم غير مسلم فغير مقبول تماماً، ولا يتم الفسخ بحكمه أبداً؛ لأن الكافر ليس بأهل للقضاء على المسلم كما هو مصرحٌ في جميع كتب الفقه.

ثم قال: إذا كان الفصل بيد جماعة كما هو المتبع أحياناً أن الأمر يحال إلى عدد من القضاة أو إلى هيئة تحكيم أو إلى لجنة مكونة من عدد من الأشخاص وجب أن يكون جميع الأعضاء من المسلمين، وإذا وجد فيهم غير مسلم لم يقبل قضاؤهم ولم يصح التفريق من قولهم”. وإذا انعدم الحاكم المسلم في مكان أو تعذر المرافعة إلى محكمة قاض مسلم أو لم يكن القضاء حسب قواعد الشريعة من قبل القاضي المسلم، لم يبق – حسب المذهب الحنفي – أي حيلة للمرأة الطالبة للفراق إلا أن يطلقها الرجل أو يرضى بالخلع.

ولكن إذا امتنع الرجل من إيقاع الطلاق أو لم يمكن الاتصال به لأجل غيابه أو فقده أو جنونه، وكانت المرأة غير قادرة على الصبر، صار هناك مخرج لها – حسب المذهب المالكي – بأن ترفع أمرها إلى هيئة تحكيم مسلمة؛ لأن المالكية يجوزون هذه الصورة إذا انعدم القاضي في مكان، كما أفتى به العلامة الصالح التونسي المدرس في المسجد النبوي بالمدينة المنورة حيث قال: الذي عليه الجمهور وبه العمل وهو المشهور، أن ذلك التفريق ووسائله وما يتعلق به للحاكم، فإن عدم حساً أو اعتباراً فجماعة المسلمين الثلاثة فما فوق تقوم مقامه، ولا يكفي الواحد في مثل هذا، وإنما نسب ذلك للأجهوري في إحدى الروايتين عنه، وتبعه بعض الشراح من المصريين، والأول هو الذي عليه المعول، وعليه فلا لزوم لتعريف معرفة هذا الواحد ولا لبيان المهمات التي يرجع فيها إليه، على أن ذلك واضح وهي كونه عالماً عاقلاً مرجعاً لأهل بلده حجة في حل مشكلاتهم مطلقاً.

ولنا أسوة في “الإمارة الشرعية بمنطقة بيهار” بالهند، وأقامها المسلمون أيام الاستعمار الإنجليزي للفصل بين المسلمين في أقضيتهم، ولا تزال هذه الإمارة تواصل عملها حتى بعد استقلال الهند؛ لأن عمل هذه الإمارة يعتبر مساندة لعمل المحاكم الهندية التي تعاني من ضغط شديد عليها من جراء كثرة المرافعات لديها، فجاءت هذه الإمارة لتخفف عنها بعض الشيء.

 

ومن الجدير بالذكر أن عمل المجلس لا يقتصر على إصدار الفتاوي وإجراء أحكام الخلع والطلاق والفسخ بل يشمل النواحي الآتية أيضاً:

1-إجراء عقود النكاح.

2-الفصل بين النزاعات بالإضافة إلى ما مر بيانه من محاولة إيقاع الصلح بين الزوجين المتخاصمين.

3-إبداء الرأي الشرعي في المسائل التي تبعث إليه من قبل المحامين أو المحاكم البريطانية.

4-المثول شخصياً من قبل أحد أعضاء المجلس في المحاكم للإدلاء بالرأي الشرعي في الموضوع المسؤول عنه…


([1]) المنعقد بكوبنهاجن- الدانمارك مع الرابطة الإسلامية، في الفترة من 4-7 من شهر جمادى الأولى لعام 1425هـ الموافق 22-25 من يونيو لعام 2004م.

([2]) في دورته العادية الخامسة عشرة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث المنعقد باستانبول في الفترة: 22-26 جمادى الأولى 1426 الموافق: 29 يونيو – 3 يوليو 2005م قرار 3/15

([3]) موقع مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا.

([4]) بحث التفـريق القضائي من خلال قنـوات مجلس الشـريعة الإسـلامية للدكتور/ صهيب حسن – المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث.

المراجع

• موقع مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا
• موقع المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث
• موقع الشبكة الإسلامية
• موقع اللجنة الدائمة للإفتاء بمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا
• بحث التفـريق القضائي من خلال قنـوات مجلس الشـريعة الإسـلامية الدكتور/صهيب حسن المصدر
• المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث.

مسائل ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى