1. جرائم ذوي النفوذ.
2. جريمة استغلال السلطة.
3. جريمة إساءة استخدام السلطة.
يعرّف ذوو النفوذ عند القانونيين: بمن يسخر سلطته في اتخاذ القرار في المؤسسات الحكومية أو الأهلية لتحقيق المصالح الشخصية بما يتعارض مع النصوص النظامية السارية. فيكون استغلال النفوذ عندهم: الاستفادة من السلطة أو التأثير بها بصورة مخالفة للقانون.
وتفسر جريمة استغلال النفوذ في العرف الشرعي: أنها استعمالٌ للجاه السياسي أو المالي أو الاجتماعي … ونحوها لارتكاب أعمال مخالفة لمقاصد الشريعة الإسلامية ومقرراتها العامة.
وترد هذه الجريمة في مجالات عدة، من أبرزها:
1. مجال الاستهلاك: فقد تقوم بعض الشركات بتقليد العلامة التجارية المميزة بوضعها في البضائع المصنوعة محليا أو في بلدان آسيوية؛ وذلك: كقطع غيار السيارات والأدوات الصحية والملابس… وغيرها من المواد الاستهلاكية.
2. مجال الأراضي والعقارات: ويكون ذلك بالاستيلاء على الأراضي غير التابعة للدولة بوضع اليد عليها، ثم تثبيت ملكيتها لاحقا بالتلاعب ببعض القوانين واستغلال السلطة الوظيفية.
3. المجال الوظيفي والمهني: وتشكل المناقصات والمشتريات مجالا واسعا لاستغلال المنصب الوظيفي لتحقيق المصالح الشخصية؛ حيث تتوفر فرص كثيرة لتسخير المنصب لتحقيق هذا الغرض.
إذ قد يقوم بعضهم بإنشاء شركات تابعة له أو لقرابته لاحتكار التعامل معها في عقود المناقصات والمشتريات التي تنفذها الجهات الخاضعة لنفوذه بما يعود عليه أو قرابته بالنفع المادي.
فالسؤال الوارد هنا: ما عقوبة من يستغل نفوذه في دائرة عمله لتحقيق المصلحة الخاصة؟
أولا: يحرم استغلال النفوذ كما دل عليه أدلة كثيرة، من جملتها:
- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ) ]النساء: 29[.
- وقوله- عليه الصلاة والسلام-: (فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا). [أخرجه البخاري برقم: (1652) 2/619، ومسلم برقم: (1679) 3/1305].
- قوله تعالى: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ۚ فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ۖ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا ۖ وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) المائدة: 42[.
وجه الدلالة: أن استغلال النفوذ – في كثير من صوره – يتضمن الاعتداء على حرمة المال العام، وانتهاك الأعراض، وأكل أموال الناس بالباطل بتعاطي الرشوة؛ فتكون هذه الجريمة بهذه الاعتبارات داخلة في عموم النصوص المتقدمة.
- حديث أبي أمامة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – ﷺ-: (من شفع لأحد شفاعة، فأهدى له هدية فقبلها، فقد أتى بابا عظيما من الربا). [أخرجه أحمد برقم: (22251) 36/588].
- وفي قصة ابن اللتبية لما استعمله النبي – ﷺ- على صدقات بني سليم، وقال: “هذا مالكم وهذا هدية” صادره النبي – ﷺ – وقال له: (فهلا جلست في بيت أبيك وأمك، حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا..) [أخرجه البخاري برقم: (6979) 9/28، ومسلم برقم: (1832) 3/1463].
ثانيا: يعاقب من يستغل نفوذه بحسب ما يؤدي إليه من جرائم وآثار؛ وذلك لا تخلو من إحدى صورتين:
الأولى: أن يستغل نفوذه لارتكاب جرائم توجب عقوبة مقدرة، فمن استغل نفوذه بالاعتداء على غيره بالزنا أو قتل النفس أو الاعتداء على جسد المجني عليه… وجب عليه الحد في الحالة الأولى، والقصاص في الحالة الثانية إذا توافرت فيهما الشرائط المعتبرة، وعوقب في كلتا الحالتين بالفصل من الوظيفة كعقوبة تابعة إذا لم يؤد ذلك إلى فوات محل العقوبة؛ وذلك للإخلال بواجب العمل والتزاماته المنصوصة في العقد بين الطرفين.
الصورة الثانية: أن يستغل نفوذه لممارسة الجرائم التعزيرية، كما لو استغل سلطته لممارسة الغش بالتقليد أو أخذ الرشوة أو المحاباة في توزيع العقود الواقعة تحت مسؤوليته أو انتزاع الملكية العامة للأراضي التابعة للدولة… فهذه الصور كلها يعاقب عليها عقوبة تعزيرية بما يراه الحاكم من مصادرة المال، والحبس، والحرمان من بعض المزايا الوظيفية أو الفصل… مع ضرورة ملاءمة العقوبة المقررة للجناية، وتحقيقها لمقصد التعزير، وتقديرها للمآلات….
1. التأديب العسكري في النظام السعودي – دراسة مقارنة، د. حسين عبد الله آل مفتاح القحطاني، دكتوراه بقسم السياسة الشرعية، المعهد العالي للقضاء، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عام: 1432هـ/ 2011م..
2. جرائم استغلال النفوذ – تعريف وأمثلة من مجتمعات الخليج وشبه الجزيرة، مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية، شهر أكتوبر / محرم عام 1985 م.
3. جريمة استغلال النفوذ – دراسة مقارنة، نصر جورج، رسالة ماجستير بالجامعة الأردنية عام: 2000 م.
4. جريمة استغلال النفوذ في القانون الجنائي، إعداد: خوجه فارس، ماجستير بكلية الحقوق والعلوم السياسية.