قسم الجنايات والقضاء والعلاقات الدوليةباب العقوبات

جريمة البلاغ الكاذب

مسألة رقم 290

العناوين المرادفة

1. الجناية بالبلاغ الكاذب.
2. الكذب في دعوى الجناية.

صورة المسألة

جريمة البلاغ الكاذب: هو إخبار السلطات العامة بحدوث واقعة تستوجب عقاب من صدر بحقه البلاغ، ودلالة الواقع – بالنظر إلى الأدلة المادية – تدل على خلافه.
وذلك مثل: أن يبلغ السلطات الأمنية بأن بيتا بعينه يُمارس فيه الفجور، ويثيب باستقراء الأدلة وتتبع الحال أن هذا البلاغ عار عن الصحة، ولا يطابق الواقع، أو يتهمَ شخصا بعينه بالاستعداد لتفجير موقع معين، ثم تثبت بالأدلة براءتُه من الجريمة.
فإذا بلّغ شخص عن جريمة بحق شخص أو اتهم جهة معينة بممارسة الجرائم، وثبت بالأدلة كذبُ المدعي في دعواه، وبراءةُ المتهم وخلو ساحته من الجريمة، يرد السؤال حينئذ في العقوبة المترتبة على هذا الفعل؟

حكم المسألة

أولا: يعد البلاغ الكاذب جريمة نكراء اجتمع فيها ما يلي:

  1. الكذب في الدعوى: وممارسة الكذب والافتراء ثبت تحريمه بالنص والإجماع، وهو من المعلوم من الدين بالضرورة، ويشتد هذا التحريم إذا كان ذلك في مجال التقاضي، وتعلق بكرامة الفرد وسمعة المؤسسات العامة.
  2. الاعتداء على عرض المجني عليه وتشويه سمعته: وقد تضافرت الأدلة الشرعية القاطعة على ضرورة صيانة كرامة المسلم، وتحريم الاعتداء على سمعته، وجاء ذلك ضمن الكليات الخمسة التي قررتها الشريعة، وسعت لحمايتها.
  3. السخرية بالناس والاستخفاف بهم؛ وذلك مما ثبت تحريمه على لسان الشارع في قول الحق تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ) ]الحجرات:١١[.
  4. أنه ينافي الكليات الخمسة التي قررتها الشريعة، وهي: حفظ الدين والنفس والمال والعرض والنسب؛ والبلاغ الكاذب يخل بهذه الكليات، وينافي المحافظة عليها.

 

ثانيا: يعاقب من اعتدى على سخص بالبلاغ الكاذب عقوبة تعزيرية بما يراه الحاكم مناسبا للجريمة، ورادعا لكل من تسول له نفسه الإساءةَ للأفراد أو المؤسسات بالبلاغ الكاذب؛ وذلك:

  1. أن الأصل في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة يجب فيها التعزير، والبلاغ الكاذب اعتداء على الكليات الخمس، ولم يرد بشأنه حد ولا كفارة؛ فيلزم منه التعزير.
  2. ولأن الأصل أن الكذب إذا أخل بالعرض أوجب عقوبة رادعة؛ أصله القذف.

جاء في تبصرة الحكام: “أن من قام بشكية بغير حق أو ادعى باطلا فينبغي أن يؤدب”([1])

وورد في الكشاف: “أنه إذا ظهر كذب المدعى في دعواه بما يؤدي به المدعى عليه فإنه يعزر لكذبه وأذاه للمدعى عليه”([2])

ويجب للمتضرر بالبلاغ الكاذب سواء كان فردا أو مؤسسة تعويضه عن الضرر الواقع به نتيجة هذا البلاغ على ما تقتضيه قواعد العقوبات للأضرار المعنوية.


([1]) 1/51.

([2]) 6/128.

المراجع

1. تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام، لإبراهيم بن علي بن محمد اليعمري الشهير بابن فرحون (ت: 799هـ).
2. جريمة البلاغ الكاذب – دراسة مقارنة، لحبيب بن مجري القحطاني، بحث تكميلي لنيل درجة الماجستير في السياسة الشرعية، المعهد العالي للقضاء، عام: 2001 م.
3. جريمة البلاغ الكاذب والتعويض عنها، لعلي بن عوض حسن، دار محمود للنشر.
4. كتاب التعزير، لعبد العزيز بن محمد الصغير.
5. كشاف القناع عن متن الإقناع لمنصور بن يونس البهوتي الحنبلي
(ت 1051ه‍).

مسائل ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى