عقد الزواج في المحاكم الوضعية في غير البلاد الإسلامية.
أن يذهب من يرغب في الزواج إلى المحاكم الوضعية؛ لكي يقوم القاضي غير المسلم بعقد الزواج بين الزوجين وفق شروط محددة
إذا كان المراد توثيق العقد في المحاكم المدنية وسجلات الدولة فهذا مما لا بأس به، أما إن كان المراد إنشاء العقد الشرعي المبيح للعلاقة الزوجية، فإن العلماء المعاصرين اختلفوا في صحة هذا العقد على اتجاهين:
الاتجاه الأول : عدم صحة هذا العقد وهو ما ذهب إليه مجمع فقهاء أمريكا.
جاء في موقع مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا([1]) نص البيان الختامي للمؤتمر الثاني لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا([2]) على أن الزواج المدني الذي تجريه المحاكم الأمريكية عقد تتخلف فيه بعض أركان الزواج وشروطه، الأمر الذي تنتقض به مشروعيته، لكنه إذا وقع وكان قد تحقق له الإشهار، وخلا من موانع الزواج ترتبت عليه الآثار المترتبة على عقد الزواج، وذلك لأجل ما فيه من الشبهة، ولكن يجب إعادته في الإطار الإسلامي مستكملاً أركانه وشروطه الشرعية.
وقال الدكتور سالم بن عبد الغني الرافعي في (أحكام الأحوال الشخصية للمسلمين في الغرب):
الزواج المدني عقدٌ فاسدٌ لا يحل الدخول على المرأة، بل لا بد من عقد شرعي لاستحلال الدخول عليها، ولا مانع شرعاً من إجراء العقد المدني بعد ذلك، لا لاستحلال الدخول به، ولكن لضمان حقوق الطرفين؛ إذ إن الدولة لا تعتد بغيره بشرط تفادي المفاسد التي يسببها من خلال إلزام الطرفين نفسيهما بأحكام الشريعة.
وإنْ عقد الرجل على المرأة عقداً مدنياً ودخل بها دون عقد شرعي ففعله حرام، ويجب عليه المبادرة إلى إجراء عقد شرعي يستحل به الدخول، إلا أن دخوله بالمرأة قبل العقد الشرعي وإن وصم بالحرمة لا يصل إلى درجة الزنا، ولا يعتبر أولاده غير شرعيين؛ لأنه عقد مشتبه به وليس مقطوعاً ببطلانه([3]).
واستدل المانعون بأن العقد تتخلف فيه بعض الأركان والشروط.
الاتجاه الثاني: جواز ذلك العمل وصحته:
واستدل المجيزون بأن المقصود بالعقد التوثيق وهو حاصل بفعل المحاكم المدنية، وتخلف الشهود والولي لا يضر أما الشهود فلأن المقصود باشتراطهم إعلان النكاح، وأما الولي فهو محل خلاف والحنفية لا يرونه.
1- فتوى الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء:
إن عقد الزواج القانوني الذي يعقد في أي بلد غير إسلامي يعتبر عقداً شرعياً إذا تمّ بين زوجين لا يوجد هناك مانع شرعي من الزواج بينهما؛ لأن الركن الأول في عقد الزواج الشرعي، وفي أي عقد شرعي آخر هو الإيجاب والقبول من الطرفين. وهذا متوفّر في عقد الزواج القانوني كما يتوفّر فيه عادة الإعلان.
أما شرط الشاهدين فهو عند بعض المذاهب لضمان إعلان الزواج وهذا حاصل.
وأمّا شرط موافقة الولي فهو غير مجمع عليه بين المذاهب، وإذا وقع فهو تأكيد لشرعية الزواج القانوني.
إلاّ أن المسألة الوحيدة التي يمكن أن تجعل الزواج القانوني الأوروبي غير شرعي، هي مسألة عدم مراعاة الموانع الشرعية. فلا يجوز مثلاً من الناحية الشرعية أن يتزوّج الرجل أخته من الرضاعة. ويجوز ذلك في القوانين الأوروبية. فإذا وقع مثل هذا الزواج في أي بلد أوروبي فلا يمكن اعتباره زواجاً شرعياً نظراً لوجود المانع الشرعي.
أمّا إذا وقع الزواج القانوني بين رجل وامرأة لا يوجد مانع شرعي من زواجهما، فإن هذا الزواج يمكن اعتباره زواجاً شرعياً، ومثل هذا الزواج يمكن أن تعترف به المحاكم الشرعية في بلادنا الإسلامية.
أما إذا كان الزواج القانوني في أوروبا جرى بين شخصين لا يوجد مانع شرعي من زواجهما، فإن المعاشرة الزوجية بناءً على هذا العقد تكون جائزة. وفي حالة وجود مانع شرعي من موانع الزواج تكون المعاشرة الزوجية حراماً. ويقوم العقد القانوني مقام عقد الزواج الإسلامي في حال عدم وجود الموانع الشرعية، وخاصّة فيما إذا كان الزوجان من الجنسية الأوروبية.
أمّا إذا كان أحدهما أو الاثنان من جنسية إحدى البلاد الإسلامية فيجب أن يعقد الزواج في هذا البلد الإسلامي، وذلك لضمان خضوع الزوجين للأحكام الشرعية المتعلّقة بآثار هذا الزواج ونتائجه كالطلاق والحضانة والميراث وغيرها.
وإذا كان الزوجان أو أحدهما من جنسية إحدى البلاد الإسلامية وعقدا زواجاً قانونياً في أوروبا فهو زواج صحيح من الناحية الشرعية ولا تعتبر المعاشرة بينهما حراماً، ولكنّهما يأثمان لرضاهما بالاحتكام إلى شريعة غير إسلامية مع قدرتهما على الخضوع للأحكام الشرعية([4]).
([1])http://www.amjaonline.com/ar_d_details.php?id=82
([2]) المنعقد بكوبنهاجن- الدانمارك مع الرابطة الإسلامية، في الفترة من 4-7 من شهر جمادى الأولى لعام 1425هـ الموافق 22-25 من يونيو لعام 2004م
([3]) أحكام الأحوال الشخصية للمسلمين في الغرب- 406-407
([4]) (أون إسلام) http://www.onislam.net/arabic/ask-the-
• الخلاصة في فقه الأقليات.
• موقع الإسلام سؤال وجواب.
• موقع الشيخ الفوازان.
• موقع مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا الشمالية.
• موقع فضيلة الدكتور يوسف الشبيلي.
• موقع أون إسلام.
• أحكام الأحوال الشخصية للمسلمين في الغرب.