صلاة الجماعة لفرض واحد أكثر من مرة.
تعدد الجماعات في المسجد الواحد.
نظراً لقلة المساجد في بلاد الأقليات المسلمة، وغلاء الأراضي، يضطر المسلمون أحيانا لصلاة الجماعة في المسجد الواحد عدة مرات، فما حكم ذلك؟
أصل المسألة خلافية، ونذكر فيها قولين:
القول الأول: ورد عن ابن مسعود وسفيان وابن المبارك ومالك والشافعي أنهم اختاروا الصلاة فرادى.
أدلة هذا القول:
1- قول ابن مسعود رضي الله عنه : “كنا إذا فاتتنا الجماعة صلينا فرادى”.
2-الخشية أن يؤدي ذلك للفرقة فيتأخر الناس ليصلوا مع الشيخ الذي يوافق هواهم، مما يولد الضغينة والكراهية والأحقاد.
وهذا القول وإن كان في صورة أخرى غير الصورة الحادثة، لكن من أهل العصر من قاسها عليها؛ لأن ضيق المكان كالتأخر لسبب ما.
القول الثاني: جواز تكرار صلاة الجماعة في مسجد واحد، وذلك للتأخر عن الجماعة الأولى، أو لضيق المكان، أو نحو ذلك.
قال بهذا الرأي كثير من المعاصرين، ومنهم على سبيل المثال: مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، في فتواه بعنوان: “هل لرجالٍ تأخروا عن الجماعة في المسجد ووجدوا الناس قد صلوا أن يصلوا في المسجد جماعة أخرى أم لا؟”([1]).
أدلة هذا القول:
1- قول الله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن: 16].
2- قوله ﷺ : “إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم”. [رواه البخاري برقم 7288 ومسلم برقم 1337].
3- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ أبصر رجلاً يصلي وحده فقال: “ألا رَجُلٌ يتصدق على هذا فيصلي معه؟” فقام رجل فصلى معه. وفي رواية للترمذي عن أبي سعيد t قال: جاء رجل وقد صلى رسول الله ﷺ فقال: “أيكم يتّجر على هذا؟” فقام رجل فصلى معه. [رواه الترمذي (ح217) وقال الترمذي: حديث حسن، ورواه الحاكم أيضاً وصححه].
وهذا الخبر دليل على جواز تكرار صلاة الجماعة للمتأخر، وضيق المكان أولى بالمراعاة والعذر.
([1]) انظر: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء (6/210-211، برقم 17170). (6/214، برقم 16593) (6/215، برقم 20242) (7/311-313، برقم 2583) بتاريخ 1-1-2000م.
• موقع مجمع فقهاء علماء أمريكا الشمالية.
• فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء جمع وترتيب أحمد بن عبد الرزاق الدويش.
• أحكام المساجد في الشريعة الإسلامية، رسالة ماجستير، إعداد: إبراهيم بن صالح الخضيري، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كلية الشريعة- قسم الفقه 1406هـ.
• أحكام التعدد في العبادات، رسالة ماجستير، إعداد: أحمد بن يحيى بن محمد حريصي، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، المعهد العالي للقضاء، قسم الفقه المقارن 1422هـ.