قسم الأقليات المسلمةباب العبادات

تكرار صلاة الجمعة في مسجد واحد لضيق المكان

مسألة رقم 1

العناوين المرادفة

تعدُّدُ الجماعة في مسجد واحد.
إقامة أكثر من صلاة جماعة في مسجد واحد.

صورة المسألة

في بلاد غير المسلمين لا يسمح بالخروج من العمل للصلاة، ويوم الجمعة يوم عمل في تلك البلاد، وفي ساعة الراحة يخرج المسلمون للمساجد للصلاة في ذلك الوقت، وأحياناً يأتي المسلم فتكون الجمعة قد صُلِّيت، أو يضيق المسجد بالعدد، أو يكون المسجد بعيداً على بعض من تجب عليهم، فيضطر بعضهم للصلاة أوَّلاً، ثم يخرج لتدخل جماعة أخرى لتصلي، وهكذا… فهل يجوز تكرار صلاة الجمعة في مسجد واحد لضيق المكان؟

حكم المسألة

الأصل أنه حين ينادى بالصلاة من يوم الجمعة أن يلبي جميع المسلمين النداء للصلاة؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) الجمعة 9-10.

فالجمعة واجبة على كل مسلم مكلف مقيم في جماعة، وفي بعض الظروف التي يعيشها المسلمون في بعض البلاد غير الإسلامية يصعب أداؤها على الجميع في وقت واحد، فهل يجوز أن تصلَّى في المسجد الواحد أكثر من مرة؟

 

اختلف علماء العصر على قولين:

القول الأول: إجازة تكرار صلاة الجمعة في مسجد واحد لضيق المكان.

ذهب إلى هذا القول مجمعُ فقهاء الشريعة بأمريكا الشمالية.

ففي موقع المجمع على الإنترنت([1])، جاء الجواب عن سؤال عن الشروط التي تجيز تعدد صلاة الجمعة في المسجد الواحد كالآتي: “الأصل هو وحدة الجمعة، وأن تكون في المسجد الجامع، فإذا ضاق بأهله، جاز تعدّدها ولا حرج، بالقدر الذي تندفع به الحاجة وتتحقق به المصلحة”.

وفي فتوى للمجمع نفسه([2])، قالوا ردّاً على سؤال حول تكرار صلاة الجمعة في المسجد الواحد لضيق المكان: “لما كانت الحاجة في الغرب ماسة إلى مثل هذا التعدد في كثير من الأماكن، وكان اعتبار الحاجات مقررا في الجملة عند علماء المذاهب المتبوعة، أمكن القول بأن هذا التعدد تدعو الضرورة إليه مما تتسع له أصول المذاهب جميعاً”.

وفي فتوى للمجمع نفسه([3])، حول نفس الموضوع قالوا: “فإذا كان هذا هو الحل (تكرار الجماعة) لاستيعاب المصلين فلا حرج”.

وأجاز المجمع([4]) تكرار صلاة الجمعة في المسجد الواحد، قائلاً: “فكما يجوز تعدد الجمعة في المساجد المختلفة في البلد الواحد عند الحاجة، يجوز تكرارها في المسجد الواحد لنفس الأسباب”.

 

القيود التي وضعوها لإجازة هذا القول:

1- ألا يكون هناك مكان يسع الجميع.

2- ألا تكون الجماعات المختلفة مبنية على التحزب.

3- ألا يكون السبب الترفيه.

 

أهمّ أدلة هذا القول:

صلاة الجمعة فريضة، وحاجة المسلمين لأدائها في جماعة تُنَزَّل منزلة الضرورة.

أصول المذاهب الشرعية تتسع للقول بالإجازة عند وجود ضرورة.

القياس على تعدد صلاة الجمعة في المساجد في البلدة الواحدة، الذي أجازه بعض العلماء.

 

القول الثاني: منع تكرار صلاة الجمعة.

ذهب إلى هذا القول:

اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية([5])، ردّاً على سؤال انقسام المصلين الذين يعملون في مؤسسات على أجهزة حساسة، في مكان عملهم، جاء فيها: “لا بأس بانقسامكم إلى جماعتين لأداء الصلاة في مكان العمل؛ لأن طبيعة عملكم تقتضي ذلك، ولكن لا تصح منكم صلاة الجمعة في مكان عملكم؛ لأن الواجب في حقكم أن تصلوها في المسجد الجامع القريب منكم، ولكن نظراً لتطلب ظروف عملكم تبقى طائفة منكم عند أجهزة العمل، وطائفة تذهب لتصلي الجمعة مع الناس في المسجد، ثم تأتي وتمسك العمل عن الطائفة الباقية في العمل لتصلي ظهراً أربع ركعات”.

فقد أسقطت الفتوى صلاة الجمعة عن المجموعة التي ظلت في العمل ولم تدركها، وجعلتهم يصلونها ظهراً أربعاً.

شيخ الجامع الأزهر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق –رحمه الله- فقد منع من إقامة أكثر من جمعة في مسجد واحد، بالرغم من إجازته تكرارها في أكثر من مسجد([6]).

شيخ الجامع الأزهر الشيخ محمود شلتوت –رحمه الله- حيث قال: “والدعوة إلى إقامة الجمعة مرتين في مكان واحد، ووقت واحد، في جماعتين بخطبتين لم تعهد في حاضر الإسلام ولا ماضيه، ولم يعرف لها سند في أصل التشريع”([7]).

وقال في موضع آخر: “أما أن يجمع النساء أولاً ثم الرجال ثانياً، أو يجمع بعض الرجال أولاً، والبعض الآخر ثانياً، فهذا لم يقل به الشيخ أحمد، ولا غيره، ما دامت الصلاة هي صلاة الجمعة”([8]).

 

أهم أدلة القول الثاني:

أن تكرار الجمعة في المسجد الواحد سيؤدي للفرقة والتشتت، وهو ما نهت عنه الشريعة الإسلامية.


([1]) بتاريخ 1-1-2000م.

([2]) بتاريخ 29-6-2008م.

([3]) بتاريخ 5-8-2009م.

([4]) بتاريخ 17-6-2010م.

([5]) الفتوى رقم (21575، 77/7).

([6]) الفتاوى الإسلامية 4/42.

([7]) الفتاوى للإمام الأكبر محمود شلتوت ص 93.

([8]) الفتاوى للإمام الأكبر محمود شلتوت ص 94-95.

المراجع

• الموقع الإلكتروني لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا.
• فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية، جمع وترتيب أحمد بن عبد الرازق الدويش.
• الفتاوى، للإمام الأكبر محمود شلتوت، دار الشروق.
• الفتاوى الإسلامية، لفضيلة الشيخ الأكبر جاد الحق علي جاد الحق، دار الفاروق للنشر والتوزيع الطبعة الأولى 2005م.

مسائل ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى