تفجير المسلم نفسه بقصد الشهادة في سبيل الله.
مسألة رقم 225
1. العمليات الفدائية.
2. العمليات الانتحارية.
3. التفجيرات الانتحارية.
4. الهجمات الانتحارية.
5. العمليات الاستشهادية.
إذا كان المسلم يعيش مع غير المسلمين من المواطنين أو المقيمين أو من يعتقدهم مرتدين عن دين الله – عز وجل – هل يجوز له استهدافهم بتفجير نفسه معهم بغرض نيل الشهادة في سبيل الله تعالى؟
وبعبارة أخرى: هل تعد العمليات التفجيرية بقصد الشهادة داخلا في مفهوم الجهاد؟
هذه المسألة بالنظر إلى الواقع لها جملة من الصور؛ وحاصلها: أن الذي يفجر نفسه لغرض الشهادة إما يستهدف بذلك المسلمين أو غيرَهم، وإذا كان المستهدفون من غير المسلمين فلا يخلو ذلك: من أن يكونوا حربيين أو مسالمين من المعاهدين أو الذميين؛ وبالتالي تكون الأقسام ثلاثة، وسينحصر بيان الحكم في هذه المسألة في الصورتين:
الأولى: إذا استهدف بتفجير نفسه المسلمين
الثانية: إذا استهدف بتفجير نفسه الكفار المسالمين
أما الصورة الثالثة: وهي استهداف الحربيين بالعمليات التفجيرية فسيأتي بيان حكمها في المسألة التالية: (تفجير المسلم نفسه في حرب قائمة بين المسلمين والكفار).
وقبل الشروع في بيان الحكم يحسن بيان ضوابط الجهاد التي اتفق الفقهاء على اعتبارها استقراء لنصوص الشارع ومقاصده في هذا الباب، ويمكن تصنيفها إلى قسمين:
الأول: ضوابط تتعلق بالمجاهد نفسه، وهي:
- أن يلتزم الإخلاص في قصده للجهاد في سبيل الله ليكون لإعلاء كلمته وإعزاز دينه.
- أن يكون على قدرة في كسر شوكة العدو؛ فالإقدام على الجهاد دون وجود قوة من الجيش والعتاد – تمكن المجاهدين من إضعاف أعداء الله – خروجٌ عن مفهوم الجهاد ومقاصده في إعلاء كلمة الله والنصرة لدينه.
- ألا يترتب على القتال مفاسد أعظم من تركه؛ إذ القاعدة الشرعية المعتبرة: أن مراعاة المآلات من المصالح والمفاسد أمر معتبر في باب الجهاد، ويتأيد بالنظر في مراحله التشريعية.
- أن يكون إقدامه على الجهاد مبنيا على راية شرعية بإذن من إمام المسلمين؛ لحديث: (من قتل تحت راية عمية يدعو عصبية أو ينصر عصبية فقتلة جاهلية). [أخرجه مسلم برقم: (1850) 3/1478].
الثاني: ضوابط تتعلق بالكافر الذي يقاتَل لغرض الجهاد، وهي:
- ألا يكون الكافر ذميا، وهو الكافر الذي يقيم بدار الإسلام.
- ألا يكون معاهدا، وهو الذي بينه وبين المسلمين صلح وهدنة.
- ألا يكون مستأمنا، وهو الحربي إذا دخل دار الإسلام بأمان من السلطان أو أحد من المسلمين.
- أن يكون المقاتَل من أهل القتال؛ فليس صبيا، ولا شيخا هرما، ولا امرأة، ولا من اعتزل الناس كالرهبان…
وهذه الضوابط هي التي تحدد مفهوم الجهاد الذي تترتب عليه آثاره الشرعية من الشهادة في سبيل الله ذروةِ سنام الإسلام، وما يترتب عليها من عظيم الأجر، والفوز بالجنان…
أما بيان الحكم في الصورتين فهو فيما يلي:
الصورة الأولى: أن يستهدف بتفجير نفسه قتال المسلمين من ولاة أمرهم أو من يواليهم، فهذا العمل محرم بإجماع المعاصرين؛ لأنه بالإضافة إلى كونه قاتلا لنفسه – يستحق العقوبة الأخروية على ما مر – يكون قد قتل أنفسا معصومة بغير حق، وهذا مما أجمِع على تحريمه، وتضافرت فيه الأدلة الشرعية القاطعة؛ ومن جملتها:
- قوله تعالى: ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا )[النساء:93].
- قوله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) [إسراء:33].
- قوله–عليه الصلاة والسلام-: (فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا..) [أخرجه البخاري برقم: (1739) 2/176، ومسلم برقم: (1679) 3/1305].
- قوله – ﷺ- : (اجتنبوا السبع الموبقات)، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: (الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق….). [أخرجه البخاري برقم: (2766) 4/10، ومسلم برقم: (145) 1/92].
- قوله–ﷺ: (لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم). [أخرجه الترمذي برقم: (1395) 4/16، والنسائي برقم: (3987) 7/82].
- قوله-ﷺ-: (لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة). [أخرجه البخاري برقم: (6878) 9/5، ومسلم برقم: (1676) 3/1302].
وجه الدلالة من هذه النصوص: أنها كلها تدل على تحريم القتل؛ إما بالتنصيص على تحريمه، أو استعمال أسلوب النهي، أو ترتيب الوعيد الشديد عليه؛ فدل ذلك كله على أن النفوس معصومة لا يجوز قتلها أو الاعتداء عليها إلا بحق.
والحق الذي يوجب قتل النفس ينحصر في القصاص أو الردة، أو ثبوت زنا المحصن.
- أن التفجيرات الانتحارية تؤدي إلى تكفير المسلمين، والخروج عن طاعة السلطان، وقتل الأنفس المعصومة، وترويع الآمنين والإخلال بالأمن العام، وتدمير المنشآت العامة والخاصة؛ وكل هذه الأمور مما ورد الشرع بتحريمه.
وشبهتهم في استهداف المسلمين تستند إلى تأويل النصوص المتعلقة بالجهاد، وصرفها عن ظواهرها، والتوسع في التكفير، وبناء أحكام الجهاد على الأقيسة الفاسدة.
أما استهدافهم لحكام المسلمين فيبررونه بجملة أمور؛ من أبرزها:
- أن الحكام مرتدون بسبب استبدالهم للأحكام الشرعية بالأحكام الوضعية؛ وذلك يوجب التكفير؛ لقوله تعالى: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة:44]
- أن الله – تبارك وتعالى – أوجب تطبيق أحكام الشريعة؛ وذلك يتطلب وجود دولة إسلامية، فيجب إيجادها، ولا توجد إلا بالقتال، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ونوقش من وجهين:
الأول: أن الحكم بغير ما أنزل الله لا يوجب بمجرده التكفير؛ بل لا بد أن يقترن ذلك اعتقاد الحاكم كونه أصلح للخلق، وأما ما كان دافعه الهوى أو التساهل أو الإكراه … فلا يدخل في حكم الآية.
ويروى عن ابن عباس – رضي الله عنهما – في قوله تعالى: ( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة:44] – أنه قال: “من جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومن أقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق”
الثاني: على فرض كونهم مرتدين فإن أمر الجهاد كما تقرر موكول إلى السلطان وحده.
ونوقش الثاني من وجهين:
الأول: أن تطبيق أحكام الشريعة يكون على كل بحسبه، فيلزم كل من الفرد والمجتمع ثم الدولة تطبيق ما خوطب به من أحكام الشريعة، والكلٌ مسؤول عما استرعاه الشرع.
الثاني: أن وجوب إقامة الدولة الإسلامية لا يستلزم إقامتها بالقتال؛ لأنها تقام بالقتال وبغيره؛ والأعم لا يستلزم الأخص، فلا يلزم من ثبوتها بالقتال في بعض الصور بناء على توافر شروطه أن يتعين القتال في إقامتها بالجملة.
يؤيده أن النبي – ﷺ– أسّس الدولة الإسلامية في المدينة دار الهجرة، ولم يكن ذلك حاصلا بالقتال، وما قام به من غزوات كان على سبيل الدفاع وتبليغ رسالة الإسلام في العالمين.
وأما استهدافهم للمدنيين وعامة المسلمين فيبررونه بما يلي:
- أن من لم يكفر الكافر يكون كافرا بناء على رأي بعض أهل العلم في الكافر المعيّن، وإذا كان كافرا لزم من ذلك أن يكون محلا للجهاد في سبيل الله.
- قياس استهداف شخص بالمتفجرات ليُقتَل ومن معه من الأبرياء على جواز رمي الترس من المسلمين إذا تترّس بهم الكفار، والجامع: اشتراك الصورتين في قتل من لا يجوز قتله للخلوص من مباح الدم.
ونوقش الأول من وجوه:
الأول: أن قياس العمليات التفجيرية على مسألة التترس يرد عليه الفرق، والفارق: أن مسألة التترس خاصة بحال مواجهة العدو بخلاف الهجمات الانتحارية فهي تقع في حال السلم، كما يختلف حال المتترس به عن حال الحرّاس ومن يمر بجوارهم.
الثاني: أن هذا القياس يرد عليه الاختلاف في الأصل؛ وذلك مما يقدح في صحة القياس؛ لأن الفقهاء اختلفوا في جواز رمي الترس المسلم في مسألة التترس بأسارى المسلمين على قولين.
ونوقش الثاني من وجهين:
الأول: أن تكفير من لا يكفِّر الكافر المعين صحيح إذا كان كفره مجمعا عليه، أما من كان كفره مختلفا فيه كتارك الصلاة مثلا لا يجوز تكفيره حتى على رأي من يقول بتكفير من لا يكفر الكافر.
الثاني: أن استصحاب الحكم المجمع عليه إلى صورة الخلاف لا يجوز عند أهل التحقيق؛ لأنه استصحاب للحكم إلى محل انتفائه، فاستصحاب الحكم المختلف فيه أولى بعدم الجواز.
وبيان ذلك: أن تكفير من لا يكفر الكافر المعين مختلف فيه، وبالتالي فلا يمكن استصحاب هذا الحكم المختلف فيه مع فوات المعنى الموجب له، وهو الكفر بالتعيين إلى محل آخر.
الصورة الثانية: أن يستهدف بتفجير نفسه كفارا مسالمين، فيدخل في ذلك المواطنون منهم، والمقمون، سواء كانوا معاهدين، فذهب إليهم في بلدهم، أو كمن يعيشون في بلاد المسلمين، مواطنين كانوا، أو مقيمين، أو زائرين، فهؤلاء جميعاً ممن دخلوا البلاد الإسلامية بتأشيرات رسمية؛ لأنهم بهذه التأشيرات مستأمنون لا يجوز قتلهم، ولا الاعتداء عليهم بإجماع المعاصرين؛ وهذا الإجماع يستند إلى الأدلة الدالة على وجوب حماية المستأمنين ومن في حكمهم، وعدم الاعتداء عليهم، ومن أبرزها:
- قوله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) [الإسراء:33].
- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة:1].
- قوله – عليه صلاة والسلام – : (المؤمنون تكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم ألا لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد بعهده..). [أخرجه أبو داود برقم: (4734) 8/19، والنسائي برقم: (4530) 4/180].
- قوله -ﷺ-: (من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما). [أخرجه البخاري برقم: (3166) 4/99].
- قوله -ﷺ -: (إذا أمن الرجل الرجل على نفسه، ثم قتله، فأنا بريء من القاتل وإن كان المقتول كافرا). [أخرجه البيهقي برقم: (2886) 3/401].
فإذا ثبت أن هذه التفجيرات الانتحارية محرمة، وأنها تشتمل على قتل الأنفس المعصومة وتدمير الممتلكات وترويع الآمنين…كانت بهذه الأوصاف من جنس الحرابة الواردة في قوله تعالى:(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [المائدة:33].
وهذا ما صدر به قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي، وقرار هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، وبيان المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، وهو المفتى به في دار الإفتاء المصرية.
ملحق المسألة: قرار هيئة كبار العلماء رقم: (148) وتاريخ: 12/1/1409هـ.
فإن مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الثانية والثلاثين، والمنعقدة في مدينة الطائف ابتداء من 8/ 1/ 1409 إلى 12/1/1409هـ. بناء على ما ثبت لديه من وقوع عدة حوادث تخريب ذهب ضحيتها الكثير من الناس الأبرياء، وتلف بسببها كثير من الأموال والممتلكات والمنشآت العامة في كثير من البلاد الإسلامية وغيرها، قام بها بعض ضعاف الإيمان أو فاقديه من ذوي النفوس المريضة والحاقدة، ومن ذلك: نسف المساكن، وإشعال الحرائق في الممتلكات العامة والخاصة، ونسف الجسور والأنفاق، وتفجير الطائرات أو خطفها.
وحيث لوحظ كثرة وقوع مثل هذه الجرائم في عدد من البلدان القريبة والبعيدة، وبما أن المملكة العربية السعودية كغيرها من البلدان عرضة لوقوع مثل هذه الأعمال التخريبية؛ فقد رأى مجلس هيئة كبار العلماء ضرورة النظر في تقرير عقوبة رادعة لمن يرتكب عملا تخريبيا، سواء كان موجها ضد المنشآت العامة والمصالح الحكومية، أو موجها لغيرها بقصد الإفساد والإخلال بالأمن. وقد اطلع المجلس على ما ذكره أهل العلم من أن الأحكام الشرعية تدور من حيث الجملة على وجوب حماية الضروريات الخمس والعناية بأسباب بقائها مصونة سالمة، وهي: الدين، والنفس، والعرض، والعقل، والمال.
وقد تصور المجلس الأخطار العظيمة التي تنشأ عن جرائم الاعتداء على حرمات المسلمين في نفوسهم وأعراضهم وأموالهم، وما تسببه الأعمال التخريبية من الإخلال بالأمن العام في البلاد، ونشوء حالة من الفوضى والاضطراب، وإخافة المسلمين على أنفسهم وممتلكاتهم، والله سبحانه وتعالى قد حفظ للناس أديانهم وأبدانهم وأرواحهم وأعراضهم وعقولهم وأموالهم بما شرعه من الحدود والعقوبات التي تحقق الأمن العام والخاص، ومما يوضح ذلك قوله سبحانه: (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) [المائدة:32]. وقوله سبحانه: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [المائدة:33].
وتطبيق ذلك كفيل بإشاعة الأمن والاطمئنان وردع من تسول له نفسه الإجرام والاعتداء على المسلمين في أنفسهم وممتلكاتهم، وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن حكم المحاربة في الأمصار وغيرها على السواء لقوله سبحانه: (ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ) [المائدة:33].
ذكر ذلك ابن كثير رحمه الله في تفسيره، وقال أيضا: “المحاربة هي المخالفة والمضادة، وهي صادقة على الكفر وعلى قطع الطريق وإخافة السبيل، وكذا الإفساد في الأرض يطلق على أنواع من الشر” اهـ .
والله تعالى يقول:(وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204)وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ) [البقرة:204، 205]، وقال تعالى:(وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا) [الأعراف:56].
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: “ينهى تعالى عن الإفساد في الأرض وما أضره بعد الإصلاح، فإنه إذا كانت الأمور ماشية على السداد ثم وقع الإفساد بعد ذلك كان أضر ما يكون على العباد ؛ فنهى تعالى عن ذلك” اهـ.
قال القرطبي: “نهى سبحانه وتعالى عن كل فساد قل أو كثر بعد صلاح قل أو كثر، فهو على العموم على الصحيح من الأقوال” اهـ .
وبناء على ما تقدم، ولأن ما سبق أيضا حد يفوق أعمال المحاربين الذين لهم أهداف خاصة يطلبون حصولهم عليها من مال أو عرض، وهؤلاء هدفهم زعزعة الأمن وتقويض بناء الأمة واجتثاث عقيدتها، وتحويلها عن المنهج الرباني؛ فإن المجلس يقرر بالإجماع ما يل:
أولا : من ثبت شرعا أنه قام بعمل من أعمال التخريب والإفساد في الأرض التي تزعزع الأمن بالاعتداء على الأنفس والممتلكات الخاصة أو العامة: كنسف المساكن أو المساجد أو المدارس أو المستشفيات والمصانع والجسور ومخازن الأسلحة والمياه والموارد العامة لبيت المال كأنابيب البترول، ونسف الطائرات أو خطفها ونحو ذلك؛ فإن عقوبته القتل لدلالة الآيات المتقدمة على أن مثل هذا الإفساد في الأرض يقتضي إهدار دم المفسد؛ ولأن خطر هؤلاء الذين يقومون بالأعمال التخريبية وضررهم أشد من خطر وضرر الذي يقطع الطريق فيعتدي على شخص فيقتله أو يأخذ ماله، وقد حكم الله عليه بما ذكر في آية الحرابة.
ثانيا: أنه لا بد قبل إيقاع العقوبة المشار إليها في الفقرة السابقة من استكمال الإجراءات الثبوتية اللازمة من جهة المحاكم الشرعية وهيئات التمييز ومجلس القضاء الأعلى براءة للذمة واحتياطا للأنفس، وإشعارا بما عليه هذه البلاد من التقيد بكافة الإجراءات اللازمة شرعا لثبوت الجرائم وتقرير عقابها.
ثالثا: يرى المجلس إعلان هذه العقوبة عن طريق وسائل الإعلام، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه .
1. (التقاتل بين المسلمين باسم الجهاد) (www.feqhweb.com).
2. دار الإفتاء المصرية: (www.dar-alifta.org) فتوى رقم: (2385).
3. دائرة الإفتاء العام الأردنية (www.aliftaa.jo) (بيانٌ في تحريم الانتحار).
4. الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء (www.alifta.net) قرار رقم: (148).
5. العمليات الانتحارية وصلتها بالاستشهاد إعداد: خالد الفواز بن عبدالعزيز الفواز، ماجستير بجامعة نايف العربية عام: 2009 م.
6. مجمع الفقه الإسلامي (www.iifi.org) قرار رقم: (154).
7. موقع الشيخ عبدالكريم الخضير (ar.islamway.net) فتوى رقم: (8321).
8. موقع سؤال وجواب (islamqa.info) رقم الفتوى: (217995).