سندات القروض, السندات التقليدية.
أن تقوم شركة بطرح سندات ذات قيمة متساوية، تمثل ديونًا غير حالة على جهة.
ذهب مجمع الفقه الإسلامي الدولي, والمجمع الفقهي الإسلامي إلى التحريم ؛ لاشتمالها على الفائدة الربوية المحرمة وغيرها من المفاسد.
قرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية والفتاوى العلمية.
أولًا: قرارات المجامع الفقهية:
1/ قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17-23 شعبان 1410 ، بعد اطلاعه على الأبحاث والتوصيات والنتائج المقدمة في ندوة “الأسواق المالية” المنعقدة في الرباط 20-24 ربيع الثاني 1410 بالتعاون بين هذا المجمع والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية، وباستضافة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية، وبعد الاطلاع على أن السند شهادة يلتزم المصدر بموجبها أن يدفع لحاملها القيمة الاسمية عند الاستحقاق، مع دفع فائدة متفق عليها منسوبة إلى القيمة الاسمية للسند، أو ترتيب نفع مشروط, سواء أكان جوائز توزع بالقرعة, أم مبلغًا مقطوعًا, أم حسمًا، قرر ما يلي:
أولًا: إن السندات التي تمثل التزامًا بدفع مبلغها مع فائدة منسوبة إليه, أو نفع مشروط محرمة شرعًا, من حيث الإصدار أو الشراء أو التداول، لأنها قروض ربوية, سواء أكانت الجهة المصدرة لها خاصة أو عامة ترتبط بالدولة. ولا أثر لتسميتها شهادات أو صكوكًا استثمارية أو ادخارية, أو تسمية الفائدة الربوية الملتزم بها ربحًا أو ريعًا أو عمولة أو عائدًا.
ثانيًا: تحرم أيضًا السندات ذات الكوبون الصفري بوصفها قروضًا يجري بيعها بأقل من قيمتها الاسمية، ويستفيد أصحابها من الفروق بوصفها حسمًا لهذه السندات.
ثالثًا: كما تحرم أيضًا السندات ذات الجوائز بوصفها قروضًا, اشترط فيها نفع أو زيادة بالنسبة لمجموع المقرضين، أو لبعضهم لا على التعيين، فضلًا عن شبهة القمار.
رابعًا: من البدائل للسندات المحرمة – إصدارًا أو شراءً أو تداولًا – السندات أو الصكوك القائمة على أساس المضاربة لمشروع أو نشاط استثماري معين، بحيث لا يكون لمالكيها فائدة أو نفع مقطوع، وإنما تكون لهم نسبة من ربح هذا المشروع, بقدر ما يملكون من هذه السندات أو الصكوك, ولا ينالون هذا الربح, إلاّ إذا تحقق فعلًا. ويمكن الاستفادة في هذه الصيغة, التي تم اعتمادها بالقرار رقم 30(5/4) لهذا المجمع بشأن سندات المقارضة. والله أعلم.
2/ قرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، بعد اطلاعه على حقيقة سوق الأوراق المالية والبضائع (البورصة), وما يجري فيها من عقود عاجلة وآجلة على الأسهم وسندات القروض، والبضائع والعملات الورقية، ومناقشتها في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية يقرر مايلي:
أولًا: إن غاية السوق المالية (البورصة) هي إيجاد سوق مستمرة ودائمة، يتلاقى فيها العرض والطلب، والمتعاملون بيعا وشراء، وهذا أمر جيد ومفيد، ويمنع استغلال المحترفين للغافلين والمسترسلين، الذين يحتاجون إلى بيع أو شراء، ولا يعرفون حقيقة الأسعار، ولايعرفون المحتاج إلى البيع، ومن هو محتاج إلى الشراء. ولكن هذه المصلحة الواضحة يواكبها في الأسواق المذكورة (البورصة)، أنواع من الصفقات المحظورة شرعا، والمقامرة، والاستغلال، وأكل أموال الناس بالباطل، ولذلك لا يمكن إعطاء حكم شرعي عام بشأنها، بل يجب بيان حكم المعاملات التي تجرى فيها، كل واحدة منها على حدة.
ثانيًا: إن العقود العاجلة على السلع الحاضرة الموجودة في ملك البائع، التي يجري فيها القبض فيما يشترط له القبض في مجلس العقد شرعا، هي عقود جائزة، ما لم تكن عقودًا على محرم شرعًا, أما إذا لم يكن المبيع في ملك البائع، فيجب أن تتوافر فيه شروط بيع السلم، ثم لايجوز للمشتري بعد ذلك بيعه قبل قبضه.
ثالثًا: إن العقود العاجلة على أسهم الشركات والمؤسسات، حين تكون تلك الأسهم في ملك البائع جائزة شرعًا، ما لم تكن تلك الشركات أو المؤسسات موضوع تعاملها محرم شرعا، كشركات البنوك الربوية، وشركات الخمور، فحينئذ يحرم التعاقد في أسهمها بيعا وشراء.
رابعًا: إن العقود العاجلة والآجلة، على سندات القروض بفائدة، بمختلف أنواعها غير جائزة شرعًا، لأنها معاملات تجري بالربا المحرم.
خامسًا: إن العقود الآجلة بأنواعها، التي تجري على المكشوف، أي على الأسهم والسلع التي ليست في ملك البائع، بالكيفية التي تجري في السوق المالية (البورصة) غير جائزة شرعًا؛ لأنها تشتمل على بيع الشخص ما لا يملك اعتمادًا على أنه سيشتريه فيما بعد، ويسلمه في الموعد، وهذا منهي عنه شرعًا, لما صح عن رسول الله ﷺ أنه قال: «لا تبع ما ليس عندك» [أبو داود (3503) والترمذي (1232) ]. وكذلك ما رواه الإمام أحمد وأبو داود بإسناد صحيح، عن زيد بن ثابت اللهرضي: أن النبي ﷺ نهى أن تباع السلع حيث تبتاع، حتى يحوزها التجار إلى رحالهم» [أبو داود (3499) والبيهقي في الكبرى (10473) والطبراني في الكبير (4782) , وصححه ابن حبان كما ذكر ذلك ابن حجر في الفتح (4/350) ].
سادسًا: ليست العقود الآجلة في السوق المالية (البورصة) من قبيل بيع السلم الجائز في الشريعة الإسلامية، وذلك للفرق بينهما من وجهين: (أ) في السوق المالية (البورصة) لا يدفع الثمن في العقود الآجلة في مجلس العقد، وإنما يؤجل دفع الثمن إلى موعد التصفية، بينما الثمن في بيع السلم يجب أن يدفع في مجلس العقد. (ب) في السوق المالية (البورصة) تباع السلعة المتعاقد عليها – وهي في ذمة البائع الأول – وقبل أن يحوزها المشتري الأول عدة بيوعات، وليس الغرض من ذلك إلا قبض أو دفع فروق الأسعار بين البائعين والمشترين غير الفعليين، مخاطرة منهم على الكسب والربح، كالمقامرة سواء بسواء، بينما لا يجوز بيع المبيع في عقد السلم قبل قبضه.
وبناء على ماتقدم، يرى المجمع الفقهي الإسلامي: أنه يجب على المسؤولين في البلاد الإسلامية، ألايتركوا أسواق البورصة في بلادهم حرة، تتعامل كيف تشاء من عقود وصفقات، سواء أكانت جائزة أو محرمة، وألايتركوا للمتلاعبين بالأسعار فيها أن يفعلوا ما يشاؤون، بل يوجبون فيها مراعاة الطرق المشروعة في الصفقات, التي تعقد فيها، ويمنعون العقود غير الجائزة شرعا، ليحولوا دون التلاعب الذي يجر إلى الكوارث المالية، ويخرب الاقتصاد العام، ويلحق النكبات بالكثيرين، لأن الخير كل الخير في التزام طريق الشريعة الإسلامية في كل شيء، قال الله تعالى: (وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) [الأنعام: 153]. والله سبحانه هو ولي التوفيق، والهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
1/مجلة المجمع (العدد السادس، ج2 ص1273 والعدد السابع ج1 ص73), قرار رقم: 60 (11/6), انظر القرار رقم 30 (5/4).
2/ المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي, قرار رقم (1).
3/ الأسواق المالية (الأسهم والسندات) ضوابطها وأحكامها من منظور إسلامي, (دكتوراه) محمد صبري هارون, المملكة الأردنية الهاشمية (1998).
4/ سندات المقارضة وأحكامها في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة تطبيقية, (ماجستير) عمر مصطفى جبر إسماعيل, المملكة الأردنية الهاشمية (2003م).