تضع بعض المؤسسات جوائز للمتبرعين بالدم، فما حكم أخذها، هل تدخل في البيع أم تعتبر هبةً؟ وهل يجوز بيع الدم وشرائه؟
تقرر أن التبرع بالدم لإنقاذ حياة إنسان إذا كان المتبرع لا يتضرر بذلك أمر جائز، وفاعله مأجور إن شاء الله تعالى، ولكن لا يجوز بيع الدم؛ لقول أبي جحيفة –رضي الله عنه- نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وثمن الدم. الحديث أخرجه البخاري ح2086، ونقل ابن حجر الإجماع على تحريم ذلك[1]،ولأنه جزء من الإنسان، والإنسان مكرم، وهو لا يملك ذاته حتى يملك بيعها،وعلى الإنسان ألا يتخلف عن إغاثة ملهوف وهو قادر على إغاثته إذا كان لا يوجد مغيث غيره.
وأما حكم إعطاء المتبرع بالدم جوائز عينية أو مالية؟ فإذا كان ذلك عن طريق المشارطة فلا يجوز؛لأنه حينئذ يكون قيمة لما تبرع به، وأخذ القيمة على الدم لا يجوز.
أما إذا كانت هذه الجوائز تشجيعًا وتكريمًا، فاختلف المعاصرون في هذه المسألة على اتجاهين:
الاتجاه الأول:جواز ذلك، وبه صدر قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، في دورته الحادية عشرة، سنة 1409، حيث جاء فيه ما نصه: (لا مانع من إعطاء المال على سبيل الهبة أو المكافأة تشجيعًا على القيام بهذا العمل الإنساني الخيري؛لأنه يكون من باب التبرعات لا من باب المعاوضات)، كما ذهب إلى ذلك بعض المعاصرين.
الاتجاه الثاني:عدم الجواز، وإليه ذهبت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية حيث أفتت بأنه لا يجوز بيع الدم وأن أخذ العوض عن بذل الدم محرم، وذهب آخرون إلى القول بذلك.
ولكن على الاتجاه الثاني: من اضطر إلى الدم ولم يجده إلا شراء، فقد ذهب عامةالعلماء المعاصرين إلى أنه يجوز لمن اضطر إلى شراء الدم أن يشتريه؛لأنه مضطر، ويكون الإثم على البائع؛لتحريم بيع الدم، وبذلك صدر قرار المجمع الفقهي الإسلامي المنعقد بمكة المكرمة في رجب سنة 1409هـ وبه أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء حيث جاء فيها: (فإن تعذر حصوله على دم بلا عوض جاز له أخذه بعوض، وحرم أخذ العوض على باذله)[2].
[1]فتح الباري، باب ثمن الكلب 4/427، ط. المعرفة، 1379.
[2]مجلة البحوث الإسلامية، العدد السابع، 1403.
1-أحكام نقل أعضاء الإنسان في الفقه الإسلامي، د. يوسف بن عبدالله الأحمد، كنوزإشبيليا، الرياض، 1427.
2-البنوك البشرية في الفقه الإسلامي. د. قمر الزمان غزال، دار طيبة، دمشق ط.1، سنة 1432.
3-البنوك الطبية البشرية وأحكامها الفقهية. د.إسماعيل مرحبا، ط دار ابن الجوزي ط.1 سنة 1429.
4-حكم التداوي بالمحرمات: بحث فقهي مقارن، د. عبد الفتاح محمود إدريس، ط1، جامعة الأزهر، 1414.
5-فقه القضايا الطبية المعاصرة: دراسة فقهية طبية معاصرة، أ. د. علي محيي الدين القره داغي و أ. د. علي يوسف محمدي، ط2، دار البشائر الإسلامية، بيروت، 1427.
6-قرار المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي المنعقد في مكة المكرمة، رجب 1409.
7-مجلة البحوث الإسلامية، العدد السابع، رئاسة البحوث العلمية والإفتاء، الرياض، 1403.