قسم المعاملات الماليةباب البنوك والمصارف

بطاقة التخفيض

مسألة رقم 44

صورة المسألة

أن تقوم إحدى الشركات بإصدار بطاقة تتضمن تخفيضًا على سلعة أو خدمات أخرى من محلات تجارية أو شركات أو غيرها, تكون مؤقتة, وإذا انتهت تنتهي صلاحيتها, سواء أُستفيد منها أو لم يتم استخدمها البتة، وتكون النسب في الخصم تختلف من شركة إلى شركة أُخرى.
و تصرف هذه البطاقة للمستفيد مقابل مال يدفعه.

حكم المسألة

اختلف العلماء المعاصرون فيها على اتجاهين:

الاتجاه الأول: التحريم، وهو قول اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة, وعدد من العلماء المعاصرين, منهم ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله وغيرهما.

أهم أدلة هذا الاتجاه:

1-أن في ذلك أكلًا للمال بالباطل, لأن البائع يأخذ قيمتها بغير عوض, وقد لا يستفيد المشتري منها.

2-أن فيها غررًا, فإن المشتري لا يعرف تحديدًا مقدار الخصم الذي سيحصله والبائع كذلك، فلو فرضنا أن البطاقة بمائة واستخدمها المشتري, فحصل على خصم يبلغ 200، فيكون المشتري غانمًا والبائع غارمًا،أما لو كان مقدار الخصم الذي حصل عليه خلال مدة الاشتراك مثلًا 50فقط فيكون البائع غانما والمشتري غارما،وبهذا يكون العقد دائرًا بين الغنم والغرم.

 

الاتجاه الثاني: جواز التعامل بهذه البطاقات، وهو قول بعض الباحثين بمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا.

أهم أدلة هذا الاتجاه:

1-أن الأصل في المعاملات الحل, فلا ينتقض هذا الأصل إلا بدليل صحيح صريح.

2-أن الغرر الذي في المعاملة غير مؤثر, لأنه لا يسبب ضررا على أي منهما, أما البائع فإنه رابح على كل حال, سواء اشترى المشتري بالبطاقة أو دونها, لأن المحلات تضع هامش ربح حتى في حال استخدام البطاقة،نعم يتصور الضرر لو كان البائع يبيع السلعة على صاحب البطاقة بأقل من رأس ماله فيها, لكن هذا غير واقع ،وأما المشتري فالبطاقة بيده فمتى شاء استخدمها, وهذا كما لو استأجر سيارة فقد يستعملها طيلة مدة الإجارة, وقد لا يستخدمها إلا للحظات معدودة, ولايعد ذلك غررا،وكذلك البيت قد يستأجرها سنة, فلا يحتاج للسكنى فيها إلا أيامًا, وقد يسكنها طيلة السنة.

 

القرارات والفتاوى الصادرة عن الهيئات الشرعية:

1/ فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.

ورد للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء سؤال عن موضوع بطاقة التخفيض([1]).

بعد دراسة اللجنة للاستفتاء, أجابت بما يلي:

بطاقة التخفيض المذكورة لا يجوز التعامل بها إصدارًا أو اشتراكًا, لأمور عدة، منها:
أولًا: اشتمالها على الغرر والمخاطرة؛ لأن دفع المبلغ مقابل الحصول عليها دفع بلا مقابل حقيقة، إذ قد تنتهي صلاحيتها ولم يستعملها حاملها، أو يكون استعماله لها لا يقابل ما دفعه من رسومها، وفي هذا غرر ومخاطرة، والله سبحانه يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ)

ثانيًا: اشتمالها على الربا؛ لأن دفع مصدرها نسبة التخفيض لحاملها في حال امتناع صاحب المتجر عن التخفيض هو الربا المحرم، والتخفيض هنا قد يتجاوز رسم إصدار البطاقة، وقد أثبتت الوقائع حصول هذا, فحصل غرم على مصدرها.

ثالثًا: أن لها آثارًا سالبة، ومنها: إثارة العداوة والبغضاء بين أصحاب المحلات المشتركين في التخفيض وغير المشتركين، بنفاق السلعة المخفضة وكساد غيرها من بضائع الذين لم يشتركوا في (دليل التخفيض).

رابعًا: ومن آثارها أيضا: دفع حاملها إلى الاسترسال في الشراء، لقاء التباهي بحملها والاغترار بالدعاية من ورائها، وفي هذا تصفية لمدخراته، وزيادة في الاستهلاك والإسراف فيه، فالبطاقة في حقيقتها تعود بتنامي المصاريف وزيادتها، لا بالتوفير وزيادة الادخار.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

2/ فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.

ورد للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء سؤال آخر عن موضوع بطاقة التخفيض([2]).

فأجابت بما يلي:

لا يجوز استعمال البطاقة المذكورة لما يلي:

أولًا: إن دفع المشترك الرسم المحدد (مائة وخمسين ريالًا) للشركة التي تصدر البطاقة دون مقابل، هو من باب أكل المال بالباطل، وقد نهى الله جل وعلا عن أكل المال بالباطل، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ) [النساء: 29].

ثانيًا: إن استعمال البطاقة المذكورة يدخلها الربا في حال امتناع صاحب المحل من التخفيض, ودفع الشركة مصدرة البطاقة قيمة التخفيض للمستهلك.

ثالثًا: إن تداول البطاقة المذكورة يجر إلى إحداث العداوة والبغضاء بين أصحاب المحلات -المشتركين في التخفيض وغير المشتركين- حيث تنفق سلع محلات التخفيض، وتكسد بضائع الذين لم يشتركوا في التخفيض.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

3/فتاوى مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا:

سئل المجمع عن موضوع بطاقة التخفيض فأجاب:

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فلا حرج في استصدار هذه البطاقة المذكورة, التي تنال بها عضوية هذا المتجر، وتتمتع بالتخفيضات التي يجعلها على سلعه، إذ الأصل في ذلك الحل، ولا يوجد مقتض للتحريم، والله تعالى أعلى وأعلم.


[1]) ينظر نص السؤال في فتوى رقم (3678) .

[2]) ينظر : نص السؤال في فتوى رقم :(12429) .

المراجع

1/ فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء, الفتوى رقم:(12429)جزء:(14 صفحة: 3 – 10 ), وفتوى رقم:(19114) جزء: (14) صفحة:(13 – 16).
2/ فتاوى مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا الدكتور صلاح الصاوي (9/9/2009م).
3/ ¬ بطاقات التخفيض وأحكامها في الفقه الإسلامي (رسالة ماجستير), عقيلة بنت أحمد محمد, جامعة الملك سعود, كلية التربية – قسم الثقافة الإسلامية.
4/ بطاقات التخفيض, بحث مقدم إلى مجمع الفقه الإسلامي – مكة المكرمة (ربيع الثاني 1426هـ – 2005م).

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى