قسم الأسرةباب النكاح

الزواج بنية الطلاق

المسألة رقم 85

العناوين المرادفة

1. الزواج مع وجود نية للطلاق مستقبلاً.
2. زواج المغترب مع قصد الطلاق.

صورة المسألة

قد يتزوج الرجل المرأة زواجاً لا يريد استمراره، بل يضمر نية طلاقها بعد فترة أو زواج سبب زواجه، فهل يعتبر الزواج مع استصحاب تلك النية مباحاً أم لا؟
وجدير بالذكر أن هذه المسألة ليست من مسائل العصر الحادثة، بل هي معروفة لدى الفقهاء المتقدمين، وذكرها كثير منهم، إلا أن الجديد فيها هو شيوعها على نحو لم يكن معهوداً في السابق، ولأنها اتخذت صوراً مختلفة.
ولعل من أسباب شيوعها هو إلغاء الرق حيث لم يعد للتسري مجال، فلجأ طائفة من الرجال إلى مثل هذا النوع من الزواج ليقضوا وطرهم دون أن يلتزموا الزواج المعروف.
كما أن حالات الاغتراب عن الوطن تنوعت أسبابها، ومنها الدراسة، والعمل مع قيام أسباب الإغراء والفتنة.

حكم المسألة

إذا تزوج المغترب بامرأة في بلاد الغربة، وفي نيته أنه إذا أراد السفر فإنه سيقرر، منها فإما أن يحتفظ بها زوجة له، وإما أن يطلقها، فالحكم في هذه النية وهذا الزواج هو الإباحة من غير خلاف، كما يفهم من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية(1).

وإن كانت نية الطلاق السابقة على عقد النكاح أو المصاحبة له، نية عزم، فلا تخلو من أن تكون متفقا عليها بين الطرفين (الزوجين) مسبقا، أو غير متفق عليها:

أ – فإن كان الرجل (الزوج) قد صرح للمرأة (الزوجة) أو لوليها بأنه ينوي طلاقها أو اشترط ذلك، أو اتفقا عليه فإن النكاح باطل، لأنه داخل في نكاح المتعة المحرم بإجماع أهل السنة.

ب – وإن لم يصرح الرجل (الزوج) للمرأة ولا لوليها بنية الطلاق، فللعلماء في هذه المسألة: ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن نية الطلاق إذا لم تكن معلنة للمرأة عند العقد فلا بأس بها، أي أنها لا تمنع صحة النكاح ولا يقع بها الإثم. وإلى هذا الرأي ذهب جمهور العلماء.

القول الثاني: أن الزواج بنية الطلاق زواج مؤقت، والزواج المؤقت زواج باطل، لأنه متعة، والمتعة محرمة بالإجماع.

وبهذا صدرت عدة فتاوى عن اللجنة الدائمة، منها الفتوى (17030)، (21140)، (15952)(1).

القول الثالث: أن نية الطلاق لا تمنع صحة عقد النكاح المستوفي للأركان والشروط كما ذهب إليه القائلون بالجواز، ” إذ لا علاقة للأحكام الظاهرة بما استكن في الضمائر”. ولكن إضمار هذه النية محرم، ويترتب عليها الإثم، لما تتضمنه من الغش والتغرير بالمرأة، ولما يترتب عليه المفاسد العظيمة والأضرار الجسيمة التي تسيء إلى سمعة المسلمين، فيكون الزواج في ذاته صحيحاً ولكن الإقدام عليه محرم.

وهذا القول صدر به قرار المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي، في الدورة الثامنة عشــرة، والمجلس الأوروبي، في الدورة الثانية، الفتوى رقم (17)، ومجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، في الدورة الأولى.

 

صورة جديرة بالنظر:

ونحن نرى أن الزواج بنية الطلاق إذا قلنا بجوازه فينبغي أن نقيده بالقيود التي لا خلاف فيها بين أهل العلم[1]، منها:

1 – أن يتأكد أن المرأة ليست في عدة، حيث قد يتزوج البعض في مثل هذه الحالات من امرأة لم تخرج من عدة من طلقها قبله.

فإن قيل فالأصل قبول قول المرأة في انقضاء عدتها.

فيقال: هذا في الأحوال العادية، أما إذا غلب الظن خلافه فلا يجوز إغفاله.

2 – أن يتأكد من ولي المرأة، حيث كثر الادعاء في هذه الحالات والتدليس والتزوير والكذب طمعاً في المال.

ويقال هنا كما قيل في الذي قبله، حيث قد يغلب على الظن أن من جاء للعقد ليس ولياً، والزواج بغير ولي لا يصح.

3 – أن يطلق المرأة طلاقاً سنيا لا بدعياً والطلاق السني هو ما كان في طهرٍ لم يجامعها فيه، أو حاملاً قد استبان حملها، والبدعي هو الطلاق في الحيض أو في طهرٍ جامعها فيه.


(1) مجموع الفتاوى، 32/107.

(1) الجدير بالذكر : أن المنقول عن الشيخ عبدالعزيز ابن باز هو القول بالرأي الأول، كما أن المنقول عن الشيخ محمد ابن عثيمين هو الرأي الثالث. تغمد الله الجميع بواسع رحمته وأسكنهم فسيح جنته. موسوعة الأحكام الشرعية 2/423 – 425.

(1) من أطلق الجواز فهو بلا شك يقصد الجواز المقيد بمثل هذه القيود، ولذا فلا يجوز حمل تلك الفتاوى على الجواز المطلق الذي يعني عدم ذلك.

المراجع

1. المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي، الدورة الثامنة عشــرة المنعقــدة بمكة المكرمة في الفترة من 10-14/3/1427هـ الذي يــوافقه 8-12/4/2006م، القرار الخامس.
2. المجلس الأوروبي، الدورة الثانية، الفتوى رقم: (17).
3. مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، الدورة التدريبية الأولى بالساحل الغربي للولايات المتحدة بمدينة سكر منتو بولاية كاليفورنيا حول نوازل الأسرة المسلمة بالمجتمع الأمريكي، وذلك في الفترة من (28 – 26 صفر – 1425) الموافق (16 – 18 ابريل 2004)
4. http://www.amjaonline.com/ar_d_details.php?id=144
5. فتاوى قطاع الإفتاء في الكويت: 13/63ح/88[1567].
6. عقود النكاح المستحدثة وحكمها في الشريعة الإسلامية للأستاذ الدكتور وهبة مصطفي الزحيلي.
7. منهج الإسلام في الزواج، ونظرة في الزيجات المعاصرة، للأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الصالح.
8. عقود النكاح المستحدثة وحكمها في الشريعة الإسلامية، للأستاذ الدكتور محمد بن يحيى النجيمي.
9. عقود النكاح المستحدثة وحكمها في الشريعة الإسلامية، للدكتور أحمد بن موسى السهلي.
10. عقود النكاح المستحدثة وحكمها في الشريعة الإسلامية، للأستاذ الدكتور عبدالستار فتح الله سعيد.
11. والبحوث الأربعة كلها منشورة ضمن (أعمال الدورة الثامنة عشرة للمجمع الفقهي الإسلامي المنعقدة في مكة المكرمة في الفترة من 10-14/3/1427هـ الموافق 8-12/4/2006م)، رابطة العالم الإسلامي، المجمع الفقهي الإسلامي، ط1، 1426هـ – 2005م، المجلد الثالث.]
12. حاشية ابن عابدين، دراسة وتحقيق وتعليق الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض، دار عالم الكتب، الرياض، طبعة خاصة 1423هـ – 2003م، 4/149.
13. الذخيرة للقرافي، تحقيق محمد بوخبزة، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط1، 1994م، (4/404).
14. الإنصاف للمرداوي، مكتب دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 1419هـ – 1998م، (8/121).
15. مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، (32/107 – 108).
16. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، جمع وترتيب أحمد بن عبد الرزاق الدويش، دار المؤيد، الرياض، (18/446، 448 – 449).
17. موسوعة الأحكام الشرعية لأصحاب الفضيلة العلماء: ابن باز، ابن عثيمين، ابن جبرين، الفوزان، وغيرهم، جمعها محمد رياض الأحمد، المكتبة العصرية، صيدا بيروت، 1426هـ – 2006م.
18. الزواج في الإسلام وعلاج المشكلات الزوجية وحقيقة الزيجات المعاصرة، أ.د/ محمد أحمد الصالح، الناشر: بدون.

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى