التأمين التعاوني عقد جماعي يقوم بموجبه كل مشترك بدفع مبلغ من المال على سبيل التبرع؛ لتعويض الأضرار التي قد تصيب أيًّا منهم عند تحقق الخطر المؤمَّن عليه.
ذهب مجمع الفقه الإسلامي, والمجمع الفقهي الإسلامي, واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء إلى جواز التأمين التعاوني.
أهم أدلة الجواز:
1/ أن قصد المشترك ثواب الله سبحانه وتعالى، بمساعدة المحتاج، ولم يقصد عائدًا دنيويًّا، وذلك داخل في قوله تعالى: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ ) [المائدة: 2], وفي قول النبي ﷺ : (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) [أخرجه مسلم (2699)]، وهذا واضح لا إشكال فيه.
2/ خلو التأمين التعاوني من المحاذير الموجودة في التأمين التجاري، وذلك لأنه تبرع وليس معاوضةً، وإنما يُقصد منه التعاون على دفع الأضرار المحتملة.
قرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية والفتاوى العلمية.
أولًا: قرارات المجامع الفقهية: ـ
1/ قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من (10-16 ربيع الآخر 1406هـ /22–28 كانون الأول(ديسمبر) 1985م) في قراره رقم 9 (9/2 )، قرر ما يلي:
ثانيًا: أن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل الإسلامي هو عقد التأمين التعاوني, القائم على أساس التبرع والتعاون، وكذلك الحال بالنسبة لإعادة التأمين القائم على أساس التأمين التعاوني.
2/ مجلس المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي في دورته الأولى، القرار الخامس:
قرر مجلس المجمع بالإجماع الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية من جواز التأمين التعاوني, بدلا عن التأمين التجاري المحرم, والمنوه عنه آنفًا, للأدلة الآتية
الأول: أن التأمين التعاوني من عقود التبرع, التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار, والاشتراك في تحمل المسئولية عند نزول الكوارث, وذلك عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية, تخصص لتعويض من يصيبه الضرر, فجماعة التأمين التعاوني لا يستهدفون تجارة ولا ربحا من أموال غيرهم, وإنما يقصدون توزيع الأخطار, بينهم والتعاون على تحمل الضرر .
الثاني: خلو التأمين التعاوني من الربا بنوعيه: ربا الفضل وربا النسيئة, فليست عقود المساهمين ربوية, ولا يستغلون ما جمع من الأقساط في معاملات ربوية.
الثالث: أنه لا يضر جهل المساهمين في التأمين التعاوني بتحديد ما يعود عليهم من النفع, لأنهم متبرعون, فلا مخاطرة, ولا غرر, ولا مقامرة, بخلاف التأمين التجاري, فإنه عقد معاوضة مالية تجارية.
الرابع: قيام جماعة من المساهمين أو من يمثلهم باستثمار ما جمع من الأقساط, لتحقيق الغرض الذي من أجله أنشئ هذا التعاون, سواء أكان القيام بذلك تبرعا أم مقابل أجر معين.
ورأى المجلس أن يكون التأمين التعاوني على شكل شركة تأمين تعاونية مختلطة, للأمور الآتية:
أولا: الالتزام بالفكر الاقتصادي الإسلامي, الذي يترك للأفراد مسئولية القيام بمختلف المشروعات الاقتصادية, ولا يأتي دور الدولة إلا كعنصر مكمل لما عجز الأفراد عن القيام به, وكدور موجه ورقيب, لضمان نجاح هذه المشروعات وسلامة عملياتها.
ثانيا: الالتزام بالفكر التعاوني التأميني, الذي بمقتضاه يستقل المتعاونون بالمشروع كله من حيث تشغيله, ومن حيث الجهاز التنفيذي ومسئولية إدارة المشروع.
ثالثا: تدريب الأهالي على مباشرة التأمين التعاوني, وإيجاد المبادرات الفردية, والاستفادة من البواعث الشخصية, فلا شك أن مشاركة الأهالي في الإدارة تجعلهم أكثر حرصا ويقظة على تجنب وقوع الأخطار, التي يرفعون مجتمعين تكلفة تعويضها, مما يحقق ومن ثم مصلحة لهم في إنجاح التأمين التعاوني, إذ إن تجنب الأخطار يعود عليهم بأقساط أقل في المستقبل , كما أن وقوعها قد يحملهم أقساطا أكبر في المستقبل.
رابعا: إن صورة الشركة المختلطة لا يجعل التأمين كما لو كان هبة أو منحة من الدولة للمستفيدين منه بل بمشاركة منها معهم فقط, لحمايتهم ومساندتهم بوصفهم هم أصحاب المصلحة الفعلية, وهذا موقف أكثر إيجابية, ليشعر معه المتعاونون بدور الدولة, ولا يعفيهم في نفس الوقت من المسئولية.
ويرى المجلس أن يراعى في وضع المواد التفصيلية للعمل بالتأمين التعاوني على الأسس الآتية:
الأول: أن يكون لمنظمة التأمين التعاوني مركز له فروع في كافة المدن, وأن يكون بالمنظمة أقسام تتوزع بحسب الأخطار المراد تغطيتها, وبحسب مختلف فئات ومهن المتعاونين, كأن يكون هناك قسم للتأمين الصحي, وثان للتأمين ضد العجز والشيخوخة.. إلخ.
أو يكون هناك قسم لتأمين الباعة المتجولين, وآخر للتجار, وثالث للطلبة, ورابع لأصحاب المهن الحرة: كالمهندسين والأطباء والمحامين… إلخ
الثاني: أن تكون منظمة التأمين التعاوني على درجة كبيرة من المرونة والبعد عن الأساليب المعقدة.
الثالث: أن يكون للمنظمة مجلس أعلى, يقرر خطط العمل, ويقترح ما يلزمها من لوائح وقرارات تكون نافذة إذا اتفقت مع قواعد الشريعة.
الرابع: يمثل الحكومة في هذا المجلس من تختاره من الأعضاء, ويمثل المساهمين من يختارونه, ليكونوا أعضاء في المجلس, ليساعد ذلك على إشراف الحكومة عليها, واطمئنانها على سلامة سيرها, وحفظها من التلاعب والفشل.
الخامس: إذا تجاوزت الأخطار موارد الصندوق بما قد يستلزم زيادة الأقساط, فتقوم الدولة والمشتركون بتحمل هذه الزيادة.
ويؤيد مجلس المجمع الفقهي ما اقترحه مجلس هيئة كبار العلماء في قراره المذكور بأن يتولى وضع المواد التفصيلية لهذه الشركة التعاونية جماعة من الخبراء المختصين في هذا الشأن .
ثانيًا: قرارات وفتاوى الهيئات الشرعية:
1/ فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
سئلت اللجنة عن موضوع التأمين التعاوني ([1]).
فأجابت بما نصه:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.. أما بعد:
صدر من هيئة كبار العلماء قرار بتحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه؛ لما فيه من الضرر والأخطار العظيمة، وأكل أموال الناس بالباطل، وهي أمور يحرمها الشرع المطهر، وينهى عنها أشد النهي، كما صدر قرار من هيئة كبار العلماء بجواز التأمين التعاوني، وهو الذي يتكون من تبرعات من المحسنين، ويقصد به مساعدة المحتاج والمنكوب، ولا يعود منه شيء للمشتركين، لا رؤوس أموال، ولا أرباح، ولا أي عائد استثماري.
[1]) ينظر : نص السؤال في الفتوى رقم (19406) .
1/ مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي – ع 2، ج 1/545 , قرار رقم 9 (9/2).
2/ المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي الدورة الأولى القرار الخامس.
3/ فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء , الفتوى رقم: (19406) 15 / 267 – 269 .
4/ عقد إعادة التأمين التعاوني، دراسة مقارنة (رسالة ماجستير) عبد العزيز بن عبدالمحسن العبيكان, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, المعهد العالي للقضاء – الرياض.
5/ التأمين التعاوني : تحليل مالي مقارن لشركة التأمين الإسلامية الأردنية (بحث محكم), عبد الله عمر خلف مسالمة, المملكة الأردنية الهاشمية, مجلات جامعة اليرموك, (2003م).