1. الابتزاز المادي.
2. جريمة الابتزاز المادي.
الابتزاز المالي: هو مطالبة شخص بمال عن طريق تهديده بكشف معلوماته السرية، التي تسبّب له حرجا في دائرة مهنته، أو تلحق ضررا على سمعته في الأوساط الاجتماعية؛ ومن ثم يكون الشخص المستهدف في هذه الحالة بين الاستجابة المرّة لمطالب المبتزّ بدفع رشوة إسكات للمحافظة على سرية هذه المعلومات أو المخاطرة بسمعته وسيرته العامة.
وقد يكون الابتزاز المالي من الشباب للفتيات بعد الحصول على صورهن… والتهديد بنشرها بما يمس كرامةَ المرأة وعفافها إذا لم تلتزم بدفع مبالغ مالية معينة يحددها المبتزّ.
فما توصيف الحكم الشرعي لهذه الجريمة النكراء؟ وما الآثار المترتبة عليها؟
إنّ جريمة الابتزاز المالي على اختلاف وسائلها تشتمل على جملة من المحاذير الشرعية، التي تعتبر من قبيل المحرمات؛ إما تحريماً لذاتها أو تحريما لما تفضي إليه من مفاسد، ويمكن بيانها فيما يلي:
أولا: تشتمل هذه الجريمة على الاعتداء على سمعة المجني عليه بممارسة الضغط عليه من أجل الحصول على نفع مادي، وبالتالي فهو يُخل بمقصود الشارع في المحافظة على العرض والمال، ومن الأدلة الدالة على تحريم الاعتداء على الأموال والأعراض:
- قول الله تعالى: (وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) ] البقرة: 190 [.
- قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) ]الأحزاب:59].
- قوله تعالى (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ ) [ البقرة: ١٨٨ ].
- قول النبي- ﷺ- في خطبة الوداع: (إنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهر هذا في بلدكم هذا) ]أخرجه البخاري برقم: (1739) 2/176، ومسلم برقم: (1679) 3/1306[.
وجه الدلالة من هذه النصوص: أن الشارع نهى عن الاعتداء والإيذاء مطلقا، وحرّم الدماء والأموال والأعراض إلا لمبرر شرعي، والابتزاز المالي اعتداءٌ بسلب الأموال، وانتهاك الأعراض بغير وجه حق؛ فكان داخلا في عموم النهي.
- أن الابتزاز وسيلة محرمة باعتبار أنه استغلال الشخص بهدم قيمته المعنوية لغرض الوصول إلى مال محرم، فيكون بهذا الاعتبار قد جمع حرمة الوسيلة وحرمة الغاية.
ثانيا: تشتمل هذه الجريمة على التجسس، وذلك مما علم تحريمه من الأدلة الشرعية، ومن جملتها:
- قول الله تعالى: (وَلَا تَجَسَّسُوا) [الحجرات: ١٢ [.
- قول النبي- ﷺ-: (إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تباغضوا، وكونوا إخوانا) ]أخرجه البخاري برقم: (5143) 7/ 19، ومسلم برقم:(2563) 4/1985[.
- أن الإجماع منعقد على تحريم التجسس، ومنع انتهاك خصوصيات الإنسان.
ثالثا: أن تكييف المال المأخوذ بواسطة جريمة الابتزاز المالي هو الغصب؛ لأنه مأخوذ على وجه المغالبة، ويترتب على هذا التكييف وجوب رد عين المال الحاصل من الابتزاز أو قيمته.
كما أن الغصب لم يرد في عقوبته حد مقدر؛ فيكون المردّ في تعيين العقوبة اللازمة بسببه إلى الحاكم الشرعي بما يراه مناسبا لعظم الجرم والآثار المترتبة عليه، مانعا من اقتراف الجريمة.
يقول ابن رشد – رحمه الله تعالى – : “وكذلك أجمعوا على أنه ليس على الغاصب ولا على المكابر المغالب قطع، إلا أن يكون قاطع طريق شاهرا للسلاح…”([1]) .
ويقول ابن قدامة: “التعزيز هو العقوبة المشروعة على جناية لا حد فيها؛ كوطء الشريط الجارية المشتركة أو أمته المزوجة … أو النهب أو الغصب أو الاختلاس”([2])
وإن كشف المعلومات المسيئة ولم يحصل على مقابل مادي استحق أيضا العقوبة التعزيرية بما يراه الحاكم لانتهاكه للأعراض المصونة في الشريعة الإسلامية.
1. نوازل الجرائم المالية- دراسة فقهية، لأحمد بن محمد المهيزع، رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في قسم الفقه، كلية الشريعة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
2. جريمة الابتزاز – دراسة مقارنة، لمحمد الشلهوب.
3. ابتزاز الفتيات أحكامه وعقوبته في الفقه الإسلامين د. نورة بنت عبد الله بن محمد المطلق، على الرابط: (https:units.imamu.edu.sa).
4. بداية المجتهد لأبي الوليد محمد بن أحمد بن بن رشد القرطبي المالكي (ت 595هـ).
5. المغني لأبي محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي الحنبلي (ت 620هـ).
6. صيد الفوائد (https//said.net).