قسم الجنايات والقضاء والعلاقات الدوليةباب الجنايات

إرسال فيروس إلكتروني على المتجسس

مسألة رقم 8

العناوين المرادفة

معاقبة المتجسس بالفيروسات

صورة المسألة

تتيح بعض برامج الحماية لصاحبها معرفة عنوان بروتوكول الإنترنت الخاص بالمتجسس، فيعرف المتجسَّس عليه أنه قد تجسس عليه، ويعرف عنوان بروتوكول الإنترنت للمتجسس، فإذا تمكن المتجسس عليه من إرسال فيروس للمتجسس أثناء تجسسه فهل يجوز ذلك؟

حكم المسألة

ذكر بعض الباحثين المعاصرين أن هذه المسألة تخرج على مسألة يذكرها العلماء، وهي: إذا نظر شخص إلى بيت إنسان من ثقب أو شق باب ونحوه، فهل لصاحب البيت أن يرميه بحصاة أو يطعن عينه بعود، حتى لو أدى ذلك إلى جرح عينه؟

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: أنه يجوز أن يرمي من نظر إلى بيته من خلال شق في البيت أو ثقب باب ونحوه، وهو قول بعض الحنفية، وبعض المالكية، وهو مذهب الشافعية والحنابلة([1]).

 

واستدلوا بجملة من الأدلة، منها:

الدليل الأول: عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: «لو أن امرءًا اطلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح» [رواه البخاري (6888)، مسلم (2158)].

الدليل الثاني: عن سهل بن سعد الساعدي ـ رضي الله عنه ـ أن رجلاً اطلع في جحر في باب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم مدرى يحك به رأسه، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو أعلم أنك تنظرني لطعنت به في عينك»، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإذن من قبل البصر» [رواه البخاري(6901)، مسلم (2156)].

الدليل الثالث: عن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رجلاً اطلع من بعض حجر النبي صلى الله عليه وسلم، فقام إليه بمشقص أو بمشاقص وجعل يختله ليطعنه [رواه البخاري (6900)، مسلم (2157)].

 

القول الثاني: أنه لا يجوز أن يرميه بما يجرح عينه، ولو فعل ذلك فعليه الضمان أو القود، وهذا القول هو مذهب الحنفية، والمالكية([2]).

واستدلوا على ذلك بجملة من الأدلة، منها:

الدليل الأول: أن المتجسس عليه يقدر على دفع المتجسس بالأقل ضرراً، وهو أن يزجره عن ذلك، فلم يجز له فعل الأشد مع قدرته على دفعه بالأقل، كدفع الصائل.

الدليل الثاني: أنه لو نظر إنسان إلى عورة إنسان بغير إذنه لم يستبح فقأ عينه، فالنظر إلى الإنسان في بيته أولى أن لا يستباح به.

الدليل الثالث: أنه لو دخل منزله ونظر فيه، أو نال من امرأته ما دون الفرج لم يجز قلع عينه، فمجرد النظر من باب أولى.

وإذا تقرر ما سبق، فهل إذا علم أن شخصاً يتجسس عليه، واستطاع أن يرسل إليه فيروساً فهل هذا الفعل جائز أو لا؟

الأصل: جواز هذا الفعل؛ لأن التجسس يهدر العين، فمن باب أولى البيانات والبرامج؛ لأن حرمة النفس وما دونها أعظم من حرمة المال.

ولأن المتجسس بتجسسه معتد، فيسقط باعتدائه حرمة جهازه.

 

ولعل الأولى: تقييد هذا الجواز بجملة من الشروط:

الشرط الأول: أن يكون إرسال الفيروس أثناء التجسس لا بعده.

الشرط الثاني: أن يضمن مرسل الفيروس أن لا ينتقل الضرر إلى غير المتجسس، وعلى ذلك فلا بد أن يكون الفيروس فيروساً غير متولد، فإن كان فيروساً متولداً فلا يجوز.

الشرط الثالث: أن يجزم بحصول التجسس قطعاً.

الشرط الرابع: أن يجزم المرسل بأن المتجسس يتصفح من جهازه الخاص لا جهاز غيره.


([1]) البيان 12/79، المغني 9/ 186، والمراجع التالية.

([2]) تبيين الحقائق 6/110، مواهب الجليل 6/322.

المراجع

• الاعتداء الإلكتروني (رسالة دكتوراه ـ كلية الشريعة ـ جامعة الإمام) د. عبدالعزيز الشبل (678ـ 685).
• تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، تأليف عثمان بن علي الزيلعي الصغير الحنفي ( 6م110).
• مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، تأليف محمد بن محمد المغربي، المعروف بالحطاب الرعيني ( 6/322).
• البيان في مذهب الإمام الشافعي، تأليف يحيى العمراني الشافعي (12/79).
• المغني، تأليف أبي محمد عبد الله ابن قدامة المقدسي الحنبلي( 9/186).

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى