إتلاف الأجنة الزائدة عن الحاجة بعد نقلها إلى رحم المرأة
المسألة رقم 71
يلجأ الأطباء إلى نقل عدد زائد من البويضات الملقحة إلى الرحم لزيادة نسبة النجاح لعملية التلقيح الصناعي؛ إذ في كثير من الأحيان يرفض الرحم البويضة الملقحة، فبزيادة العدد إلى أربعة أجنة أو خمسة تزيد فرصة النجاح.
لكن يحدث أحيانًا أن تعلق هذه الأجنة كلها وتنمو كلها، بحيث يصبح نموها جميعًا يهدد نجاح عملية التلقيح الصناعي على العكس من الغرض الذي وضعت من أجله، فيلجأ الأطباء إلى التخلص من عدد معين من هذه الأجنة والإبقاء على اثنين إلى ثلاثة منها؛ وذلك لأن وجود حمل متعدد يغلب عليه الانتهاء بالإسقاط، أو الولادة المبكرة، أو حدوث مضاعفات للأم أولاً، ثم للأجنة ثانيًا،كما أن تخفيض العدد يحسن من فرصة نمو بقية الأجنة واستمرار الحمل.
ويتم تشخيص وجود هذا العدد الزائد من الأجنة بواسطة جهاز الفحص بالموجات فوق الصوتية، ويتم التشخيص ما بين الأسبوع الخامس إلى السادس.
ويتم تخفيض عدد الأجنة عن طريق حقن مادة (كلور البوتاسيوم) في التجويف الصدري للأجنة الزائدة عن طريق المهبل، بالاستعانة بجهاز الأشعة الصوتية المهبلية، مما يؤدي إلى توقف الأجنة الزائدة عن النمو دون أن تؤثر على باقي الأجنة.
حكم إجهاض الأجنة الزائدة عن الحاجة بعد نقلها إلى رحم المرأة ينبني أولاً على المرحلة التي يتم فيها إجهاضها، وظاهر مما تقدم أن إجهاضها يكون قبل نفخ الروح فيها، والفقهاء-رحمهم الله- مختلفون في حكم الإجهاض قبل نفخ الروح في الجنين -أي قبل تمام أربعة أشهر-، فمن قال بالجواز سيقول هنا بالجواز من باب أولى؛ لأن الحاجة للإجهاض هنا ظاهرة.
أما على القول بتحريم الإجهاض قبل نفخ الروح – ولو في مرحلة دون مرحلة – فالتحريمهنا من باب تحريم الوسائل، فتحريمه من بابسد الذريعة، والمقصود الرئيس هو منع الإجهاض بعد نفخ الروح، وما حرّم سدًا للذريعة يباح عند الحاجة، ومن ثمّ أجاز عامة الفقهاء المعاصرين إجهاض الجنين المشوه لهذا المعنى، والحاجة هنا ظاهرة لإجهاض بعض الأجنة للحفاظ على الأم وعلى الأجنة الباقية فيجوز.
1-أحكام التجارب الطبية، رسالة دكتوراه لعبد الرحمن العثمان، كلية الشريعة قسم الفقه.
2- الخلايا الجذعية والقضايا الأخلاقية والفقهية، د. محمد علي البار، مقدم إلى مؤتمر الهندسة الوراثية بين الشريعة والقانون،جامعة الإمارات
3- حكم الاستفادة من الأجنة المجهضة والزائدة عن الحاجة، د. عبدالسلام العبادي، بحث مقدم للمجمع الفقه الدولي، الجزء السادس.
4.المغني، لابن قدامة، تحقيق: د.عبدالله التركي، د.عبدالفتاح الحلو، دار هجر –القاهرة.