قسم الفقه الطّبيمسائل متنوعة

التمريض

المسألة رقم 72

صورة المسألة

التمريض لغة: حسن القيام على المريض، وقضاء حاجاته طبقًا لإرشادات الطبيب( ).
واصطلاحًا: تقديم الرعاية الصحية الشاملة غير تشخيص الداء والدواء وصرفه( ).
أنواع التمريض:
ينقسم التمريض إلى قسمين:
1. التمريض العائلي: أي تمريض الأقارب بعضهم بعضًا.
2. التمريض المهني الوظيفي: وهو خارج نطاق الأقارب.
نشأة التمريض:
بداية التمريض ونشأته ما هو إلا امتداد لحياة الإنسان ووجوده على الأرض، أما نشأته كمهنة ووظيفة ونظام فلا يعلم عن ذلك إلا الشيء اليسير، إلا ما ورد في العصور المتأخرة، حيث أصبح التمريض في العصر الحديث مهنة تدرس فنونها في الكليات والمعاهد المتخصصة، وأصبح وجود الممرضين والممرضات أمرًا لا مندوحة عنه في العيادات والمستشفيات وغيرها من المرافق الصحية.
ويرجع تاريخ التمريض في صدر الإسلام إلى غزوات الرسول  حيث خصص أناس من أهل الخبرة للقيام بالتمريض، وخاصة من النساء كما ورد عن أنس  قال:(كان رسول الله  يغزو بأم سليم ونسوة من الأنصار معه إذا غزا، فيسقين الماء ويداوين الجرحى ) أخرجه مسلم ح 1810.

حكم المسألة

التمريض في الأصل عمل مشروع مندوب إليه لما فيه من رعاية للمرضى، ولحاجة الطبيب إلى الممرض في الكثير من الحالات المرضية، بالإضافة إلى أن هناك الكثير من الأعمال الطبية التي لا تحتاج لخبرة الطبيب، بل يكفي فيها شخص مدرب كالممرض أو الممرضة، مثل إعطاء الحقن وسحب العينات.

وإذا نظر لحاجة المريض للعناية والقيام بأمره فيتوجه القول بأن حكم التمريض بشكل عامفرض كفاية، على أهل المريض أولا، ثم على أقربائه الأقرب فالأقرب، ثم الصاحب، ثم الجار، ثم سائر الناس.

 

آداب التمريض:

للتمريض آداب وشروط ينبغي التحلي بها ومنها:

  • إتقان المهنة التي كلف بها (التمريض)، والوفاء بالمواعيد والعقود، وسعة الصدر؛ لأنه يتعامل مع أناس ليسوا بحالة صحية سوية، وأن يبث في هؤلاء المرضى روح الأمل والتوكل على الله عزوجل، وعليه كذلك أن يرعى حرمة هؤلاء، وأن يحفظ أسرارهم، ويحرص على ستر عوراتهم فلا ينظر إليها إلا لحاجة معتبرة، ويكون نظره بقدر الحاجة دون تجاوز.
  • الأصل في التطبيب عامة أن يعمل الرجال بتمريض الرجال وأن تعمل النساء بتمريض النساء؛منعًا للاختلاط وتجنبًا للخلوة المحرمة ولمنع انكشاف عورات النساء للرجال وعورات الرجال للنساء، إلا في حالة الضرورة يجوز للنساء تمريض الرجال والعكس؛ لفعل النبي ﷺ حين أجاز للنساء مداواة الرجال كما في الحديث السابق.
  • كذلك لا يجوز للممرض أن يختلي بالمريضة الأجنبية، ولا يجوز للممرضة أن تختلي بالمريض الأجنبي إلا بوجود محرم أو أشخاص آخرين، كالأطباء أو غيرهم لمنع الخلوة.(انظرمادة: مداواةالرجل للمرأة والمرأة للرجل).
  • هذا بالإضافة إلى جانب الحرص على عدم الخلوة بين الطبيب والممرضة أو الطبيبة والممرض التي قد تحصل في الأوقات التي تخلو فيها العيادة من المراجعين.

 

مسؤولية التمريض:

عمل التمريض مرتبط مباشرة بتوجيهات الطبيب المعالج، ولذا يجب على الممرض أن يأتمر بأوامر الطبيب ويتقيد بها؛ لما في ذلك من مصلحة للمريض، وعلى الممرض أن يخبر الطبيب بالتطورات غير الطبيعية التي قد تطرأ على المريض لكي يستطيع معالجتها في الوقت المناسب، علمًا بأن القواعد العامة التي تحكم مسؤولية الممرض تجاه المريض هي القواعد ذاتها التي تحكم ممارسة المهن الطبية عامة (انظر مصطلح: ضمان الطبيب)،فإذا فعل الممرض أو الممرضة أو القابلة فعلًا مأذونًا به، وفق قواعد التمريض المعروفة لأهل العلم، دون تجاوز، فإنه لا يُسأل عما قد ينتج عن فعله من مضاعفات أو أضرار للمريض، أما إذا ارتكب الممرض أو من في حكمه فعلًا غير مأذون به أو أخطأ أو أهمل، أو تجاهل توجيهات الطبيب المعالج، أو ارتكب فعلًا يأباه علم التمريض فإنه يتحمل مسؤولية ما قد ينتج عن فعله من مضاعفات أو أضرار.

وفي الحالات التي ينتج فيها الضرر بسبب توجيهات الطبيب للممرضين، فإن المسؤولية تقع أولاًعلى الطبيب، مالم يكن الفعل الذي أمر به الطبيب مما لا يجوز للممرض فعله أصلًا، كأن يكون مخالفًا لقاعدة شرعية معلومة، أو يكون مخالفًا لأصول التمريض والتطبيب، فعندئذ لا تنتفي مسؤولية الممرض، بل يشترك مع الطبيب في المسؤولية، ويضمن وإياه ما نتج عن الخطأ من أضرار، بناءً على القاعدة الفقهية أنه إذا اجتمع المتسبب والمباشر فالأصل تضمين المباشر إلا أن يكون معذورا فيضمن المتسبب، وقاعدة الاشتراك في الجناية والخطأ.

ويجدر بالممرض إذا ما وجد خطأ في توجيهات الطبيب أن يلفت نظر الطبيب لهذا الخطأ من أجل تصحيحه، فإن أصر الطبيب على الفعل وجب على الممرض تسجيل ذلك في سجل الملاحظات؛ ليرفع عن نفسه المسؤولية، علمًا بأن الممرض لا يبرأ من المسؤولية إذا كان الفعل محرمًا شرعًا، أو كان مخالفًا مخالفة صريحة لأصول التمريض والتطبيب كما ذكرنا.

المراجع

1. التمريض وأحكامه في الفقه الاسلامي، أمل بنت سمحان اللحيان، رسالة ماجستير، دار الصميعي، الرياض، 1430 .
2. أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها، د. محمد بن محمد المختار الشنقيطي، مكتبة الصديق، الطائف، ط.1 1413.
3. الموسوعة الطبية الفقهية، د. أحمد محمد كنعان، دار النفائس، بيروت، ط.1 1420 .

مسائل ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى