قسم المعاملات الماليةباب بطاقات الائتمان

أخذ الرسوم على السحب النقدي ببطاقة الائتمان

المسألة رقم 36

صورة المسألة

أن يقوم العميل بسحب مبلغ معين من رصيده ببطاقة الائتمان, فيخصم من رصيده مبلغًا من المال: كرسوم على الخدمة, التي تقدم من بطاقة الائتمان.
مثال ذلك: سحب العميل مبلغ (1800) ريال, ثم يخصم منه بعد (45) يومًا مبلغ (1818) ريالًا, بأخذ (18) ريالًا زيادة على الذي سحبه من رصيده كرسوم للشبكة الدولية.
و للسحب النقدي بالبطاقة الائتمانية حالتان:
1/ السحب اليدوي: والمراد ما يحصل بإبراز البطاقة للبنك, والحصول على النقود مناولةً.
2/ السحب الآلي، وهو ما يكون عن طريق أجهزة الصراف الآلي (ATM)، وهذا النوع من السحب عادةً ما يكون له تكاليف من أجهزة وصيانة واستئجار مواقع ونحو ذلك.

حكم المسألة

أما في الحالة الأولى وهي السحب اليدوي ف لا يجوز أخذ أي رسوم في مقابل السحب؛ لأن ذلك من الربا الصريح، وهذه الرسوم لا يقابلها تكاليف فعلية في الغالب؛ ومن هنا فقد أكدت فتاوى الهيئات الشرعية للمصارف الإسلامية على حرمة استخدام البطاقة الائتمانية في السحب اليدوي من البنوك الربوية؛ لأن هذه البنوك تحتسب فائدة ربوية عبارة عن نسبة مئوية من المبلغ المسحوب.

 

وأما في الحالة الثانية وهي السحب الآلي فقد اختلف الباحثون في حكم الرسوم المأخوذة على السحب النقدي ببطاقة الائتمان على عدة اتجاهات:

الاتجاه الأول: لا يجوز أخذ الرسوم مطلقًا، سواءً أكانت في مقابل نفقات فعلية أم لم تكن.

أهم أدلة هذا الاتجاه:

أن هذه الرسوم من الربا المحرم؛ لأنها من فوائد القروض.

 

الاتجاه الثاني: جواز أخذ الرسوم، سواءً أكانت نسبة مئوية من المبلغ المسحوب, أم كانت مبلغًا مقطوعًا، وهذا ما صدر عن هيئة الفتوى والرقابة الشرعية في بيت التمويل الكويتي، وفتوى ندوة البركة.

أهم أدلة هذا الاتجاه:

أن رسوم السحب النقدي في مقابل خدمات يقدمها المصدر من توصيل المال إلى حامل البطاقة في أي مكان عبر فروعه أو أجهزة الصرف، كما أنها في مقابل خدمات يقدمها المسحوب منه من إجراء اتصالات, وتكاليف إبراق, وأجهزة صرف, ونحو ذلك.

 

الاتجاه الثالث: يجوز أخذ الرسوم بشرط أن تكون مبلغًا مقطوعًا لا نسبةً مئويةً.

وهذا ما صدر بالأغلبية عن الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية، وهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات الإسلامية.

أهم أدلة هذا الاتجاه:

أن تغير الرسم بتغير المبلغ المسحوب (النسبة المئوية) فيه شبهة الربا، وهذا منتفٍ في حالة كون الرسم مبلغًا مقطوعًا في كل حالة من حالات السحب.

 

الاتجاه الرابع: يجوز أخذ الرسوم بشرط أن تكون مبلغًا مقطوعًا في مقابل النفقات الفعلية لعملية الإقراض، ولا يجوز الزيادة على التكلفة الفعلية، وهذا رأي مجمع الفقه الإسلامي، والهيئة الشرعية لشركة الراجحي.

أهم أدلة هذا الاتجاه:

أن السحب النقدي في حقيقته اقتراض من المسحوب منه، فما يأخذه المقرض من زيادة ربا محرم شرعًا، وهذا من ربا القروض، ويستثنى من ذلك التكلفة الفعلية للإقراض, فهي غير داخلة في المنفعة المحرمة لما سبق، وهي من أجور خدمات القروض, التي أجازها مجمع الفقه في دورته الثالثة, بشرط أن تكون في حدود النفقات الفعلية، وما زاد فهو ذريعة لربا القروض وستار لإخفائه.

 

قرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية والفتاوى العلمية.

أولًا: قرارات المجامع الفقهية:

قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية، من 25 جمادى الآخرة 1421 هـ إلى غرة رجب 1421 هـ (23-28 سبتمبر 2000م). بناء على قرار المجلس رقم 65/1/7 في موضوع: (الأسواق المالية بخصوص بطاقة الائتمان ), حيث قرر البت في التكييف الشرعي لهذه البطاقة وحكمها في دورة قادمة, وإشارة إلى قرار المجلس في دورته العاشرة رقم 102/4/10، وبعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع (بطاقات الائتمان غير المغطاة), وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله من الفقهاء والاقتصاديين…قرر ما يلي:

أولا: لا يجوز إصدار بطاقة الائتمان غير المغطاة, ولا التعامل بها إذا كانت مشروطة بزيادة فائدة ربوية، حتى ولو كان طالب البطاقة عازما على السداد, ضمن مدة السماح المجاني.

ثانيا: يجوز إصدار البطاقة غير المغطاة إذا لم تتضمن شرط زيادة ربوية على أصل الدين.

ويتفرع على ذلك:…

ثالثا: السحب النقدي من قبل حامل البطاقة اقتراض من مصدرها، ولا حرج فيه شرعا إذا لم يترتب عليه زيادة ربوية، ولا يعد من قبيلها الرسوم المقطوعة التي لا ترتبط بمبلغ القرض أو مدته مقابل هذه الخدمة. وكل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة، لأنها من الربا المحرم شرعا، كما نص على ذلك المجمع في قراره رقم 13 (10/2) و 13(1/3).

 

ثانيًا: قرارات وفتاوى الهيئات الشرعية:

1/ قرر مجلس فقهاء الشريعة بأميركا في دورته التدريبية الثانية لأئمة المساجد والمراكز الإسلامية بالساحل الغربي للولايات المتحدة في المدة من 13 – 17 مايو – 2005 حول استثمار الأموال في الإسلام بمدينة سكرمنتو بولاية كاليفورنيا ما يلي:

بشأن بطاقة الائتمان:

بطاقات الائتمان هي البطاقات التي تخول لحاملها الحصول على حاجياته من السلع أو الخدمات دينًا. وتقضي بوجوب دفع فوائد ربوية أو غرامات مالية عند التأخر عن الوفاء

الأصل في هذه البطاقات أنها من العقود الفاسدة, نظرا لما تتضمنه من شرط ربوي, يتعين قبوله من المتعامل بها, ويلزمه الوفاء به عند الاقتضاء.

يرخص في استخراج هذه البطاقات إذا عمت البلوى بها، ومست الحاجة إليها، وانعدم البديل المشروع، وغلب على ظن المتعامل بها قدرته على الوفاء, وتجنب الوقوع تحت طائلة هذا الشرط الربوي، على ألا تستخدم فعلا إلا بقدر الحاجة، وأن يسدّد ما عليه دفعة ً واحدة دون تأخير، وأن يتوقف عن استخدامها مطلقًا عندما يصبح لديه تاريخٌ ائتماني, يكفي لتسهيل معاملاته وحصوله على ما يريد، فإن ما رخص فيه للحاجة يقدر بقدرها.

لا يحل السحب النقدي عن طريق هذه البطاقات إلا عند الضرورات, لأن الشرط الربوي يطبق منذ اللحظة الأولى، ولا سبيل إلى الفكاك منه.

 

2/ الهيئة الشرعية لمصرف الراجحي.

قررت الهيئة الشرعية بمصرف الراجحي في موضوع أخذ الرسوم على بطاقة الائتمان, ما يلي:

ترى الهيئة أنه لا يجوز للشركة تحصيل أي رسوم تحت أي اسم لقاء السحب النقدي من عملائها, الذين يحملون بطاقة فيزا الصادرة من الشركة أو غيرها, لقاء سحبهم مبالغ نقدية بموجب حملهم لبطاقة فيزا, حتى ولو كانت العمولة مطالبًا بها من بنوك أجنبية, قامت بصرف مبلغ نقدي لحملة بطاقة الفيزا, التي تصدرها الشركة، وعلى الشركة إيجاد طريقة تتعامل بها مع البنوك الأجنبية, بحيث لا تدفع هذه الرسوم, أو تتوصل إلى طريقة من خلال شبكة مراسليها, لتزويد حملة بطاقات الفيزا التي تصدرها بحاجتهم من النقد, تحويلًا من حساباتهم مباشرة, ولا مانع في هذه الحالة من تحصيل الرسم الفعلي لتحويل المبلغ من حساب العميل إلى المنطقة التي هو فيها.

المراجع

1/ قرارات مجمع الفقه الإسلامي الدولي (منظمة المؤتمر الإسلامي ), قرار رقم:108(2/12).
2/ قرار مجلس فقهاء الشريعة بأميركا، الدورة التدريبية الثانية (13 – 17 مايو – 2005م).
3/ قرارات الهيئة الشرعية لمصرف الراجحي (3/120 – 124 – 137), قرار رقم (50) ورقم (124) و رقم (255 ).
4/ بطاقات الائتمان والأحكام المتعلقة بها، دراسة فقهية مقارنة (رسالة ماجستير), د. يوسف بن عبد الله الشبيلي, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, المعهد العالي للقضاء – الرياض.
5/ أحكام البطاقات الائتمانية المسبقة الدفع (رسالة ماجستير), أحمد بن عبدالرحمن الأحمد, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, المعهد العالي للقضاء – الرياض.
6/ البطاقات المصرفية وأحكامها الفقهية (رسالة ماجستير), د. عبدالرحمن بن صالح الحجي, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, كلية الشريعة.

مسائل ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى