قسم المعاملات الماليةباب بطاقات الائتمان

أخذ الرسوم على إصدار البطاقة الائتمانية

مسألة رقم 35

صورة المسألة

أن يأخذ البنك مبلغا معينًا ثابتًا من العميل عند إصدار بطاقة الائتمان.

حكم المسألة

اختلف المعاصرون في حكم أخذ الرسوم على إصدار البطاقة على اتجاهات:

الاتجاه الأول: يحرم أخذ الرسوم، وهذا رأي بعض أعضاء مجمع الفقه.

أهم أدلة هذا الاتجاه:

1/ أن العلاقة بين المصدر وحامل البطاقة ضمان، وأخذ هذه الرسوم من الأجر على الضمان، وهو محرم.

2/ أن الائتمان الذي يقدمه المصدر شبيه بالقرض، فما يأخذه من رسوم فيه شبهة الربا، بوصفه من المنفعة المشروطة في القرض.

3/ أن بعض البطاقات كالبطاقة الذهبية تقدِّم خدمات محرمة كالتأمين على الحياة، وهذا مأخوذ في الاعتبار عند تقدير هذه الرسوم، فيحرم أخذها لذلك.

4/ أن هذه الرسوم في مقابل عدد مرات استفادة حامل البطاقة من التسهيلات المالية التي تمنحها البطاقة، وهذه المرات غير معلومة العدد، فالعقد لا يخلو من غرر وجهالة.

 

الاتجاه الثاني: جواز أخذ هذه الرسوم، وهذا رأي أكثر الباحثين, الذين تصدوا لدراسة أحكام هذه البطاقات، وهو ما صدر عن المجامع الفقهية والهيئات الشرعية: كمجمع الفقه الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي -المؤتمر الإسلامي سابقا-، وهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية في البحرين، والهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية، وهيئة الفتوى والرقابة الشرعية في بيت التمويل الكويتي، وندوة البركة الفقهية الثانية العشرة، واختاره كثير من الباحثين المعاصرين.

أهم أدلة هذا الاتجاه:

1/ أن هذه الرسوم في مقابل تقديم الخدمات المصرفية, هي أجرة مقطوعة لا علاقة لها بمقدار دين حامل البطاقة، فهي أجرة في مقابل عمل.

2/ على تكييف العلاقة بين المصدر والحامل بأنها قرض، فهذه الرسوم تعد من أجور خدمات القروض، وقد أجاز مجمع الفقه في دورته الثالثة هذه الأجور, بشرط أن تكون في حدود النفقات الفعلية.

3/ أن إصدار هذه البطاقات تكلف المصرف أعمالًا إدارية كثيرة: كتجهيز البطاقة, وإرسال الإشعار, وإجراءات فتح الملف, وتعريف الجهات التي قد يحتاج للتعامل معها, وما يترتب على ذلك من أعمال مكتبية وموظفين واستئجار مواقع للأجهزة, وإجراء اتصالات هاتفية, وتكاليف الاشتراك في المنظمات، فهذه الرسوم في مقابل هذه التكاليف.

 

الاتجاه الثالث: التفصيل، وذلك أن الرسوم على أقسام:

أ/ التكاليف والنفقات الفعلية، وهذه جائزة إذا لم تكن تكاليف أمور محرمة: كالتأمين, وتم تقديرها بدقة وعدل.

ب / رسوم الضمان، وهذه لا يجوز أخذها.

ج / أجور الخدمات المقدمة لحامل البطاقة، وهذه في الواقع تابعة للضمان؛ لذا لا يجوز أخذها ؛ للقاعدة الفقهية (التابع تابع)([1])، وحكم رسوم الخدمات تابعة لحكم رسوم الضمان، ولما جاء في القاعدة الأخرى: (إذا اجتمع الحلال والحرام غُلِّب جانب الحرام)([2]).

 

قرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية والفتاوى العلمية.

أولًا: قرارات المجامع الفقهية: ـ

قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية، من 25 جمادى الآخرة 1421 هـ إلى غرة رجب 1421 هـ (23-28 سبتمبر 2000م ), وبناء على قرار المجلس رقم 65/1/7 في موضوع: (الأسواق المالية بخصوص بطاقة الائتمان ), حيث قرر البت في التكييف الشرعي لهذه البطاقة وحكمها في دورة قادمة, وإشارة إلى قرار المجلس في دورته العاشرة رقم 102/4/10، وبعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع (بطاقات الائتمان غير المغطاة ), وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله من الفقهاء والاقتصاديين، ورجوعه إلى تعريف بطاقة الائتمان في قراره رقم (63/1/7), الذي يستفاد منه تعريف بطاقة الائتمان غير المغطاة بأنه:… قرر ما يلي:

أولا: لا يجوز إصدار بطاقة الائتمان غير المغطاة ولا التعامل بها إذا كانت مشروطة بزيادة فائدة ربوية، حتى ولو كان طالب البطاقة عازما على السداد, ضمن مدة السماح المجاني.

ثانيا: يجوز إصدار البطاقة غير المغطاة إذا لم تتضمن شرط زيادة ربوية على أصل الدين.

ويتفرع على ذلك:

أ ـ جواز أخذ مصدرها من العميل رسوما مقطوعة عند الإصدار أو التجديد, بصفتها أجرا فعليا على قدر الخدمات المقدمة منه……

ثانيًا: قرارات وفتاوى الهيئات الشرعية:

1/ قررت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ([3]):

أنه يجوز للمؤسسة المصدرة للبطاقة أن تتقاضى من حامل البطاقة رسم عضوية، ورسم تجديد، ورسم استبدال.

2/ الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار.

فقد اطلعت الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار على السؤال المقدم من الشركة برقم ع س ر 138 / 90 المتعلق بالرسوم والعمولات, التي تستحق للشركة من جراء اشتراكها في إصدار بطاقة فيزا العالمية، وبعد تأمل الهيئة لمجمل ما ورد حول هذا الموضوع من الشركة تبين لها أن الرسوم والعمولات, التي تستحق لشركة الراجحي جراء اشتراكها في إصدار بطاقة فيزا تنقسم إلى أربعة أقسام, هي كما يلي:

1/الرسوم التي تستحق لها على عميلها لقاء إصدار البطاقة له, أو تجديدها سنويًّا, أو إصدار بطاقة على حسابه لزوجته أو أولاده, أو إصدار بطاقة بديلة في حال فقده لبطاقته، وهذه الرسوم يجوز للشركة تحصيلها من عميلها.

2/رسوم وعمولات تستحق للشركة على الغير, مقابل خدمة يقوم العميل بالحصول عليها منهم, بموجب اشتراكه في بطاقة فيزا, بحيث لا يتحمل العميل شيئًا من هذه الرسوم، وهذا النوع يجوز للشركة تحصيله ممن قدم الخدمة للعميل.

3/ رسوم وعمولات تستحق للشركة مقابل التوسط في عمليات المصارفة والتحويل من بلد إلى بلد, فلا بأس للشركة من تحصيلها من العميل أو غيره.

4/رسوم تستحق لشركة الراجحي مقابل إقراضها مبلغًا من النقود لشخص يحمل بطاقة فيزا، ففي هذه الحال:

 

لا يجوز للشركة أن تتقاضى أي رسوم لقاء هذا القرض، سواء أكانت هي المصدرة للفيزا، أو كانت الفيزا صادرة من مصدر آخر:

فإذا كانت الفيزا من شركة الراجحي، وسجل لها مركز فيزا الدولي رسومًا عنها، فعلى الشركة أن تقوم بتسجيل هذه الرسوم لعميلها في حسابه الدائن (أي تردها إليه,) أما إن كانت الفيزا من مصدر آخر, وسجل مركز الفيزا لشركة الراجحي رسومًا عن هذا القرض، فعلى الشركة قيد هذه الرسوم في حساب الأعمال الخيرية, خروجًا من الشبهة.

 

3/فتوى هيئة الرقابة الشرعية في بيت التمويل الكويتي.

ورد سؤال للهيئة عن موضوع أخذ الرسوم على إصدار بطاقة فيزا ([4]).

فأجابت بما نصه:

يجوز أخذ أجرة عن الخدمات المقدمة لصاحب بطاقة فيزا التمويل, ومنها القيام بالدفع من حسابه المشتمل على رصيد على أساس أجر الوكالة بالدفع. أما في حالة انكشاف رصيده وقيامنا بالدفع عنه منا, فلا يؤخذ منه عمولة, لأنه قرض حسن.


[1]) ينظر : الدر المختار (1/482) .

[2]) ينظر : لسان الحكام (ص 377) وحاشية الدسوقي (2/266) .

[3]) ينظر : قرار رقم (3/4) .

[4]) ينظر : نص السؤال في فتوى رقم (376) .

المراجع

1/ مجلة مجمع الفقه الإسلامي مجلة المجمع , قرار رقم: 108 (2/12 ).
2/ قرارات الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار
3/ هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية, قرار رقم (3/4).
4/ بطاقات الائتمان والأحكام المتعلقة بها، دراسة فقهية مقارنة (رسالة ماجستير), د. يوسف بن عبدالله الشبيلي, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, المعهد العالي للقضاء – الرياض.
6/ أحكام البطاقات الائتمانية المسبقة الدفع (رسالة ماجستير), أحمد بن عبدالرحمن الأحمد, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, المعهد العالي للقضاء – الرياض.
7/ البطاقات المصرفية وأحكامها الفقهية (رسالة ماجستير), د. عبدالرحمن بن صالح الحجي, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, كلية الشريعة.

مسائل ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى