قسم المعاملات الماليةباب العقود

عقد الصيانة

المسألة رقم 122

صورة المسألة

أن يلتـزم طرف بفحص وإصلاح ما تحتاجه آلة أو مبنى أو أي شيء آخر من إصلاحات دورية أو طارئة, لمدة معلومة في مقابل عوض معلوم, وقد يلتزم فيه الصائن بالعمل وحده أو بالعمل والمواد.

حكم المسألة

يختلف الحكم على عقد الصيانة بحسب اختلاف صوره:

الصورة الأولى: وهو أن يكون عقد الصيانة على عقد مستقل؛ فهو عقد جائز شرعًا، بشرط أن يكون العمل معلومًا، والزمن محددًا، والأجر معينًا.

 

الصورة الثانية: وهو أن تكون الصيانة مقرونة ببيع الأصل بثمن إضافي، ولكن بمبلغ وعقد واحد، وهذه الصورة اختلف في تكييفها على قولين:

القول الأول: أنها شرطان في بيع، وعقدان في عقد، عقد بيع الأصل(الآلة)، وعقد صيانة، وقد جاء النهي عن النبي ﷺ عن شرطين في بيع، وعن بيعتين في بيعة [الترمذي (1231) وقال: حديث حسن والنسائي في الكبرى (6228) وصحيح ابن حبان (4973) والبيهقي في الكبرى (10660)].

أهم أدلة جواز عقد الصيانة:

1/ إن الأصل في المعاملات الحل.

2/ إن الحاجة داعية إلى مثل هذه العقود وما فيها من غرر, فتغتفر لذلك.

3/ إنه عقد خلا من المحاذير الشرعية الموجبة لفساده، إما لتضمنه صورة أو شرطا ربويًا، أو جهالة وغررًا ظاهرًا، أو اشتمل على عقدين في عقد أو شرط وبيع وغيرها من المبطلات الشرعية.

 

القول الثاني: أنها شرط في عقد، فلا تعد في الحقيقة عقدًا مستقلًا عن العقد الأصلي الموضوع على بيع الآلة، وإنما هو تابع له، فلا تجوز.

أهم أدلة عدم جواز عقد الصيانة:

أن فيه غررًا فاحشًا, الأمر الذي يجعل العقد ضربًا من الميسر المحرم بالكتاب والسنة والإجماع.

 

الصورة الثالثة: أن تكون الصيانة شرطًا ضمن عقد البيع، وهذه تكيف على أنها بيع وشرط.

الصورة الرابعة: أن تكون الصيانة علاجية مستقلة، وهذه تكيف على أنها تأمين تجاري.

 

قرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية والفتاوى العلمية.

أولًا: قرارات المجامع الفقهية:

قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الحادي عشر بالمنامة في مملكة البحرين، من (25-30 رجب 1419 الموافق 14-19 تشرين الأول (نوفمبر) 7998م في قراره رقم: 103(6/11) قرر ما يلي:

أولا: عقد الصيانة هو عقد مستحدث مستقل تنطبق عليه الأحكام العامة للعقود، ويختلف تكييفه وحكمه باختلاف صوره، وهو في حقيقته عقد معاوضة, يترتب عليه التـزام طرف بفحص وإصلاح ما تحتاجه آلة أو أي شيء آخر من إصلاحات دورية أو طارئة, لمدة معلومة في مقابل عوض معلوم، وقد يلتزم فيه الصائن بالعمل وحده أو بالعمل والمواد.

ثانيا: عقد الصيانة له صور كثيرة، منها ما تبين حكمه، وهي:

  1. عقد صيانة غير مقترن بعقد آخر, يلتـزم فيه الصائن بتقديم العمل فقط، أو مع تقديم مواد يسيرة, لايعد العاقدان لها حسابًا في العادة.
    هذا العقد يكيف على أنه عقد إجارة على عمل، وهو عقد جائـز شرعا، بشرط أن يكون العمل معلوما والأجر معلوما.
  2. عقد صيانة غير مقترن بعقد آخر, يلتـزم فيه الصائن بتقديم العمل، ويلتـزم المالك بتقديم المواد
    تكييف هذه الصورة وحكمها كالصورة الأولى.
  3. الصيانة المشروطة في عقد البيع على البائع لمدة معلومة.
    هذا عقد اجتمع فيه بيع وشرط، وهو جائز, سواء أكانت الصيانة من غير تقديم المواد أم مع تقديمها.
  4. الصيانة المشروطة في عقد الإجارة على المؤجر أو المستأجر.
    هذا عقد اجتمع فيه إجارة وشرط، وحكم هذه الصورة أن الصيانة إذا كانت من النوع الذي يتوقف عليه استيفاء المنفعة فإنها تلـزم مالك العين المؤجرة من غير شرط، ولا يجوز اشتراطها على المستأجر، أما الصيانة التي لا يتوقف عليها استيفاء المنفعة، فيجوز اشتراطها على أي من المؤجر أو المستأجر إذا عينت تعيينًا نافيا للجهالة.

وهناك صور أخرى يرى المجمع إرجاءها لمزيد من البحث والدراسة.

ثالثا: يشترط في جميع الصور أن تعين الصيانة تعيينا نافيا للجهالة المؤدية إلى النـزاع، وكذلك تبيين المواد إذا كانت على الصائن، كما يشترط تحديد الأجرة في جميع الحالات.

 

ثانيًا: قرارات وفتاوى الهيئات الشرعية:

1/ الهيئة الشرعية بموقع إسلام ويب.

سئلت الهيئة عن موضوع عقد الصيانة ([1]).

فأجابت بما يلي:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن هذا النوع من العقد لا يصح لما فيه من الغرر، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله ﷺ عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر) [مسلم (1513)].

وبيع الغرر هو: كل بيع مجهول العاقبة فلا يدري حصوله أو لا، ففي ذلك مخاطرة، وإذا منع هذا في البيع منع في الإجارة، وقد قال أهل العلم: إن الإجارة في هذا كالبيع، لأنها في الواقع هي بيع منافع.

والغرر متحقق في هذه المعاملة، فقولك: يحدث خلل، فيكون قد أخذ المبلغ بلا مقابل، وقد يحدث خلل يكلف أكثر من المبلغ الذي أخذه. والله أعلم.


[1]) ينظر : نص السؤال في فتوى رقم (19388) .

المراجع

المراجع:
1/مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي قرار رقم:103 (6/11).
2/الهيئة الشرعية بموقع إسلام ويب فتوى رقم (19388).
3/ الشروط التعويضية في المعاملات المالية, (رسالة دكتوراه) عياد بن عساف العنزي, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية– الرياض.
4/الالتزام بالصيانة، دراسة تأصيلية تطبيقية (رسالة دكتوراه)، فهد بن عبد العزيز الوهيب, جامعة الإمام, كلية الشريعة – الرياض.
5/عقود الصيانة، د. منذر قحف،بحث مقدم لمجمع الفقه الإسلامي، مجلة المجمع ع11، 1419.
6/ عقود الصيانة وتكييفها الشرعي، الصديق الضرير، بحث مقدم لمجمع الفقه الإسلامي، مجلة المجمع ع11، 1419.
7/ عقود الصيانة وتكييفها الشرعي، د. محمد أنس الزرقا ود. سامي إبراهيم السويلم، بحث مقدم لمجمع الفقه الإسلامي، مجلة المجمع ع11، 1419.
8/ عقود الصيانة وتكييفها الشرعي، د. محمد المختار السلامي، بحث مقدم لمجمع الفقه الإسلامي، مجلة المجمع ع11، 1419.
9/ عقود الصيانة وتكييفها الشرعي، محمد علي التسخيري، بحث مقدم لمجمع الفقه الإسلامي، مجلة المجمع ع11، 1419.

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى