قسم المعاملات الماليةباب الشروط

الشرط الجزائي في الديون المقترضة لصالح جهة أخرى

المسألة رقم 184

العناوين المرادفة

غرامة التأخير على الديون المتأخرة.

صورة المسألة

– اشتراط شرط جزائي مقابل السلعة المقترضة، وفي عقود المرابحات والالتزامات الدينية الآجلة، ينص على إلزام المدين بدفع مبلغ محدد، أو نسبة من الدين، أو نسبة من أرباح المستدين زمن التأخر، ويكون مردود الشرط الجزائي لصالح جهة منفكة عن الدائن، وتكون في الغالب جهات خيرية، كإقراض المقدمين على الزواج، أو صندوق القرض، والمقصود ليس التربح من المستدين وإنما إلزامه بالوفاء في الوقت المحدد.
– فلا يدخل في صورة البحث:
– إذا كان اشتراط التعويض المالي لصالح الدائن، فهذا هو ربا الجاهلية الصريح.
– إذا ثبت إعسار المدين، الواجب إنظاره، وهذا باتفاق الفقهاء، وضابط الإعسار كما وضعه مجمع الفقه الإسلامي: (أن لا يكون له مال زائد عن حوائجه الأصلية يفي بدينه نقداً أو عيناً)( ).
– محل البحث في المدين المماطل، وكان التعويض لصالح جهة منفكة عن الدائن.

حكم المسألة

لا يجوز اشتراط الشرط الجزائي على المدين عند التأخر ولو كان مماطلا أو لصالح جهة منفكة عن الدائن، هذا ما عليه المجامع الفقهية، والندوات والحلقات الفقهية والاقتصادية، حيث صدرت فيها قرارات وفتاوى وتوصيات، منها قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، وقرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي، وفتوى بيت التمويل الكويتي.

الأدلة:

    • هذا الشرط هو بعينه ربا الجاهلية الذي نزل القرآن بتحريمه، فالمرابي في الجاهلية كان يقول: أتقضي أم تربي.
    • لا شك في أن هذا الشرط قد جرّ منفعة مادية للدائن، وكل قرض جرّ نفعًا مشروطًا فهو ربا، وثبت هذا المعنى عن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم، وحكى الإجماع عليه ابن المنذر وابن قدامة وابن القيم.
    • القرض عقد إرفاق وقربة، فإذا شرط فيه الزيادة عند التأخر فقد أخرجه عن موضوعه.
    • نص الفقهاء على أنه لا فرق بين الزيادة على الدين في القدر أو في الصفة، وهذا يدل على مدى قوة المنع وشموله لأنواعه وصوره وسد أبوابه.
    • الدَّيْن له ميزانه الخاص الحساس القائم على عدم الزيادة فيه لأي سبب كان، وإلا كانت هذه الزيادة ربا.

 

من الناحية العملية:

  • فإن بعض البنوك الإسلامية التي أجازت غرامة التأخير على ضوء بعض الضوابط الشكلية، بحيث إذا توافرت بدأ الكومبيوتر في احتساب غرامة التأخير، وذلك لأن إثبات كون المدين معسراً ليس من السهل إثباته، ولذلك تتجه هذه البنوك إلى اعتبار المدين مماطلاً بمجرد تأخره عن السداد إلى أن يثبت المدين أنه معسر.
  • المدين في الأخير يدفع زيادة مشروطة في العقد بسبب التأخير ولا يؤثر في ذلك كونها تصرف في وجوه الخير أم لا، فالمهم قد حمّل المدين بأعباء إضافية مع أن الإسلام يدعو إلى تخفيف كاهله.
  • لا خلاف يعتد به بين المعاصرين في عدم جواز اشتراط الشرط الجزائي في الديون، كما أنه لا خلاف بين فقهاء السلف في ذلك.
  • ذكر ابن عبدالبر أن المعنى الجامع الذي حرم لأجله الربا هو أن يكون بإزاء الأمد الزائد بدل وعوض يزداده الذي يزيد في الأجل.
  • المستحق هو الدين فقط دون أي زيادة لأنه يعامل معاملة الغاصب للمال المثلى، وجزاؤه رد المثل دون زيادة مع الإثم على عمله هذا.
  • لم يعهد من قضاة الشرع إيجاب زيادة للدائن يأخذها من المدين المماطل لالتباس ذلك بالربا
  • تفسير عقوبة مطل الغني بالغرامة المالية على التأخير يحتاج إلى دليل.
  • سلطة فرض العقوبات وتنفيذها ليست للأفراد والشركات، وإلا كان بإمكان البنك أن يقوم بجلد المدين وضربه وحبسه، وحينئذٍ كان يحتاج إلى بناء السجون والجلادين، ولم يقل أحد من العلماء السابقين بذلك.
  • حديث رفع الضرر ليس فيه دلالة على فرض العقوبات من قبل الأفراد أو الشركات لتحقيق مصالحها، بل إن الضرر لا يزال بضرر مثله.
  • من شروط المصالح المرسلة أن لا تصطدم مع نص شرعي، وهذه المصلحة تصطدم مع النصوص الخاصة بمنع الزيادة في الديون لا في البدء ولا في الانتهاء.
  • ما ذُكِرَ من الفروق بين غرامة التأخير والفائدة الربوية ليست جوهرية ولا مؤثرة في الحكم الشرعي؛ وذلك لأن وجود الشرط الفاسد في العقد يجعل العقد فاسداً عند جماعة من الفقهاء، والعقد الفاسد محرم، وحتى لو لم يجعله فاسداً فإن القبول بالشرط الفاسد وبالأخص القبول بأخذ الفائدة أو دفع الفائدة حرام لا يجوز الإقدام عليه، وأما كون الفائدة مثبتة في البداية وغرامة التأخير محتملة فلا يؤثر في النتيجة إذا أدت إلى تحصيل غرامة التأخير، حيث إن القرض جرّ منفعة مادية مالية بسبب التأخير عن السداد ،وهذا هو ما يتفق مع ربا الجاهلية القائم على إما أن تقضي في وقته أو تربي.
  • النصوص والآثار تدل على أن مشكلة تأخر الديون ليست وليدة عصرنا، بل كانت موجودة ، ومع ذلك لم ينقل إلينا أن أحداً أجاز اشتراط الزيادة على الديون بل أجمعوا على جواز ذلك([1]).

 

الملاحق:

مجمع الفقه الإسلامي:

قرار رقم: 109 (3/12) بشأن موضوع الشرط الجزائي:

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية، من 25 جمادى الآخرة 1421 هـ إلى غرة رجب 1421 هـ (23-28 سبتمبر 2000م).

بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع (الشرط الجزائي)، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حول الموضوع بمشاركة أعضاء المجمع وخبرائه وعدد من الفقهاء.

قرر ما يلي:

أولا: الشرط الجزائي في القانون هو اتفاق بين المتعاقدين على تقدير التعويض الذي يستحقه من شرط له عن الضرر الذي يلحقه إذا لم ينفذ الطرف الآخر ما التزم به أو تأخر في تنفيذه.

ثانيا: يؤكد المجلس قرارته السابقة بالنسبة للشرط الجزائي الواردة في قراره في السلم رقم 85 (2/9)….. وقراره في الاستصناع رقم 65 (3/7) ونصه: يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطا جزائيا بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم تكن هناك ظروف قاهرة. وقراره في البيع بالتقسيط رقم 51 (2/6) ونصه: إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط بعد الموعد المحدد فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدين بشرط سابق أو بدون شرط لأن ذلك ربا محرم.

ثالثا: يجوز أن يكون الشرط الجزائي مقترنا بالعقد الأصلي كما يجوز أن يكون في اتفاق لاحق قبل حدوث الضرر.

رابعا: يجوز أن يشترط الشرط الجزائي في جميع العقود المالية ماعدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دينا فإن هذا من الربا الصريح([2]).

 

قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم (53 /2/6) بشأن البيع بالتقسيط

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17 إلى 23 شعبان 1410 هـ الموافق 14-20 آذار (مارس) 1990 م. بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع: “البيع بالتقسيط” واستماعه للمناقشات التي دارت حوله، قرر:

ثالثا: إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد المحدد فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدين بشرط سابق أو بدون شرط، لأن ذلك ربا محرم ([3]).

المجمع الفقهي الإسلامي:

قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الحادية عشرة، القرار الثامن:

إن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي المنعقد بمكة المكرمة في الفترة من يوم الأحد 13 رجب 1409 هـ الموافق 19 فبراير قد نظر في موضوع السؤال التالي: إذا تأخر المدين عن سداد الدين في المدة المحددة، فهل للبنك الحق أن يفرض على المدين غرامة مالية، جزائية بنسبة معينة بسبب التأخر عن السداد في الموعد المحدد بينهما؟

الجواب: وبعد البحث والدراسة، قرر المجمع الفقهي بالإجماع ما يلي: إن الدائن إذا شرط على المدين أو فرض عليه أن يدفع له مبلغاً من المال غرامة مالية جزائية محددة أو بنسبة معينة، إذا تأخر عن السداد في الموعد المحدد بينهما، فهو شرط أو فرض باطل، ولا يجب الوفاء به، ولا يحل سواءً أكان الشارط هو المصرف أو غيره، لأن هذا بعينه هو ربا الجاهلية الذي نزل القرآن بتحريمه([4]).

 

بيت التمويل الكويتي:

الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية، بيت التمويل الكويتي، فتوى رقم (508)

السؤال: رسالة من المراقب الشرعي أمين هيئة الفتوى لبنك دبي الإسلامي وموضوعها هل يجوز أخذ زيادة على الدين مقابل مماطلة المدين سعيا إلى إلزامه بالوفاء في مواعيده؟

الجواب: لا يجوز أخذ أي زيادة على الدين مقابل مماطلة المدين ولو كان مماطلا عن عمد تفاديا من الوقوع في ربا النسيئة وعلى الإدارة أن ترفع دعوى على المماطل وتتخذ كل الإجراءات التي تصون حقها ولو كانت الشريعة مطبقة قانونا لوجب على القاضي أن يؤدب هذا المماطل بما يراه كافيا لزجره وزجر أمثاله من المماطلين ولو بالعقوبة المالية التي تصرف بمصارفها الشرعية ولا يأخذها الدائن.

المصدر: كتاب – الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية –
– بيت التمويل الكويتي فتوى رقم (527)
السؤال: حول إمكانية فرض عقوبات مالية على العميل المقتدر والمماطل بالسداد.

الجواب: إذا وقعت المماطلة من المدين فإن المستحق هو الدين فقط دون أي زيادة لأنه يعامل معاملة الغاصب للمال المثلى وجزاؤه رد المثل دون زيادة مع الإثم على عمله هذا ولم يعهد من قضاة الشرع إيجاب زيادة للدائن يأخذها من المدين المماطل لالتباس ذلك بالربا ولكن لتحقيق استرجاع أموال البنك واعادة استثمارها يمكن الضغط على المدين المماطل بفرض عقوبة مالية عليه من باب التعزير بأخذ المال ويتأكد هذا إن كان المدين من أعضاء مجلس الإدارة لوجود المماطلة وخيانة الأمانة الموكولة إليهم والإخلال بواجبهم في حفظ أموال البنك وتنميتها ما أمكن

وفي جميع الأحوال فإن البنك لا يتمول هذه الغرامات بل يصرفها في وجوه الخير العامة وينبغي لسهولة تحصيلها بدون القضاء وضع شرط في العقد يبت فيه من محكمين يتضمن تعهد المدين المماطل بأن يدفع نسبة كذا إلى البنك ليصرفها في وجوه الخير بمعرفة الهيئة الشرعية لديه.


([1]) المغني لابن قدامة (4/ 240)، تحرير الكلام في مسائل الإلتزام ص 176، بيت التمويل الكويتي، الندوة الفقهية الرابعة، بيت التمويل الكويتي ص 32.

([2]) مجمع الفقه الاسلامي في دورته الرابعة عشرة في الفترة من 8 إلى 13 ذو القعدة 1423هـ، الموافق 11 ـ 16 كانون الثاني 2003.

([3]) قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي قرار رقم 51 (2/ 6)، مجلة مجمع الفقه الإسلامي عدد 6 ج1 ص193.

وينظر: قرار رقم: 85 ( 2/9) بشأن السَّلم وتطبيقاته المعاصرة، مجلة المجمع (ع 9، ج1 ص 371).

([4]) قرارات مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة، الدورة الحادية عشرة، القرار الثامن ص 266.

المراجع

– مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد السادس، العدد السابع.
– أعمال الندوة الفقهية الرابعة. تنظيم بيت التمويل الكويتي – الكويت عمال الندوة الفقهية. الرابعة: تنظيم بيت التمويل الكويتى : الكويت 6-8 جمادى الاخرة 1416ه 30-31 اكتوبر /1 نوفمبر 1995م.
– تحرير الكلام في مسائل الالتزام: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد الطرابلسي المغربي، المعروف بالحطاب المالكي. تحقيق: عبد السلام محمد الشريف. نشر دار الغرب الإسلامي، بيروت – لبنان. الطبعة الأولى، 1404 هـ – 1984م.

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى