زادت أعداد الحجاج في الأزمان المتأخرة بصورة كبيرة، مما شكل عبئا في ذبح الهدي وتوزيعه داخل الحرم، فهل يجوز نقل وتوزيع الزائد عن حاجة فقراء الحرم لمن حاجته أشد خارج الحرم؟
اختلف أهل العلم في المسألة على قولين([1]):
القول الأول: يجوز نقل الهدي إلى خارج الحرم إذا كان المساكين خارج الحرم أشد حاجة. وهو قول الحنفية, والمالكية, وعامة الفقهاء المعاصرين.
واستدلوا بما يلي:
الدليل الأول: قوله تعالى: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) [الحج: 28].
وجه الاستدلال: أن الأمر في الآية لم يخص فقيرا دون فقير، فجاز التصدق على كل فقير لإطلاق النص.
الدليل الثاني: ما رواه جابر رضي الله عنه قال: (كنا لا نأكل من لحوم بدننا فوق ثلاث فرخص لنا النبي ﷺ, فقال: كلوا وتزودوا فأكلنا وتزودنا)، وفي رواية: (حتى جئنا المدينة). [البخاري (1632), ومسلم (1972)].
القول الثاني: لا يجوز التصدق بالهدي على غير مساكين الحرم. وهو قول الشافعية, والحنابلة.
واستدلوا بما يلي:
الدليل الأول: قوله تعالى: (هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ) ، [المائدة: 95].
وجه الاستدلال: أنه ليس لفقراء الحرم حظ ببلوغ الهدي للكعبة إلا بتوزيع لحمه عليهم, فاللحم هو المقصد من إنهار الدم، فيختص بهذه البقعة كما اختص الذبح بهذه البقعة.
الدليل الثاني: أن اللحم أحد مقصودي النسك, فلم يجز في غير الحرم؛ قياسا على الذبح.
([1]) بدائع الصنائع (2/174), البحر العميق (4/216), مواهب الجليل (3/181), روضة الطالبين (3/57), المبدع (3/189).
1. أبحاث هيئة كبار العلماء (7/525).
2. فقه القضايا المعاصرة في العبادات، عبدالله أبوزيد (2/1678).