نشر الصور الفاضحة للشخص في غير حال الزنا على الإنترنت
مسألة رقم 127
نشر الصور الفاضحة للشخص في غير حال الزنا له صور عديدة، من أشهرها في الإنترنت ما يلي:
١. نشر الصور للرجل في حال اللواط.
٢. نشر الصور للمرأة في حال السحاق.
٣. نشر الصور للرجل أو للمرأة حال إتيان البهيمة.
٤. نشر صور عارية أو خليعة للرجل أو المرأة.
فما حكم نشر هذه الصور؟
لابد هنا ابتداءً من إيضاح مسألتين:
المسألة الأولى: أن حكم هذه المسائل مبني على أن نشر الصور له حكم القذف باللفظ الصريح.
المسألة الثانية: أن نشر الصور بحد ذاته يحتاج إلى تعزير خاص به.
والمقصود هنا هل يعد هذا قذفًا يقام على صاحبه الحد، أم لا يعد قذفًا فلا يقام على صاحبه الحد؟، وأما التعزير على نشر الصور فهو أمرٌ متعينٌ سواء أقيم على صاحبه حد القذف أم لا.
الصورة الأولى: نشر الصور الفاضحة لرجل في حال اللواط.
وهذه الصورة مبنية على مسألة من قذف شخصًا باللواط هل يقام عليه الحد، أم لا؟
فمن قال يقام عليه الحد وهم الأكثر قالوا: إن ناشر الصور إذا لم يدع شبهة ولم ينكر يقام عليه الحد.
ومن قال: لا حد في القذف باللواط قال: ناشر الصور يعزر بما يردعه.
الصورة الثانية: نشر الصور للمرأة في حالة السحاق.
والفقهاء رحمهم الله تعرضوا لمسألة قذف المرأة بالسحاق، وذكروا أنه لا يقام الحد على من قذف امرأة بالسحاق، ولكن يعزر ويؤدب، وذلك لأن السحاق ليس فيه حد، بل فيه التعزير، فكذلك القذف به، فيه التعزير لا الحد.
وعلى ذلك فمن نشر صورًا لامرأة في حال السحاق فإنه يعزر ولا يعد قاذفًا، وإن كان نشر الصور بحد ذاته جريمة لها عقوبة تخصها، بالإضافة إلى حد القذف أو التعزير عند عدم ثبوت حد القذف.
الصورة الثالثة: نشر الصور للرجل أو للمرأة حال إتيان البهيمة.
قد تنشر صور لرجل أو امرأة يأتيان الفاحشة مع بهيمة من البهائم، فهل يعد هذا الفعل قذفًا أو لا؟ الفقهاء رحمهم الله تكلموا في مسألة من قذف امرأة أو رجلا بإتيان البهائم، فقالوا: إنه لا يعد قذفًا على الصحيح المشهور من أقوال أهل العلم.
الصورة الرابعة: نشر صور عارية أو خليعة للرجل أو المرأة.
يكثر في المنتديات أو بعض مواقع الصور نشر صور للمشاهير وهم عراة، أو في وضع مخل، وقد تكون تلك الصور حقيقية، التقطت خلسة، ولكن غالب تلك الصور تكون صورًا مركبة، بأحد برامج تعديل الصور، وأصبحت الصور المركبة أو المزيفة أمراً منتشرًا.
والفقهاء رحمهم الله لم يذكروا صورة مشابهة لهذه المسألة، وذلك لأنه لم توجد صورة مماثلة لها متصورة في السابق، فلم يذكر الفقهاء حكم ما لو قذف محصنًا بأنه كان عاريًا؛ لأنه ما من شخص إلا ويتعرى في الخلاء عند الاغتسال، ولكن الفقهاء رحمهم الله ذكروا لذلك تقعيدًا، وهو أنه من رمى شخصًا بشيء لا يوجب الحد، فإنه يجب في ذلك التعزير، وذكروا لذلك أمثلة كثيرة.
وعلى ذلك فالحكمُ فيمن نشر صورًا خليعة التعزيرُ، ولا يجب عليه حد القذف؛ لأنه لم يقذفه بما يوجب الحد، فيجب في ذلك التعزير.
والتعزير يختلف بحسب اختلاف الضرر الناتج عن نشر تلك الصور، فنشر صورة لأحد المشاهير الذين تنتشر صورهم في كل مكان، قد يكون أقل ضررًا من نشر صور بعض الناس المغمورين؛ لأنه قد اعتاد الناس على تركيب الصور للمشاهير، فأصبحت كل صورة تنشر لأحد المشاهير فإن التكذيب هو المتبادر لكل من رأى تلك الصورة، وأما نشر تلك الصور لغيرهم فإنه غير منتشر كانتشار الصور المركبة للمشاهير فيكون الضرر عليه أكبر، ويعظم الضرر عندما تكون تلك الصورة لامرأة عفيفة، ويتعاظم أكثر حينما تكون الصورة لامرأة عفيفة لا ترى جواز كشف وجهها، فيكون ضرره أكبر، وتنغيصه لحياتها أكثر، وعلى ذلك فالأولى ألا يكون التعزير في الصور واحدًا، بل يزاد في التعزير بقدر الضرر اللاحق بمن نشرت صورته.
وليس القصد أن المشاهير لا يتضررون بنشر صور مركبة لهم، خاصة مع حرص الناس على تتبع فضائحهم ولكن القصد أن الضرر قد يكون أخف من الضرر على غيرهم، ولكن قد يزاد في التعزير بالنسبة لهم بالنظر إلى جهات أخرى.
• الاعتداء الإلكتروني دراسة فقهية (رسالة دكتوراه ـ الفقه ـ كلية الشريعة)، د. عبدالعزيز الشبل (471) فما بعدها.