تسبب الزحام الشديد وكثرة الناس في السنوات الأخيرة إلى تأخر الطائفين للإفاضة عن المبيت بمنى, فهل يوجب ذلك دما أو لا؟
تحرير محل النزاع:
- اتفق من قال بوجوب المبيت في منى من العلماء على أن المبيت يصدق على كل من بات في منى الليل كله أو أكثره.
- اتفق القائلون بوجوب المبيت في منى من أهل العلم على أن السقاة والرعاة يعذرون بمبيتهم خارج منى.
- اختلف القائلون بوجوب المبيت في منى في إلحاق سائر أهل الأعذار كالمرضى ومن له مال يخاف عليه ونحوهم بالسقاة والرعاة في سقوط المبيت عنهم, على قولين([1]):
القول الأول: أن سائر أهل الأعذار, ومنهم من فاته المبيت أكثر الليل لاشتغاله بالطواف يلحقون بالرعاة والسقاة في جواز المبيت خارج منى. وهو قول الشافعية والحنابلة. وقد نص على عذرهم عدد من العلماء المعاصرين
واستدلوا:
الدليل الأول: ما ورد من عذر النبي ﷺ للعباس رضي الله عنه من أجل سقايته للحجاج، وللرعاة من أجل دوابهم ودواب الحجاج, ويقاس عليهم كل ذي عذر كالمرضى, ومن له مال يخاف ضياعه, أو من منعه من الوصول إلى منى توقف سير أو شدة الزحام, ونحو ذلك مما ليس له استطاعة دفعه, لأن المعنى الذي عذر به الرعاة والسقاة متحقق في هؤلاء, فوجب إلحاقهم بهم.
الدليل الثاني: عموم الآيات والأحاديث الدالة على أن الإنسان لا يكلف إلا ما يستطاع, كقوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) . [البقرة: 286]. وقول النبي ﷺ: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم). [(البخاري (6858), ومسلم (337)]، وهذا يشمل كل واجب.
القول الثاني: أن من ترك المبيت من غير أهل السقاية والرعاة، فقد ترك واجبا وعليه الفدية، وهو قول المالكية.
واستدلوا بعموم الأدلة الدالة على وجوب المبيت كحديث الترخيص للعباس والرعاة, فالنبي ﷺ لم يأذن إلا لهذين الصنفين, مع احتمال وجود غيرهم من أهل الأعذار في ذلك الوقت, ولم ينقل الإذن إلا لهؤلاء, فدل على أنه لا يعذر سواهم.
([1]) المدونة (2/411), التمهيد (17/260), الأم (1/453), المجموع (8/179), المغني (3/265), المبدع (3/253).
1. فتاوى ابن عثيمين (23/246).
2. فتاوى نور على الدرب لابن باز (6/337).