اشترطت السلطات المختصة في هذه الأزمنة المتأخرة حمل تصريح للحج, مما جعل بعض الناس ممن لا يحملونه يحرمون من الميقات ثم يلبسون ثيابهم ليتجاوزوا النقاط الأمنية؛ فهل يأثمون ويفدون بفعلهم هذا أولا؟
يزعم بعض من يحرم بالمخيط أو يلبسه بعد إحرامه لعدم حمل تصريح الحج بأنه مكره على هذا الفعل, وقد اتفق أهل العلم على رفع الإثم عن المكره على فعل المحظور في الإحرام, واختلفوا في وجوب الفدية عليه ؛ على قولين.
لكن اعتبار الإكراه في هذه الحال ضعيف؛ لأنه متاح له استخراج التصريح بأيسر السبل, ولا يفعل مثل هذه التصرفات إلا الذين يحجون النافلة في سنين متتابعة. يقول الشيخ ابن عثيمين: (وأما أنه يلبس الثياب وهو محرم فهذا غلط عظيم, وهو نوع من الاستخفاف بحرمات الله عز وجل؛ كيف تحرم وتعصي رسول الله ☺ فيما نهاك عنه من لبس القميص, وما هذا إلا خداع لمن يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.. . ثم ما الذي أوجب له هذا الشيء؟ أليس حجك سنة وعمرتك سنة؛ وطاعة ولي الأمر واجبة إلا في معصية.. . لكنه حج نفل أو عمرة رأى ولي الأمر أن من الخير للمسلمين عموماً الذين يحجون أن يخفف عنهم بهذا النظام, فلا محظور فيه, ولا شك أن ولي الأمر له أن يفعل ما فيه المصلحة ودفع المضرة).
فيتضح من هذا أنه غير مكره على فعله؛ ولو سلم أنه من الإكراه؛ فإنه من باب الإكراه بحق. والإكراه بالحق لا يقطع الحكم عن فعل فاعله؛ ففعله مع الإكراه بحق كما لو فعله في حال الطواعية بدون إكراه؛ وعليه فإنه يأثم بلبسه المخيط وتجب عليه الفدية.
1. فتاوى ابن عثيمين (23/448).
2. النوازل في الحج للشلعان ص(166).