مشاركة المرأة في وسائل الإعلام
مسألة رقم 82
يشارك بعض النساء بالظهور في وسائل الإعلام المتنوعة للدعوة وغيرها.
هناك اتجاهان في حكم مشاركة المرأة في وسائل الإعلام بغرض الدعوة إلى الله:
الاتجاه الأول: المنع من المشاركة, وبه قال بعض فقهاء العصر, للآتي:
أن الدعوة إلى الله من أهم المهمات، ومن أفضل القربات, ولكن قيام المرأة بذلك في ميدان الدعوة من طريق التلفاز, ومن طريق الإذاعة أمر يترتب عليه مشاكل كثيرة، وأخطار عظيمة, من الخلوة بالرجال, والتبرج والخضوع بالصوت إلى غير ذلك من المفاسد, فالذي يظهر من قواعد الشرع المطهر أنه لا يجوز لها ذلك؛ لأن اشتراكها في التلفاز والإذاعة يفضي إلى مفاسد كثيرة من عدم التحجب, ومن الخضوع بالقول, ومن التبرج, ومن الخلوة بالرجال, وهذا كله يضر بالمجتمع ضررًا كبيرًا, ويفضي إلى فساد كبير.
وخروجها ولو ساترة وجهها في القنوات الفضائية وتحدثها الساعة والساعتين، ويسمعها الآلاف من الرجال يخالف الضوابط الشرعية لدعوتها، ولم تفعله نساء السلف من عهد الصحابة فمن بعدهم، فلم يرد عن عائشة رضي الله عنها مع كثرة علمها، أو غيرها من نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها برزت إلى المسجد وألقت محاضرة أو درسًا للصحابة الكرام مع أن بيوتهن ملاصقة للمسجد، وهن أمهات المؤمنين، وعندهن من العلم الشرعي ما ليس عند غيرهن من الرجال والنساء، ومع ذلك لم يتصدرن هذا التصدر الذي تفعله من يسمون بالداعيات، وغاية الأمر أن الصحابة كانوا يستأذنون عليها في حجرتها، فتأذن لهم، وتجيبهم عما يسألون، وتخبرهم عن حال النبي -صلى الله عليه وسلم- كل ذلك من وراء حجاب، فكيف بخروج امرأة كاشفة الوجه، تبرز للآلاف من الرجال، فتحدثهم بحجة الدعوة إلى الله، وأنها لا ترى وجوب ستر الوجه .
الاتجاه الثاني: الجواز, وقال به بعض فقهاء العصر, وفق ضوابط وشروط محددة كالتالي:
ظهور النساء في التلفاز متبرجات أو سافرات لا يجوز، أما ظهورهن متحجبات مستورات البدن والوجه في خطبة أو في كلام أو في توجيه وإرشاد أو إخبار عن شيء فلا يضر، كما تخبر في مجلس من المجالس أو في مكان من الأمكنة أنها فعلت كذا، أو أنها قالت كذا ونحو ذلك.
فعمل المرأة في الإعلام منضبط بضوابط شرعية، ولا يصح إطلاق القول بالجواز بدون هذه الضوابط، وذلك للمخالفات الشرعية الواضحة، والمفاسد الراجحة في المؤسسات الإعلامية القائمة اليوم، وهذه الضوابط هي:
أولا: مشروعية العمل الإعلامي: أي عمل لابد أن يأخذ مشروعيته من الشرع الحنيف، فما أقره كان صحيحا، وما منعه كان فاسدا مردودا.
ثانيا: مراعاة المصالح والمفاسد: فإن لم يمكن أن تكون مصالح خالصة وهي نادرة، فلا مانع أن تكون مشوبة بمفسدة وهنا لابد من اعتبار قواعد مهمة ومن ذلك: النظر إلى المصلحة الغالبة لا المغلوبة، ومنها: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ومنها: أن ما حرم لسد الذرائع أبيح عند الحاجة والمصلحة الراجحة، ومنها: أن ما حرم تحريم الوسائل أبيح للحاجة أو المصلحة الراجحة، ومنها: أن العمل قد يكون فعله مستحبا تارة وتركه تارة باعتبار ما يترجح من مصلحة فعله وتركه، ومنها: أن تقدير المصلحة والمفسدة منوط بالعلماء.
ثالثا: مشروعية الوسائل والمقاصد: إذ إن اعتبار المقاصد في الأعمال معتبر شرعا وعليه يتوقف حكمه من حيث الحظر والمنع أو الوجوب والندب والإباحة، وهنا يراعى أيضا قواعد ضرورية عند تقرير المقاصد من ذلك: أن المقاصد الشرعية ضربان، مقاصد أصلية ومقاصد تابعة، وأن حكم المقاصد حكم الوسائل قاعدة أغلبية لا قاعدة مطلقة وغير ذلك.
رابعا: كون المؤسسة الإعلامية ملتزمة بتعاليم الإسلام أو تسمح للمرأة بذلك واعتباره ضابطا في حكم عمل المرأة لوجود المخالفات الشرعية في المؤسسات الإعلامية القائمة اليوم في الغالب، فإن لم تلتزم تلك المؤسسات فأقل الأحوال أن تسمح للمرأة العاملة بالالتزام.
خامسا: الحاجة لمشاركة المرأة: وذلك أن قرار المرأة في بيتها عزيمة شرعية وخروجها منه رخصة تقدر بقدرها، ولا يعني ذلك المنع من الخروج على إطلاقه، بل يجوز الخروج بشرط عدم التبرج، لكن يبقى الأصل القرار في البيت والخروج يكون للحاجة سواء حاجة المرأة الخاصة أو حاجة المجتمع، وعلى أساسه تكون المشاركة فقد تصل الحاجة للمشاركة إلى الوجوب أو الندب أو الإباحة أو قد تكون المشاركة محرمة أو ومكروهة.
سادسا: الالتزام بالآداب الشرعية للمرأة: وهي ستة آداب وضوابط:
1- ضابط الخلوة.
2- ضابط الاختلاط.
3- ضابط الكلام.
4- ضابط اللباس والزينة.
5- ضابط الخروج والسفر.
6- ضابط النظر.
1. موقع الشبكة الإسلامية, الفتوى (109816): http://www.islamweb.net
2. موقع الشيخ ابن باز, الفتوى (18016): http://www.binbaz.org.sa/
3. العمل الإعلامي للمرأة في ميزان الإسلام, سمير عبدالرحمن الشمير ي، ص(49).
4. عمل المرأة في الفقه الإسلامي, د.هيلة بنت إبراهيم التويجري.
5. المرأة المسلمة المعاصرة ص (429).