مسؤولية القذف في المقال الموقع من كاتبه
مسألة رقم 119
تتخذ وسيلة التعبير عن القذف بالكتابة في الصحف والمجلات عدة صور، منها:
1ـ القذف عن طريق النص، وذلك بأن يرد في نص المقال أو الخبر أو التقرير أو غيرها لفظ من ألفاظ القذف الصريحة أو الكنائية.
2ـ القذف عن طريق الرسومات الساخرة.
3ـ القذف عن طريق الصور المدبلجة.
ويقصد بالمقال الموقع من كاتبه: المقال الذي ذكر معه اسم كاتبه وصحت نسبته إليه، وسواء كان مقالاً أم رسماً أم صورة، وعبر بالمقال؛ للغلبة.
فإذا تضمن المقال الموقع من كاتبه قذفاً ونُشر هل يحد؟
ذكر بعض الباحثين أن القذف بجميع الصور السابقة محرم يستحق فاعله حد القذف؛ لأن العار يلحق بالمقذوف، ويتعير به، كالقذف بالعبارة المقولة، بل إن القذف ببعض هذه الصور قد يكون أشد ضرراً على المقذوف.
أما مسؤولية القذف في المقال الموقع من كاتبه: فلاشك أن المقال الموقع من كاتبه إذا تضمن قذفاً صريحاً فإن كاتبه يعد قاذفاً يستحق حد القذف.
وكذا إذا تضمن قذفاً بالكناية، ودل العرف، أو القرائن على أن الكاتب قصد القذف فإنه يعد قاذفاً.
والسبب في ذلك: أن الكاتب هو الفاعل الأصلي للقذف، فهو الذي رمى المحصن بالزنا أو باللواط، فيكون هو المسؤول عن تبعة ذلك، ودليله القاعدة الفقهية المشهورة (الكتاب كالخطاب)، والكتاب يشمل كل ما يكتب على وجه يفهم معناه العارف بالكتابة.
ويدل لذلك جميع الأدلة الدالة على مشروعية إقامة حد القذف على القاذف.
ولكن هل يلحق رئيس تحرير الصحيفة أو المجلة عقوبة حدية أو تعزيرية؟
الأنظمة واللوائح المنظمة للمؤسسات الصحفية والمطبوعات تنص على أن رئيس التحرير أو من يقوم مقامه حال غيابه يكون مسؤولاً عما ينشر في صحيفته التي يرأسها، حيث إنه يفترض عليه ألا يقوم بنشر شيء في الصحيفة إلا بعد اطلاعه عليه وموافقته.
فعلى ذلك: هل يكون رئيس التحرير مصدقاً للقذف الوارد في المقال صراحة بحيث يكون كالمتكلم بالقذف؟
الأصل أن يوقع على المجيز لنشر المقال حد القذف ـ سواء كان رئيس التحرير أو غيره ـ ممن يقوم بواجب الرقابة وإجازة نشر المقالات بحسب ترتب الإدارة والإشراف في الصحيفة أو المجلة؛ حيث إنه يفترض عليه أن يقوم بواجب الرقابة وتحمل المسؤولية على الوجه المطلوب.
ويستثنى من إقامة الحد على المجيز لنشر المقال إذا ثبت أنه لم يفهم ما ورد في النص، مثل: أن يكون القذف بالكناية، ولم يفهم مراد الكاتب أو أنه أجاز نشر المقال، ولم يطلع عليه بناء على إهمال أو تقصير وقع منه، أو كان مكرهاً، ونحو ذلك، فإنه حينئذ تسقط عنه العقوبة الحدية؛ لأنه لايعد مصدقاً في هذه الحال، ولكن يعزر في حال إهماله بما يراه القاضي.
• نوازل جريمة القذف وتطبيقاتها القضائية (بحث تكميلي لمرحلة الماجستير ـ قسم الفقه المقارن ـ المعهد العالي للقضاء) عبدالله المزروع (51) فما بعدها.
• مسؤولية الصحفيين المدنية في حالة القذف في حق ذوي الصفة العمومية، محمد ناجي ياقوت.