إذا كان القائم بالأعمال الطبية إنساناً لا يمتلك الترخيص الحقيقي، واستعمل ترخيصاً مزوراً، إما لكونه ليس من أهل الطب، وغير مؤهل لممارسته، أو لكونه لم يستوف إجراءات القيد في سجلات وزارة الصحة، أو في جدول نقابات الأطباء، أو صدر حكم يقتضي فصله من الوظيفة وحرمانه من مزاولة مهنته، كما في حالة الحكم عليه بجريمة من جرائم المخدرات، أو صدور حكم بإيقافه عن العمل أو بشطبه من السجل نهائياً تأديباً؛ لكونه أساء أو أهمل في أداء مهنته، أو لأمور تمس شرفه وكفاءته واستقامته، أو لمخالفته أصول المهنة وقوانينها المنظمة للعمل الطبي فعمد إلى الغش بالتزوير؛ ليتمكن من فتح عيادة طبية باستعارة اسم طبيب وتزويره أوراقه الثبوتية بما يتوافق مع الاسم المستعار؛ للحصول على الترخيص مثلاً أو بإضافة اسمه لسجلات القيد حيلة، أو التبديل والتحرير فيما يقارب اسمه من أسماء بعض الأطباء المصرح لهم بمزاولة المهنة، ومن ذلك: أيضاً: تزوير محرر الموافقة على إقامة المنشآت الصحية، ونحوها.
مزاولة مهنة الطب بترخيص مزور يعد جريمةً يمكن العقاب عليها، لما يلي:
1ـ عموم الأدلة الدالة على تحريم التزوير.
2ـ أن مزاولة هذه المهنة بترخيص مزور فيه افتيات على ولي الأمر، ومخالفة له في وجوب استصدار التراخيص الطبية الصحيحة لممارسة هذه المهنة، وقد دلت النصوص الشرعية المتظافرة على وجوب السمع والطاعة لمن ولي أمر المسلمين.
3ـ أن المزور إذا كان متطبباً جاهلاً فجرمه أبشع لأمرين:
الأول: أن الإقدام على علاج المرضى بلا علم تغرير ومخاطرة بأرواح الناس، والشريعة إنما أباحت العمل الطبي لاستنقاذ الأرواح والمحافظة على الأبدان، وحماية الأنفس من الضرر لا للمخاطرة بها، وتعريضها للأذى، وهذا لا يكون إلا لمن عرف الطب وحذقه، فإن كان المتطبب جاهلاً فإن حكم المعالجة يبقى على أصله، وهو التحريم.
الثاني: أن المتطبب لم يحصل على إذن المريض بعلاجه؛ وذلك أن الإذن الذي وقع من المريض لا يعد إذنا معتبراً شرعياً؛ لأن إذن المريض له بتطبيبه مشروط عرفاً بأن يكون المتطبب عارفاُ بفن الطب، وقادراً على معالجة المرضى، فإلم يكن كذلك فلا أثر لهذا الإذن في رفع المسؤولية عن الطبيب، وعليه، فإذن المريض في هذه الحالة كلا إذن.
4ـ ما يترتب على هذا العمل من الكسب الحرام، والأجرة الباطلة الحاصلة للمتطبب بغير استحقاق، والتي يندرج أخذها بناء على كل ما سبق ضمن صور أكل المال بالباطل، وقد نهى الشارع عنه.
ومرتكب جريمة تزوير الترخيص الطبي يوصف فقهياً بأنه مزور إن كان له دراية بالطب، وحُرم الترخيص بسببٍ مما ذكر مطلع هذه المسألة.
وإن كان المزور دخيلاً على علم الطب وليس له من مقومات الإعداد الفني ما يؤهله لمباشرة تلك المهنة وزور الترخيص الطبي ليسلم من الملاحقات القضائية، وليضيف على عمله الباطل صورة نظامية، فيوصف فقهياً مع كونه مزوراً بأنه متطبب جاهل، فإن أضر بنفس المريض أو ما دونها فهو جانٍ جناية عمدية على النفس وعلى ما دونها إلم يتقاض على عمله أجراً، فإن كان تطبيبه بأجرة فهو محتال؛ لأكل أموال الناس بالباطل.
• جرائم النوازل الطبية (رسالة دكتوراه ـ الفقه ـ كلية الشريعة)، د. أمل الدباسي (151) فما بعدها.
• المسؤولية الطبية بين الفقه والقضاء، د. عبدالفتاح الحجازي (43).
• جرائم الخطأ الطبي، د. شريف الطباخ (100).
• التداوي والمسؤولية الطبية، د. قيس مبارك (187).