قسم العباداتباب الحج

لبس الكمامات للمحرم

مسألة رقم 146

صورة المسألة

انتشر في الأزمنة المتأخرة لبس الكمامات الطبية في فترة أداء المناسك, للوقاية من العدوى والتوقي من الغبار ونحو ذلك؛ فهل لبس هذه الكمامات يوجب الفدية؟

حكم المسألة

اتفق أهل العلم على تحريم لبس المحرمة للنقاب؛ لما ورد في النص الصريح في حديث ابن عمر رضي الله عنه ، وفيه قوله ﷺ: (ولا تنتقب المرأة المحرمة) [البخاري (1741)].

واختلفوا في حكم تغطية الرجل المحرم وجهه على قولين([1]):

القول الأول: لا يجوز للمحرم أن يغطي وجهه, وإذا غطاه وجبت عليه الفدية. وهو مذهب الحنفية, والمالكية, واختاره ابن باز. واستدلوا بأدلة منها:

 

الدليل الأول: ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً وقصته ناقته مع رسول الله ﷺ فمات فقال النبي ﷺ: (اغسلوه بماء وسدر, وكفنوه في ثوبيه, ولا تمسوه طيباً ولا تخمروا رأسه ولا وجهه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً). [مسلم (1206)].

وجه الاستدلال: الحديث ينص صراحة على أن الميت المحرم لا يغطى وجهه حال موته فمن باب أولى إذا كان حياً.

 

الدليل الثاني: ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما من قوله: (أن ما فوق الذقن من الرأس لا يخمره المحرم) [الموطأ (1/327), البيهقي (5/54)].

 

الدليل الثالث: أن المرأة لا تغطي وجهها حال الإحرام إذا لم تكن بحضرة رجال أجانب؛ مع أنها عورة مستورة, فتحريم تغطية الوجه على المحرم أولى.

 

القول الثاني: يجوز للمحرم أن يغطي وجهه, ولا فدية فيه. وهو مذهب الشافعية والحنابلة, واختاره ابن عثيمين إذا وجدت الحاجة للبس الكمامة. واستدلوا بأدلة منها:

الدليل الأول: حديث الرجل الذي وقصته ناقته وفيه قول النبي ﷺ: (ولا تخمروا رأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً). [مسلم (1206)].

وجه الاستدلال: أن النهي عن التغطية الواردة في الحديث اقتصر على الرأس فيبقى الوجه على الأصل؛ أما زيادة الوجه فغير محفوظة فلا يصح الاحتجاج بها.

 

الدليل الثاني: ما ورد في حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ في لباس المحرم: (.. .. ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين) [البخاري (1741)].

وجه الاستدلال: لما كانت المرأة فقط هي المنهية عن النقاب دل بمفهومه أن الرجل يجوز له ذلك, وإلا لما كان بتقييد المرأة بذلك فائدة.

 

الدليل الثالث: إجماع الصحابة على جواز تغطية المحرم وجهه؛ أما ما ورد عن ابن عمر في استدلال أصحاب القول الأول؛ فقد جاء عنه ما يخالفه؛ حيث روى نافع عنه: (إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه) [الدارقطني (2/294), الطبراني في الكبير (12/37)].

كما ورد من فعل ابن عمر ما يخالفه؛ حيث مات ابنه واقد بن عبدالله بالجحفة وهو محرم؛ حيث خمر رأسه ووجهه وقال: (لولا أنا حرم لطيبناه) [الموطأ (1/327)].


([1]) المبسوط (4/128), إعلاء السنن (10/26), الذخيرة (3/307), المعونة (1/525), البيان (4/154), الحاوي (4/101), التعليق الكبير (1/442), المغني (5/154).

المراجع

1. فتاوى ابن باز (17/117).
2. فتاوى ابن عثيمين (22/130).
3. فقه القضايا المعاصرة في العبادات، عبدالله أبوزيد (2/1470).
4. النوازل في الحج للشلعان ص(233).

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى