قسم الأسرةباب العدة

عمر الحمل الذي تنتهي العدة بوضعه

المسألة رقم 133

صورة المسألة

بين الله عز وجل تفاصيل العدد، وذكر – سبحانه – أن عدة الحامل تكون بوضع الحمل، فما عمر الحمل الذي يحكم بانقضاء العدة بنزوله؟ وهل للتحاليل المخبرية والفحوصات الطبية اليوم أثر في تحديد عمر هذا الحمل؟

حكم المسألة

أولاً: اتفق الفقهاء – رحمهم الله – قديماً وحديثاً على أن الحامل إذا وضعت حملاً قد تبين فيه خلق الإنسان، فإن عدتها تنقضي بهذا.

وأقل مدة يتبين فيها خلق الإنسان هي ثمانون يوماً من ابتداء الحمل وغالبها تسعون.

الأدلة على ذلك:

1) قول الله – عز وجل – : ( وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) [الطلاق: 4].

وجه الدلالة: أن المرأة إذا وضعت ما تبين فيه خلق الإنسان فقد تحققت من أنه حمل والأجل ينقضي بوضع الحمل فتنقضي عدتها بذلك.

2) الإجماع، فقد أجمع العلماء على أن عدة الحامل تنقضي بوضع ما استبان خلقه.

قال ابن قدامة: “ما بان فيه خلق الآدمي من الرأس والرجل فهذا تنقضي به العدة بلا خلاف بينهم”([1]).

 

ثانياً: اتفق الفقهاء – رحمهم الله – على أن عدة الحامل لا تنقضي بإلقاء الدم أو النطفة، وذلك لورود الاحتمال في النطفة فقد تنعقد وتكون ولداً، وقد لا تنعقد، والعدة لا يحكم بانقضائها إلا بيقين([2]).

 

ثالثاً: إذا أسقطت المرأة سقطاً لم تتبين فيه صورة الخلق في طور العلقة والمضغة فللفقهاء – رحمهم الله – في ذلك قولان:

القول الأول: لا تنقضي عدة من أسقطت ما لم يتبين فيه خلق الإنسان بوضعه، وتعتد بثلاث حيضات.

وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة، ونص بعضهم على قبول شهادة الثقات من القوابل بوجود الصورة الخفية لخلق آدمي([3]).

وقال بهذا كثير من المعاصرين كالشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين – رحمهما الله –.

وعليه الفتوى في موقع الإسلام سؤال وجواب، وموقع إسلام ويب.

دليل القول الأول:

أن السقط إذا لم يكن استبان من خلقه شيء فإنه لايُدرَى هل هو حمل مخلوق من ماء الذكر والأنثى، أو دم جامد، أو شيء من الأخلاط الردية استحال إلى صورة لحم؟

وإذا لم يعلم حاله ولم يثبت أنه حمل بالبينة أو بالمشاهدة فلا تتعلق به أحكام الحمل.

 

القول الثاني: أن من أسقطت ما تبين أنه حمل – في طور العلقة والمضغة – ولو لم يتخلق فإن عدتها تنقضي بذلك، وذلك كما لو نزل منها دم مجتمع فإنه علامة حمل فتجرى عليه أحكامه.

وهذا مذهب المالكية([4]).

وعللوا ذلك بأن انقضاء العدة معلق بوضع الحمل، فإذا دلت القرائن على أن ما نزل كان حملاً – بإسقاط دم مجتمع لو صب عليه ماء حار لم يذبه – انبنت عليه أحكامه، وانقضت به العدة؛ إذ التحول من النطفة دليل الانعقاد وبداية تكون الولد.

ورجح بعض الباحثين المعاصرين العمل بهذا القول في ظل التقدم الطبي الكبير، وإمكان التحقق من وجود الحمل بالفحوصات المخبرية والأشعة الصوتية بما يصل لدرجة اليقين، ورأوا أن العدة لا تربط بالتخلق الظاهر الذي يظهر عند الثمانين يوماً كحد أدنى بل إن العدة تنقضي بوضع ما تبين أنه حمل بعد 40 يوماً.

الأدلة:

1- قول الله – تعالى –: ( وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) [الطلاق:4].

وجه الدلالة:

أن الله عز وجل جعل انقضاء عدة الحامل معلق بوضع الحمل ولم يشترط طوراً معيناً لربط مسمى الحمل به فإذا ثبت الحمل انقضت العدة بوضعه.

2- أن الفقهاء – رحمهم الله – قبلوا شهادة القوابل بوجود صورة خفية لخلقة آدمي في السقط وحكموا بانقضاء العدة حينئذ، والعمل بما أثبتته الفحوصات وقال به الأطباء هو من شهادة أهل الخبرة في هذا الشأن فيعمل به.

3- أن الأطباء متفقون على أن تبين خلق المولود يكون بعد الأربعين الأولى من الحمل، كما أن التحقق من كونه جنيناً لا مجرد كيس يتيسر بعد أربعة أسابيع من الحمل، وبعد ذلك يمكن الجزم بوجود الحمل، وإذا تبين أن ما سقط كان حملاً انقضت العدة بوضعه.


([1]) المبسوط 6/26، بدائع الصنائع 3/196، التاج والإكليل 5/،486، شرح الخرشي 4/143، الحاوي الكبير 1/537، مغني المحتاج 5/85، المغني 11/229، شرح الزركشي 2/538، المبدع 8/109.

([2]) ينظر: بدائع الصنائع 3/311، البحر الرائق 4/147، المعونة 1/622، حاشية الدسوقي 3/422، نهاية المحتاج 7/136، حاشية البجيرمي 4/125، المغني 11/230، شرح الزركشي 5/555.

([3]) ينظر: المبسوط 6/26 ، بدائع الصنائع 3/199 ، الحاوي الكبير 11/167 ، مغني المحتاج 3/389 ، المغني 11/231، الإنصاف 1/387 .

([4]) ينظر: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 2/474 ، شرح الخرشي 4/143 .

المراجع

– الأحكام الفقهية لأمراض النساء والولادة، د. أسماء بنت عبدالرحمن الرشيد، دكتوراه، دار إشبيليا، ط1، 1434هـ/2013م، ص370 – 376.
– ثبوت حكم دم النفاس في حالات الإجهاض أ.د. نورة بنت عبدالله المطلق، مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، العدد 88.
– موقع الإسلام سؤال وجواب islamqa.info (107051) (216816)
– موقع إسلام ويب، مركز الفتوى fatwa.islamweb.net (75440)
– موقع إسلام أون لاين archrve.islamonline.net
– (العدة من الموانع المؤقتة للنكاح، دراسة فقهية، مجلة البحوث الإسلامية، ع84، سنة 1429هـ، ص223 – 225 alifta.net

مسائل ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى