قسم الأسرةباب النكاح

علاج التشوهات بالجراحة التجميلية

المسألة رقم 90

العناوين المرادفة

1. جراحة التجميل الحاجية أو الضرورية.
2. الجراحة التجميلية بهدف التداوي.
3. إزالة العيوب الخلقية.
4. إزالة العيوب الحادثة.
5. الجراحات التعويضية.

صورة المسألة

لا تخلو التشوهات التي تظهر في الجسم من أن تكون ناتجة عن عيوب خلقية ولد بها الإنسان، أو آفات مرضية، أو ناتجة عن أسباب من خارج الجسم، كما في التشوهات التي تسببها الحوادث والحروق، وفي كل هذه الحالات هل يجوز للمريض (المشوه) والطبيب علاج تلك التشوهات بالجراحة التجميلية، أو يعتبر هذا التدخل الجراحي من تغيير خلق الله المنهي عنه؟

حكم المسألة

جراحة التجميل هي: “جراحة تجرى لتحسين منظر جزءٍ من أجزاء الجسم الظاهرة، أو وظيفته إذا ما طرأ عليه نقصٌ أو تلف أو تشوه”.

وتوصف بأنها ضرورية (غير اختيارية) إذا كانت تهدف إلى إزالة عيب سواء كان في صورة نقصٍ أو تلفٍ أو تشوه، فهي ضرورية أو حاجية بالنسبة لدواعيها، وتجميلية بالنسبة لآثارها.

وهذا النوع من الجراحة الطبية، وإن كان مسماه يدل على تعلقه بالتحسين والتجميل، إلا أنه توافرت فيه الدواعي الموجبة للترخيص بفعله، لما يلحق الإنسان من الضرر الحسي والمعنوي بسبب تلك التشوهات.

وبناء على ما سبق: فإنه لا حرج على الطبيب، ولا على المريض، في إجراء هذا النوع من الجراحة، والإذن به.

وقد نص مجمع الفقه الإسلامي الدولي، المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي على جواز إجراء الجراحة التجميلية الضرورية والحاجية التي يقصد منها:

أ- إعادة شكل أعضاء الجسم إلى الحالة التي خلق الإنسان عليها، لقوله سبحانه:( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) ([1]).

ب- إعادة الوظيفة المعهودة لأعضاء الجسم.

ج- إصلاح العيوب الخلقية، مثل: الشفة المشقوقة (الأرنبية) واعوجاج الأنف الشديد والوحمات، والزائد من الأصابع والأسنان، والتصاق الأصابع إذا أدى وجودها إلى أذى مادي أو معنوي مؤثر.

د- إصلاح العيوب الطارئة (المكتسبة) من آثار الحروق والحوادث والأمراض وغيرها مثل: زراعة الجلد وترقيعه، وإعادة تشكيل الثدي كلياً حالة استئصاله، أو جزئياً إذا كان حجمه من الكبر أو الصغر بحيث يؤدي إلى حالة مرضية، وزراعة الشعر حالة سقوطه، خاصة للمرأة.

(هـ) إزالة دمامة تسبب للشخص أذى نفسياً أو عضوياً ([2]).

 

كما أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عددا من الفتاوى بجواز إزالة التشوهات الجسدية (الخِلْقِية والطارئة) إذا أُمن الضرر ورُجي نجاح العملية، والحالات التي نصت عليها اللجنة هي:

  1. صرف عاهة معينة عن المريض([3]).
  2. إزالة آثار الحروق بإضافة مادة صبغية تحت الجلد([4]).
  3. تركيب طقم أسنان وإزالة التشوه الناتج عن تساقطها ([5]).
  4. إزالة الإصبع الزائدة([6]).
  5. تصغير الشفة والأنف([7]).

ومما يدل على جواز هذا النوع من العمليات ما يأتي:

  1. قول النبي صلى الله عليه وسلم: “نعم، يا عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء. أو قال: دواء إلا داء واحدا. قالوا: يا رسول الله، وما هو؟ قال: الهرم”. قال أبو عيسى: وفي الباب عن ابن مسعود، وأبي هريرة، وأبي خزامة عن أبيه، وابن عباس حديث حسن صحيح، أخرجه أبو داود، ح: 3855, والترمذي، ح: 2038, وابن ماجه، ح: 3436.
  2. حديث عرفجة بن أسعد رضي الله عنه وفيه أنه أصيب أنفه يوم الكلاب (في الجاهلية) فاتخذ أنفا من ورق، فأنتن عليه، فأمره النبي ﷺ فاتخذ أنفا من ذهب) أخرجه أبو داود، ح: 4232، والترمذي، ح: 1770 وحسنه، والنسائي، ح: 5161،، وقال الزيلعي في نصب الراية 6/124 – 125: “وفي الباب أحاديث مرفوعة وموقوفة”.
  3. أن هذه العيوب تشتمل على ضرر حسي ومعنوي، وهو موجب للترخيص بفعل الجراحة، لأنه يعتبر حاجة، فتنزل منزلة الضرورة، ويرخص بفعلها، إعمالا للقاعدة الشرعية: (الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة).
  4. قياس هذه الجراحة (التجميلية) على الجراحة العلاجية المشروعة، بجامع وجود الحاجة لإجراء كلا النوعين.

 

ولا يعتبر علاج التشوهات بالجراحة التجميلية معارضا للنهي عن تغيير خلق الله تعالى، للأسباب الآتية:

  • أن هذا النوع من الجراحة وجدت فيه الحاجة الموجبة للتغيير، فيستثنى من النصوص الدالة على التحريم.
  • أنه لم يشتمل على تغيير الخلقة قصداً للحسن (التجميل)، لأن المقصد الأصلي منه هو إزالة الضرر، وجاء التجميل تبعاً.
  • أن إزالة التشوهات تندرج تحت الأصل الموجب لجواز معالجة أسبابها، لأنه لم يرد نص يستثني الأثر من الحكم الموجب لجواز مداواة تلك الحروق، فيستصحب حكمه إلى الآثار، ويؤذن بإزالتها.

ومن الشروط الخاصة بهذا النوع من العمليات الجراحية في رأي بعض الباحثين – في حالة ما إذا كان علاج التشوه يتطلب زراعة شريحة بشرية -: أن تكون تلك الشريحة (الجلدية، أو العظمية، أو العضلية) المستخدمة في الترقيع من نفس جسم المريض، أو من جسم آدمي ميت حديث الوفاة، تخريجا على رأي القائلين بجواز أكل المضطر من ميتة الآدمي.


([1]) سورة العلق: الآية 4.

([2]) قرارات مجمع الفقه الإسلامي، الدورة: 18، القرار: 173 (11/18).

([3]) السؤال الثالث عشر من الفتوى رقم: (6908).

([4]) الفتوى رقم: (15683).

([5]) الفتوى رقم: (20888).

([6]) الفتوى رقم: (5934)، والسؤال الثاني من الفتوى رقم: (12030).

([7]) الفتوى رقم: (13042)، والسؤال الثالث من الفتوى رقم: (9204(، والفتوى رقم: (13265).

المراجع

1. مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي، الدورة الثامنة عشرة، القرار: 173 (11/18).
(http://www.fiqhacademy.org.sa/Malaysia-q18.pdf)
2. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، جمع وترتيب أحمد بن عبدالرزاق الدويش، دار المؤيد، المجلد: 25 ص: 56 – 61.
3. أحكام الجراحة الطبية، والآثار المترتبة عليها، محمد بن محمد المختار الشنقيطي، مكتبة الصحابة، جدة، ط2، 1415هـ = 1994م، ص: 182 – 188.
4. نقل وزراعة الأعضاء الآدمية من منظور إسلامي، عبدالسلام السكري، الدار المصرية للنشر والتوزيع، الطبعة الدولية، 1409 – 1989.
5. العمليات التجميلية، هاني بن عبدالله الجبير، بحث من حلقتين منشور على موقع الإسلام اليوم، صفحة البحوث والدراسات، على الرابطين الآتيين:
(http://islamtoday.net/bohooth/artshow-86-8862.htm)
و(http://islamtoday.net/bohooth/artshow-86-8886.htm)
6. الجراحة التجميلية، د/ صالح بن محمد الفوزان، الناشر: دار التدمرية.

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى