اتفاق يخول أحد الطرفين (وهو حامل الاختيار) الحق في شراء أو بيع أصل مالي بسعر محدد، خلال مدة محددة أو في تاريخ محدد, ولا يترتب على حامل الاختيار التزام ببيع أو شراء، وإنما هو مجرد حق يمتلكه, يستطيع أن ينفذه أو يتركه، ويصبح مالكًا للاختيار بمجرد دفع سعره، ويكون الطرف الآخر في الاتفاق ملزمًا بالبيع أو الشراء إذا رغب حامل الاختيار في التنفيذ.
اختلف الفقهاء المعاصرون بشأن الحكم الشرعي للاختيارات على ثلاثة أقوال:
القول الأول: التحريم للاختيارات مطلقًا, وهذا ما ذهب إليه عامة الفقهاء المعاصرين، وصدر به قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي، وأخذت به المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، كما صدر به قرار عن ندوة البركة السابعة عشرة للاقتصاد الإسلامي.
أهم أدلة هذا القول:
الدليل الأول: أن عقد الاختيار يفتقر إلى محل العقد المعتبر شرعًا، فحق الاختيار ليس محلًا للعقد، ولا يدخل ضمن الحقوق التي يجوز بيعها؛ لأنه حق غير ثابت للبائع أصلًا، وإنما يتم إنشاؤه بالعقد، كما أنه بعد إنشائه لا يتعلق بمال، وإنما يتعلق بشيء مجرد، وهو الإرادة والمشيئة، وهي ليست مالًا ولا حقًا متعلقًا بمال, وإذا كانت الحقوق الثابتة لا يجوز بيعها إذا لم تتعلق بمال، كحق الشفعة وحق الحضانة وحق القصاص، فالحقوق غير الثابتة – كحق الاختيار – أولى بالمنع.
الدليل الثاني: أن غالب عقود الاختيارات لا يجري تنفيذها، ولا يترتب عليها تمليك ولا تملك،
فلا المشتري يتملك المبيع، ولا البائع يتملك الثمن، بل تتم تسوية العقود غالبًا تسوية نقدية عبر قيام محرر الاختيار بدفع فرق السعر لحامله، وهذا يخالف مقتضى عقد البيع.
القول الثاني: جواز عقود الاختيارات مطلقًا, وهذا رأي لبعض الباحثين.
أهم أدلة هذا القول:
الدليل الأول: أن عقد الاختيار يخرج على خيار الشرط.
الدليل الثاني: قياس بيع الاختيار على خيار الشرط , وقد اتفق جمهور الفقهاء على مشروعية خيار الشرط.
الدليل الثالث: قياسه على بيع العربون.
القول الثالث: جواز عقد اختيار الشراء دون اختيار البيع، وهو قول لبعض المعاصرين.
دليل هذا القول: أن عقد اختيار الشراء أشبه ما يكون ببيع العربون، أما اختيار البيع فأشبه ما يكون باشتراط عقد هبة في عقد بيع؛ لأن المشتري لا حق له في مبلغ المال إذا عدل المشتري عن البيع, إلا إذا كان على وجه الهبة, وهذا يعني اشتراط الهبة في البيع، واشتراط عقد في عقد آخر لا يصح؛ لما ورد من من نهيه ﷺ عن بيعتين في بيعة [أخرجه الترمذي (1231) وقال: حديث حسن والنسائي في الكبرى (6228) وصحيح ابن حبان (4973) والبيهقي في الكبرى (10660)].
قرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية والفتاوى العلمية.
أولًا: قرارات المجامع الفقهية:
قرر مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 7-12 ذي القعدة 1412 الموافق 9-14 آيار (مايو) 1992م بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع الأسواق المالية: الأسهم، الاختيارات، السلع، بطاقة الائتمان، قرر ما يلي:…
أ/ صورة عقود الاختيارات:
إن المقصود بعقود الاختيارات الاعتياض عن الالتزام ببيع شيء محدد موصوف أو شرائه بسعر محدد, خلال مدة زمنية معينة, أو في وقت معين: إما مباشرة أو من خلال هيئة ضامنة لحقوق الطرفين.
ب/ حكمها الشرعي: إن عقود الاختيارات – كما تجري اليوم في الأسواق المالية العالمية – هي عقود مستحدثة, لا تنضوي تحت أي عقد من العقود الشرعية المسماة.
وبما أن المعقود عليه ليس مالًا ولا منفعة ولا حقًا ماليًا يجوز الاعتياض عنه, فإنه عقد غير جائز شرعًا.
وبما أن هذه العقود لا تجوز ابتداءً فلا يجوز تداولها.
ثانيًا: قرارات وفتاوى الهيئات الشرعية:
1/المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، حيث نص المعيار على أنه لا يجوز إبرام عقود الاختيارات على الأسهم ([1]).
2/فتاوى ندوة البركة السابعة عشرة للاقتصاد الإسلامي.
سئلت لجنة الافتاء عن موضوع عقود الاختيارات([2]).
فأجابت بما يلي:
أ/ الاختيارات: حيث إن الاختيارات هو حق اختيار الشراء أو البيع لسلعة ما بشروط محددة لقاء عوض عن ذلك الحق وتقوم إدارة المتعاقدين على توقعات متضادة لتقلبات الأسعار، فإن الندوة، انطلاقا من أن إرادة المتعاقد ومشيئته ليست محلا للعقد ولا للعوض عنها، تؤكد على قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 63(1/7) الذي جاء فيه: “إن عقود الاختيارات كما تجري اليوم في الأسواق المالية – هي عقود مستحدثة لا تنضوي تحت أي عقد من العقود الشرعية المسماة، وبما أن المعقود عليه ليس مالا ولا منفعة ولا حقا ماليا يجوز الاعتياض عنه, فإنه عقد غير جائز شرعا، لأن فيه تأجيل البدلين، وهو ما يسمي بابتداء الدين بالدين، المجمع على منعه، ولأن فيه بيع الإنسان ما لا يملك على غير وجه السلم, وهو ممنوع أيضا باتفاق الفقهاء, وبما أن هذه العقود لا تجوز ابتداء فلا يجوز تداولها”.
[1]) ينظر : المعيار الشرعي رقم (21) .
[2]) ينظر : قرار رقم (1/17) .
1/مجلة المجمع (ع 6، ج2 ص 1273 والعدد السابع ج 1 ص 73 والعدد التاسع ج2 ص5) قرار رقم: 63( 1/7 ).
2/فتاوى ندوة البركة السابعة عشرة للاقتصاد الإسلامي, جدة – درة العروس 7-8 رمضان 142هـ 15- 16 ديسمبر 1999م.
3/المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية, المعيار الشرعي رقم (21).
4/الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية (5/387).
5/بحوث فقهية معاصرة, الدكتور محمد عبد الغفار الشريف (96-97).