قسم الجنايات والقضاء والعلاقات الدوليةباب العقوبات

عقوبة سرقة أعضاء الموتى لنقلها للأحياء

مسألة رقم 154

صورة المسألة

لما تطور الطب أصبح من الممكن الاحتفاظ بالجثث لمدة طويلة في الثلاجات دون أن تتغير، وأصبح بالإمكان الاستفادة من بعض أعضاء الموتى حديثي الوفاة، أي أثناء حياة الأعضاء؛ كالجلد مثلاً، فإنه يمكن الاستفادة من زرعه ولو بعد 24 ساعة من وفاة صاحبه، أما العظام فيمكن الاستفادة منها في الزرع خلال 48 ساعة من الوفاة، والشرايين يمكن الاستفادة منها خلال 72 ساعة من الوفاة، ثم زرعها لأشخاص محتاجين إليها، ووجد من يحتاج الجثث أو أعضاء منها؛ لاستخدامها في كليات الطب وما شابهها؛ لتكون الدروس عملية واقعية، وتطبيقاً لما يؤخذ نظرياً.
وإذا لم تتوافر هذه الأعضاء من جثث المتبرعين، فقد يحدث السعي إلى توفيرها عن طريق سرقتها من المستشفيات، أو الأماكن التي حفظت فيها، أو من المقابر، وحرمة الموتى ليست كحرمة الأحياء، بدليل اختلافهما في الضمان والقصاص ووجوب صيانة الحي بما لاتجب به صيانة الميت.

حكم المسألة

تقرر عند العلماء أن كل معصية ليس فيها حد فيجب فيها التعزير، فإذا فارق الإنسان الحياة، وحكم بذلك شرعاً ثم اجترأ أحد على جثة الآدمي بغير إذنه المسبق أو إذن أوليائه، فإن هذا العمل لابد له من عقوبة، وعقوبة الاعتداء على الأموات ليست كعقوبة الاعتداء على الأحياء، بل هي دونها، وهذه العقوبة ليس فيها قصاص؛ لعدم المماثلة بين الجاني والمجني عليه؛ لأن من شروط القصاص: المساواة بالصحة والكمال بين الجاني والمجني عليه، ولا مساواة هنا بين الجثة الهامدة وبين المعتدي عليها.

كذلك لا قطع في سرقة الجثة لعدم ماليتها؛ لأن الإنسان ليس مالاً، وما دام ليس مالاً فلا قطع بسرقة جثته أو بسرقة جزء منها فإذا قطع جزء من أجزاء الميت، فقد أتى ما يستوجب تعزيره عند أهل العلم.

والعقوبات التعزيرية عقوبات غير مقدرة لجرائم غير معينة، وهي قسم من العقوبات تتفاوت في خفتها وشدتها مع كل جريمة لم يرد فيها عقوبة مقدرة.

ويترك تقدير العقوبات إلى القاضي بما يراه مصلحة حسب وجود ضرورة تبرر هذه السرقة، أو عدم وجود ضرورة لذلك، وحسب قوة تلك الضرورة، وحسب اعتياد الشخص هذه السرقة واتخاذها وسيلة للكسب أو لا، فقد يعزر بالسجن، وقد يعزر بالجلد، وقد يعزر بالغرامة المالية، وقد يجمع بين أكثر من عقوبة.

المراجع

• سرقة الأعضاء البشرية دراسة فقهية (رسالة ماجستير ـ قسم الفقه ـ كلية الشريعة) هند الرفيق (125) فما بعدها.
• التكييف الشرعي لسرقة الأعضاء البشرية ( بحث مختصر منشور على الشبكة )، فيصل الصابر.

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى