1. الدوطة في الهند.
2. دفع المهر من الزوجة.
الدوطة من عادات نصارى الهند، وهي: مال تدفعه المرأة للزوج كالمهر عند المسلمين، وإذا ماتت الزوجة تعتبر تركة تقسم قسمة الميراث.
صدر بخصوص هذه العادة قرار مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/10/1425 28/11/2004 رقم 33 (4/7) حول تفشي عادة الدوطة في الهند: (ونحن نقتصر على موضع الشاهد منه):
- أن هذا الزواج- وإن كان مخالفًا للزواج الشرعي من هذا الوجه- إلا أنه زواج صحيح، معتبر شرعًا عند جمهور علماء المسلمين، ولم يخالف في صحته إلا بعض العلماء في حالة اشتراط عدم المهر. أما الأولاد الناشئون عن هذا الزواج، فهم أولاد شرعيون، منسوبون لآبائهم وأمهاتهم، نسبة شرعية صحيحة، وهذا بإجماع العلماء، حتى عند الذين لا يرون صحة هذا النكاح، المشروط فيه عدم المهر، فقد صرحوا في كتبهم بإلحاق الأولاد بآبائهم وأمهاتهم بهذا الزواج المذكور([1])
يقرر المجلس: أن هذه العادة سيئة منكرة، وبدعة قبيحة، مخالفة لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإجماع العلماء، ومخالِفة لعمل المسلمين في جميع أزمانهم. أما الكتاب، فقد قال تعالى: ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ) [النساء: من الآية4]. وقال تعالى: (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ ) [الممتحنة: من الآية10]. وقال تعالى: ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) [النساء: من الآية24]. وغير ذلك من الآيات. وأما السنة، فقد جاءت مشروعية المهر في قوله صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره، فقد جاء في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود، عن جابر، رضى الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لَو أنَّ رجلاً أَعطَى امرأةً صَدَاقًا مِلءَ يَدَيْهِ طَعَامًا، كانت له حَلالاً”. فهذا من أقواله.
وأما فعله، فقد جاء في صحيح مسلم وغيره من كتب السنن عن عائشة قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونصف أوقية. فهذا فعله. وأما تقريره، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة. فقال: “ما هذا؟ “. قال: تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب. قال: “بارك الله لك”. فهذا من تقريره وهو إجماع المسلمين وعملهم، في كل زمان ومكان، ولله الحمد.
وبناء عليه فإن المجلس يقرر: أنه يجب أن يدفع الزوج لزوجته صداقًا سواء كان الصداق معجَّلاً، أو مؤجلاً، أو بعضه معجل وبعضه مؤجل. على أن يكون تأجيلاً حقيقيًّا يراد دفعه عند تيسره، وأنه يحرم أن يجرى الزواج بدون صداق من الزوج لزوجته. ويوصي المجلس بأن السنة: تخفيف الصداق وتسهيله، وتيسير أمر النكاح، وذلك بترك التكاليف والنفقات الزائدة، ويحذر من الإسراف والتبذير، لما في ذلك من الفوائد الكبيرة.
يناشد المجلس العلماء والأعيان والمسؤولين في الهند وغيرهم، محاربة هذه العادة السيئة (الدوطة)، وأن يجدوا ويجتهدوا في إبطالها وإزالتها من بلادهم، وعن ديارهم، فإنها مخالفة للشرائع السماوية، ومخالفة للعقول السليمة، والنظر المستقيم.
أن هذه العادة السيئة، علاوة على مخالفتها للشرع الإسلامي، هي مضرة بالنساء ضررًا حيويًّا. فالشباب لا يتزوجون عندئذ إلا الفتاة التي يقدم أهلها لهم مبلغًا من المال يرغبهم ويغريهم، فتحظى بنات الأغنياء بالزواج، وتقعد بنات الفقراء دون زواج، ولا يخفي ما في ذلك من محاذير ومفاسد. كما أن الزواج عندئذ يصبح مبنيًّا على الأغراض والمطامع المالية، لا على أساس اختيار الفتاة الأفضل والشاب الأفضل.
والمشاهد اليوم في العالم الغربي أن الفتاة غير الغنية تحتاج أن تقضي ربيع شبابها، في العمل والاكتساب، حتى تجمع المبلغ الذي يمكن به ترغيب الرجال في الزواج منها. فالإسلام قد كرم المرأة تكريمًا، حين أوجب على الرجل الراغب في زواجها أن يقدم هو إليها مهرًا تُصلح به شأنها وتهيئ نفسها، وبذلك فتح بابًا لزواج الفقيرات، لأنهن يكفيهن المهر القليل، فيسهل على الرجال غير الأغنياء الزواج بهن. والله ولي التوفيق.
كما صدر عن مجمع الفقه الإسلامي في الهند قرار عام 1422هـ / 2001م بتحريم لظاهرة (الدوطة)، ونص على: ” أن الدوطة الرائجة حرامٌ قطعاً، ولا مساغ لها في الشريعة”.
([1] ) حيث كان في السؤال الذي بسببه صدر القرار: اعتقاد بعضهم أنه باطل، وأن الأولاد الناشئين منه ليسوا شرعيين .
1. مجلة المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، أعمال الدورة الثامنة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من 15/10/1425 الموافق 28/11/2004.
2. موقع مجمع الفقه الإسلامي في الهند.
3. النوازل المعاصرة في فقه الأسرة المسلمة. تأليف مجموعة من الأساتذة وهم: معالي الأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق، أ.د. عبدالله بن محمد الطيار، د. محمد بن إبراهيم الموسى، طبع مدار الوطن للنشر، ط أولى 1433ه.
4. فقه النوازل، د/ محمد الجيزاني، دار ابن الجوزي.