• التعويض المالي عن ضرر الطلاق المعنوي.
• التعويض عن الطلاق التعسفي.
إذا تقدم أحد الزوجين حال الطلاق بطلب مبلغ مالي من الطرف الآخر، بسبب ما لحقه من أذى نفسي نتيجة مس شرفه أو عرضه أو كرامته أو عاطفته أو مكانته أو نحو ذلك مما يعد مهانة له، فهل يحق شرعاً للطرف المتضرر من الطلاق المطالبة بالتعويض عن الضرر وخصوصاً أن الأنظمة الوضعية تسمح بهذه المطالبة في بلاد الكفر وفي بعض البلاد الإسلامية؟
اختلف الفقهاء المعاصرون في حكم التعويض المالي عن الضرر المعنوي على اتجاهين:
الاتجاه الأول:
منع التعويض المالي عن الضرر المعنوي ومنه الضرر جراء الطلاق، وبه جاء قرار مجمع الفقه الإسلامي والمجمع الفقهي الإسلامي، وذهب لهذا جمع من الفقهاء والباحثين.
وهو ما عليه الفتوى في موقع إسلام ويب، والإسلام سؤال وجواب في عموم التعويض المالي عن الضرر المعنوي.
أدلة الاتجاه الأول:
1- أنه لم يثبت في عمل الأمة تعويض مالي جراء أذى معنوي، وإنما الثابت عن الصحابة وغيرهم ومن بعدهم التعزير بالفعل أو القول دون المال، ففكرة التعويض المالي عن الضرر المعنوي حادثة في لفظها وفي فحواها وليس لها نظائر في الفقه الإسلامي.
2- أن الغاية من التعويض جبر الضرر، والضرر المعنوي غير محسوس فيتعذر تقديره بالمال، ويشق التكافؤ بين حجم الضرر وقيمة التعويض، بل إن أخذ المال مقابل الضرر لا يعود بالنفس إلى ما كانت عليه من السلامة فلا يحقق الجبر المقصود من التعويض!
المناقشة: أن التقدير يمكن بحكم عدل يحيط بملابسات قضية الطلاق وجزاء الصيد وأرش الجنايات في الشرع نظير ذلك.
3- أن الشرع لم يأت بأخذ المال على العرض! بل شرع الأذى البدني في حد القذف، فالأذى البدني كافٍ في شفاء غيظ المتضرر وإزالة ضرره وإعادة الاعتبار له.
المناقشة: أن من الفقهاء من أباح الصلح عن حد القذف بالمال، وهذا نظير التعويض المالي عن الأذى المعنوي .
4- أن حقيقة عقد النكاح لا توجب التعويض عند الطلاق إلا بما ثبت شرعاً من حق الزوجة في مؤخر الصداق والمتعة التي شرعت جبراً لها، ولا يصح إلزام الزوج بما عداها إذ الطلاق حقه والجواز ينافي الضمان.
الاتجاه الثاني:
إباحة التعويض المالي عن الضرر المعنوي، ومنه الضرر جراء الطلاق.
وذهب لهذا جمع من الفقهاء والباحثين، وصدر به قرار المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث.
أدلة الاتجاه الثاني:
1- أن التعويض المالي موجود في الشرع، فقد شرع الله – سبحانه – المتعة للمطلقة لجبر إيحاش الطلاق، وشرع للرجل أخذ بدل الخلع وليس هو لفوات المهر، فقد استحل بالمهر منافع البضع واستوفاها، وإنما تعويض لضرر معنوي يلحقه جراء فراق لا يرغبه.
وهذا أصل في استحقاق المتضرر من الطلاق مقابلاً مادياً.
المناقشة: أن المتعة حق منحه الإسلام للمطلقة كجبر لما يحصل لها من الكسر بالطلاق، فيمنع أن تستحق عوضاً آخر!
2- أن الشريعة أوجبت التعزير فيما لا نص فيه من الإيذاء بحسب ما يتوصل إليه باجتهاد القاضي، والتعزير المالي قد يكون أجدى من التأنيب والتوبيخ أو الضرب، فجاز كبقية أنواع التعزير.
المناقشة: أن هذا الدليل خارج محل النزاع، فالتعويض ليس كالتعزير، إذ ورد التعزير بالمال هو بيت المال، ومصرفه مصالح المسلمين، بخلاف التعويض فهو للمتضرر مقابل ما لحقه من ضرر مادي.
الملاحق:
أولاً : مجمع الفقه الإسلامي :
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشرة بشأن الشرط الجزائي، وجاء فيه ما نصه([1]):
“خامساً: الضرر الذي يجوز التعويض عنه يشمل الضرر المالي الفعلي، ولا يشمل الضرر الأدبي أو المعنوي”.
ثانياً : المجمع الفقهي الإسلامي:
قرر المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الثانية والعشرين في موضوع (أخذ المطلقة ما تفرضه لها القوانين الوضعية عند الطلاق من حقوق ومطالبتها بها) أنه: “لا يجوز لأي من الزوجين المسلمين عند الطلاق المطالبة بحقوق مالية غير مترتبة على عقد النكاح أو الطلاق إلا بما قررته الشريعة الإسلامية”.
ثالثاً : المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث:
صدر قرار المجلس الأوروبي في دورته الرابعة عشرة: قرار 6 (14/10) التعويض عن الضرر المعنوي بسبب الطلاق وفيه: “لا مانع شرعاً من المطالبة بالتعويض عن الضرر المعنوي الذي أصاب أحد الزوجين بسبب الطلاق أو التطليق إذا صاحبه ضرر أدى إلى إلحاق الأذى بنفسية الطرف الآخر أو شرفه أو مشاعره، وذلك للأدلة الدالة على حرمة الإيذاء ودفع الضرر، وذلك إذا توافرت الشروط التالية:
1- أن يكون الضرر المعنوي قد أحدث أثراً فعلياً.
2- أن يكون الضرر المعنوي محقق الوقوع تشهد عليه الأدلة والقرائن.
3- أن لا يرفع الأمر إلى القضاء إلا بعد إعطاء مهلة للتصالح والتراضي.
– النوازل في فقه الأسرة للأقليات المسلمة في غير النكاح، منال بنت محمد الدغيم، ماجستير، كلية الشريعة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عام 1432 – 1433هـ، ص228 – 262.
– قرارات المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الثانية والعشرين المنعقدة بمكة المكرمة في 21 – 24 رجب 1436هـ الموافق 10 – 13 مايو 2015م، موقع رابطة العالم الإسلامي، المجمع الفقهي الإسلامي. ar.themwl.org
– قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية من 25 جمادى الآخرة 1421هـ – 1 رجب 1421هـ، قرار رقم 109 (3/12)، بشأن موضوع الشرط الجزائي، مجلة مجمع الفقه، العدد الثاني عشر 2/91.
– التعويض عن الضرر المعنوي (الأذى) من منظور الفقه الإسلامي، دراسة مقارنة بالقانون، إعداد: د. علي القرة داغي، بحث مقدم للمجلس الأوربي للإفتاء والبحوث.
– الفعل الضار، د. مصطفى الزرقا، ص123 – 125.
– قاعدة الضرر يزال وشمولها للتعويض عن الضرر المعنوي، د. خالد الشعيب، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، العدد 75، ص260.
– التعويض المالي عن الطلاق، محمد الزحيلي، ص11، 17، 32، 81.
– موقع د. محمد الشريف، فتوى في التعويض عن الضرر المعنوي (1265) www.dralsherif.net
– موقع إسلام ويب، مركز الفتوى (99801) fatwa.islamweb.net
– المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث، قرارات الدورة الرابعة عشرة، دبلن – إيرلندا، 14 – 18 محرم 1426هـ الموافق 23 – 27 فبراير 2005م، قرار 60 (14/10)، التعويض عن الضرر المعنوي بسبب الطلاق e-cfr.org .
– موقع الإسلام سؤال وجواب (159699) (210943) (79142) Islamqa.info