طلب الطلاق من الزوج العاصي.
أن تبتلى المرأة بزوج لا يقيم حدود الله، مضيعٍ لما أمره الله به، ولكثرة المحرمات في الغرب، وسهولة اقترافها، مع ضعف الضمائر، ابتليت الأقليات المسلمة ببعض من هذا، فهل يجوز في حال فسق الزوج أن تطلب المرأة الطلاق؟
إن كان الزوج مستحلاً لارتكاب المعاصي فإنه في هذه الحالة يكون قد خرج عن الملة، وهذا الاستحلال مفرق بين الرجل وأهله، أما إن لم يكن مستحلا فيندب للمرأة الصبر عليه، وإن كان من حقها طلب الطلاق منه.
وممن قال بذلك:
المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث([1]):
الزواج ميثاق غليظ، ورباط مقدس، يجمع بين الرجل والمرأة على كتاب الله تعالى وعلى سنة رسوله ﷺ ، ويجعل كلاً منهما لصاحبه بمنـزلة اللباس له، كما قال الله تعالى في تصوير هذه العلاقة بينهما: (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ) [البقرة: 187]، بما توحي به كلمة (اللباس) من القرب واللصوق والستر والدفء والزينة. ولهذا يجب على كل من الزوجين أن يحسن عشرة صاحبه، وأن يصبر عليه، ولا يجوز للرجل أن يطلق زوجته للإضرار بها؛ لأن في ذلك هدم هذه المؤسسة المشتركة، وكسر قلب الزوجة، وربما فرق بينها وبين أولادها منه بغير مبرر ولا ضرورة، ومن هنا كان التفريق بين المرء وزوجه من الكبائر الموبقة، وهو من أحب الأعمال إلى إبليس كما جاء في بعض الأحاديث. كحديث جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ : “إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منـزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا، قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت”. أخرجه مسلم في صحيحه ح: 2813/67.
وإذا كان الزوج يحرم عليه إضرار امرأته بالطلاق بلا عذر، فكذلك لا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها بلا عذر موجب، وقد جاء فيما رواه أحمد والترمذي وحسنه، عن ثوبان –رضي الله عنه- أن النبي ﷺ قال: “أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة”. أخرجه الترمذي ح: (1189)، وأبو داود ح: (2226) وابن ماجة، ح: (2055)..
ومفهوم الحديث: أنها إذا طلبت الطلاق من بأس وبسبب، فلا إثم عليها. فهل يكون فسق الزوج سببًا موجبًا أو مجيزًا لطلب الطلاق من المرأة؟ ولا ريب أن الفساق يختلفون في مدى فسقهم وفي معاشرتهم لنسائهم، فمنهم من يريد من امرأته أن تعينه على فسقه، بأن تقدم له الخمر مثلاً، وهو حرام عليها، فيجوز لها أن تطلب الطلاق تفاديًا لما يمكن أن يصيبها من الإثم. ومنهم من يسيء عشرته لامرأته ويضارها ويؤذيها، فهذا يعطيها الحق في طلب الطلاق وخصوصًا إذا استمر في ذلك، ولم ترج منه التوبة ولا استقامة حال، ومنهم من لا يفعل هذا ولا ذاك، وهو حسن العشرة معها، فهذا هو الذي يختلف فيه. وجمهور الفقهاء يرون أن تارك الصلاة كسلاً إنما هو عاص فاسق لا كافر مرتد، وعلى هذا لا يجب التفريق بينه وبين امرأته.
والذي نرجحه هنا: أن المرأة إذا كانت تأمل في رجعة زوجها إلى الله، وأنه يمكن أن تؤثر فيه النصيحة والموعظة، وأن حاله يمكن أن يتحسن، فعليها أن تصبر عليه، وإن كان فاسقًا بترك الصلاة وبشرب الخمر، وخصوصًا إذا كان معها أولاد من ذلك الرجل، وتخشى عليهم التشتت والضياع. وهذا بشرط ألا يستحل ترك الصلاة أو شرب الخمر، فينتقل بذلك إلى الكفر الصريح المفرق بين المرء وزوجه..
– موقع الإسلام سؤال وجواب([2]):
يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق في حال إصرار الزوج على ارتكاب الموبقات كشرب الخمر أو تناول المخدرات، فإن أبى الزوج طلاقها فلها رفع الأمر إلى القاضي الشرعي ليلزم الزوج بالطلاق أو يطلق هو إن رفض الزوج أن يطلق، فإن لم يوجد القاضي الشرعي رفعت أمرها إلى الجهة الإسلامية الموجودة في بلدها كالمركز الإسلامي ليقنعوا الزوج بالطلاق، أو يدعوه للخلع، ويجوز أن توثق هذا الطلاق الشرعي بعد ذلك في المحكمة الوضعية للحاجة لهذا التوثيق.
– الشبكة الإسلامية([3]):
فقبل الإجابة على سؤالك نذكرك بالمثل العربي المشهور (على نفسها جَنَتْ براقش) حيث كان ينبغي عليك أن تسألي عن الرجل وعن دينه وأخلاقه حتى تتثبتي من ذلك، وليس كبر السن عيباً ولكن العيب هو ما ذكرت من ترك الصلاة وإقامة علاقات مع الفاسقات.
والذي ننصحك به الآن هو أن تذكريه بالله واليوم الآخر وتنهيه عن هذه المنكرات بالرفق واللين وبالتي هي أحسن، ويمكن أن تهدي له بعض الكتيبات والأشرطة التي تتحدث عن هذه المنكرات، فإن استجاب فذلك المطلوب، وإن لم يستجب فلا خير لك في العيش مع تارك الصلاة، ومن يقيم علاقات مع الفاسقات فعليك بطلب الطلاق، فإن أبى فارفعي أمرك إلى المحكمة لتقضي في الأمر إما بالطلاق وإما بالخلع.
وأما عن كون المرأة متدينة وزوجها ليس كذلك فهذا كثير جداً، وقد يبتلي الله المرأة الصالحة بذلك لينظر ماذا تصنع وليمحصها ويعلم صدقها، وما قصة آسيا بنت مزاحم امرأة فرعون عنا ببعيد، فقد كانت آسيا من أصلح نساء العالمين، وكان فرعون من أكفر رجال العالمين.
نسأل الله أن يصلح أحوال الجميع وأن يختار لنا ولك ما فيه الخير، ونريد أن ننبه السائلة وغيرها إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تقيم علاقات مع رجال أجانب عبر الهاتف أو الإنترنت أو غير ذلك، لأن ذلك من خطوات الشيطان إلى الحرام. والله أعلم.
– فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ([4]):
إذا كان زوجك على هذه الحالة وهي ترك الصلاة نهائيا ولو في بعض الأحيان، فالواجب عليك طلب الفراق منه؛ لأن من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر؛ لقول النبي -ﷺ-: “بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة”، والمسلمة لا يجوز بقاؤها مع كافر؛ لقوله الله تعالى: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) [الممتحنة 10] ومسؤولية الأولاد على الوالدين جميعاً؛ لقول النبي ﷺ : “مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع” وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
([1]) المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث: القرار 8/6
([2]) موقع الإسلام سؤال وجواب على الإنترنت.
([4]) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (20612)
• المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث.
• موقع الإسلام سؤال وجواب.
• الشبكة الإسلامية.
• موقع علماء الشريعة.
• اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.