قسم الأقليات المسلمةباب الفرقة بين الزوجين

طلاق المرأة نفسها

مسألة رقم 42

العناوين المرادفة

العصمة في يد الزوجة.
طلاق المرأة لنفسها.
تنازل الرجل عن حق الطلاق للمرأة.
ماذا تفعل المرأة الكارهة لزوجها.

صورة المسألة

في هذا العصر نافست المرأة الرجل في الولاية وفي الصرف على بيت الزوجية، مما دفع بعض النساء إلى المطالبة بأن تكون العصمة بيدها، فتطلق الرجل متى شاءت، فهل يجوز أن تشترط المرأة في النكاح أن يكون أمر الطلاق بيدها، وتطالب بذلك بعد العقد.

حكم المسألة

صحة ذلك، وهو قول الجمهور من المتقدمين والمعاصرين:

وممن قال بذلك من المعاصرين:

المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء وبعد بحث مستفيض قرر أن الطلاق من حيث الأساس حق أعطاه الإسلام للرجل.

و يمكن أن تطلق المرأة نفسها إذا اشترطت ذلك في عقد الزواج، أو إذا فوضها زوجها بذلك بعد العقد([1]).

 

– فضيلة الشيخ حسن مأمون مفتي مصر([2]) حيث قال:

إن المنصوص عليه شرعاً أن الرجل لو تزوج امرأة على أن أمرها بيدها كلما شاءت، أنّ لها أن تختار نفسها كلما شاءت في المجلس أو بعده حتى تبين بثلاث، لأن كلمة (كلما) لتعميم الفعل، فلها مشيئة بعد مشيئة إلى أن تستوفي الثلاث تطليقات وتبين منه، ولو لم يراجعها بعد الطلقة الأولى، لأن صريح الطلاق يلحق الصريح وهي في العدة.

واستدل على ذلك من كتب الفقهاء كالتنوير ورد المحتار والدر المختار وغاية البيان وغيرها.

 

-وفي فتوى أخرى([3]):

الأصل في الطلاق أن يكون بيد الزوج، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) [الطلاق 1]. لكن إذا وكل الزوج زوجته على طلاق نفسها ثم أوقعت الطلاق- وقع الطلاق. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

-فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء([4]):

إن كان الأمر كما ذكرت، من أن زوجتك أوقعت طلاقًا على نفسها، فإن كنت لم تجعل طلاقها بيدها ولم توكلها في طلاق نفسها، فلا يعتبر ما حصل منها طلاقًا، ولا تحتاج إلى مراجعتها؛ لأن الطلاق إلى الزوج لا إلى الزوجة، وإن كنت جعلت طلاقها بيدها أو وكلتها في طلاق نفسها فطلاقها نفسها معتبر، ولك أن تراجعها ما دامت في العدة، وتشهد شاهدين على الرجعة ما لم يكن ما حصل منها من الطلاق آخر ثلاث تطليقات، فإن حصل ذلك لم تحل لك إلا بعد زوج آخر بعقد ومهر جديدين برضاها، مع العلم بأن عدة الحامل تنتهي بوضعها الحمل، وعدة غير الحامل ثلاث حيضات إن كانت ممن يحضن، وعدة الصغيرة التي لم تبلغ الحيض والكبيرة التي يئست من الحيض ثلاثة شهور. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم([5]).

الشبكة الإسلامية:

إن معنى كون العصمة بيد الزوجة، أو بيد إنسان آخر تختاره الزوجة هو: تفويض طلاقها إليها، أو إلى الشخص الآخر حسب الاتفاق.

قال في فقه السنة: الطلاق حق من حقوق الزوج، فله أن يطلق زوجته بنفسه، وله أن يفوضها في تطليق نفسها، وله أن يوكل غيره في التطليق، وكل من التفويض والتوكيل لا يسقط حقه، ولا يمنعه من استعماله متى شاء، وخالف في ذلك الظاهرية، فقالوا: إنه لا يجوز للزوج أن يفوض لزوجته تطليق نفسها، أو يوكل غيره في تطليقها… لأن الله تعالى جعل الطلاق للرجال لا للنساء([6]).

وقال: اختلف الفقهاء فيمن قال لامرأته: أمرك بيدك هل يظل بيدها أبداً؟ أم أنه يتقيد بذلك المجلس، فإما أن توقعه في ذلك المجلس، وإلا سقط حقها بانتهاء المجلس؟

قال ابن قدامة في المغني([7]): (ومتى جعل أمر امرأته بيدها، فهو بيدها أبداً لا يتقيد بذلك المجلس. روي ذلك عن علي رضي الله عنه، وبه قال أبو ثور وابن المنذر، والحكم. وقال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي: هو مقصور على المجلس، ولا طلاق لها بعد مفارقته، لأنه تخيير لها، فكان مقصوراً على المجلس كقوله: اختاري).

وقد رجح ابن قدامة الأول، لقول علي رضي الله عنه في رجل جعل أمر امرأته بيدها: هو لها حتى تنكل. قال: ولا نعرف له في الصحابة مخالفاً، فيكون إجماعاً، ولأنه نوع توكيل في الطلاق، فكان على التراخي كما لو جعله لأجنبي.

بقي أن نشير إلى مسألة مهمة، وهي رجوع الزوج عن جعل عصمة الزوجية بيد الزوجة هل يقبل أم لا؟

الراجح أن الزوج له حق الرجوع، وفسخ ما جعله لها، وعندئذ يرجع حق التطليق إليه، ولو وطأها الزوج كان رجوعاً، لأنه نوع توكيل والتصرف فيما وكّل فيه يبطل الوكالة، وإن ردت المرأة ما جعل إليها بطل، كما تبطل الوكالة بفسخ التوكيل.

غير أننا نقول: الأولى عدم جعل عصمة النكاح بيد الزوجة نظراً لطبيعة المرأة العاطفية التي قد تدفعها لإساءة التصرف، فتطلق نفسها لأهون الأسباب، وتهدم عش الزوجية.

قال ابن رشد: لأن العلة في جعل الطلاق بأيدي الرجال دون النساء هو: لنقصان عقلهن، وغلبة الشهوة عليهن مع سوء المعاشرة([8]).

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: الطلاق تصرف شرعي قولي، وهو حق الرجل كما تقدم، فيملكه ويملك الإنابة فيه كسائر التصرفات القولية الأخرى التي يملكها، كالبيع والإجارة… فإذا قال رجل لآخر: وكلتك بطلاق زوجتي فلانة، فطلقها عنه، جاز، ولو قال لزوجته نفسها: وكلتك بطلاق نفسك، فطلقت نفسها، جاز أيضاً، ولا تكون في هذا أقل من الأجنبي([9]).

تنبيه مهم:

وهنا أمر لا بد من التنبيه عليه وهو هل للرجل أن يطلق إذا قال لها أمرك بيدك؟ والجواب أن له ذلك فقوله هذا يجيز لها طلاق نفسها ولا يمنعه من طلاقها.


([1]) قرارات المجلس الأوربي القرار رقم 2/5.

([2]) بتاريخ : ربيع الأول 1375هجرية – 13 نوفمبر 1955م..

([3]) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج 2 ص 12 الفتوى رقم 17883. الفتوى رقم (563)

([4]) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (563)

([5]) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج 20 ص 209.

([6]) فقه السنة (2/241) للسيد سابق.

([7]) انظر المغني (8/288).

([8]) بداية المجتهد (3/1065).

([9]) الموسوعة الفقهية (30/140).

المراجع

• المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث.
• فتاوى دار الإفتاء المصرية فضيلة الشيخ حسن مأمون مفتي مصر.
• فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
• الشبكة الإسلامية.
• الموسوعة الفقهية الكويتية.

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى