الكسوف: يعرفه كثير من الفقهاء بذهاب ضوء الشمس أو بعضه لسبب غير معتاد والخسوف: ذهاب ضوء القمر أو بعضه لسبب غير معتاد.
الكسوف والخسوف لهما سببان سبب شرعي وسبب كوني:
أما السبب الكوني: فبالنسبة لكسوف الشمس سبب ذلك حيلولة القمر بين الشمس والأرض، ومعلوم أن القمر أصغر بكثير من الشمس، وكذلك أصغر من الأرض؛ ولهذا فإن الكسوف الكلي للشمس لايمكن أن يعم الكرة الأرضية، وإنما يقع في جزء منها، نظرا لأن حجم القمر أصغر من الأرض وأصغر من الشمس..
وأما سبب خسوف القمر فهو حيلولة الأرض بين الشمس والقمر، فيحدث خسوف القمر، معلوم أن الأرض أكبر من القمر؛ ولذلك فإنه يحصل الخسوف الكلي، يحصل الخسوف الكلي لجميع القمر، وقد يحصل خسوف جزئي له، هذا هو السبب الكوني المعروف..
وأما السبب الشرعي، فقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المخرج في الصحيحين: وهو التخويف.
فهل يجوز أن يصلي المسلم صلاة الكسوف بناء على إعلان العلم الفلكي بدون النظر إلى ماحدث في الشمس أو القمر من كسوف وخسوف، وتكون صلاته بناء على هذا العلم الفلكي؟
ورد على اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السؤال التالي:
“لقد اطلعنا على ما نشرته جريدة المدينة في عددها 5402 في 4/3/ 1402هـ بأنه سيكون خسوف كلي للقمر يوم السبت القادم، وأنه يبدأ من الساعة الثامنة والنصف ليلاً، وينتهي الخسوف الجزئي يوم الأحد بعد منتصف الليل بـ 38 دقيقة، ويخرج القمر من شبه ظلال الأرض الساعة الواحدة و37 دقيقة صباحًا، وقد وقع ذلك على ما ذكر.
ج: قد يُعرف وقت خسوف القمر وكسوف الشمس عن طريق حساب سير الكواكب، ويعرف به كذلك كون ذلك كليًّا أو جزئيًّا ولا غرابة في ذلك؛ لأنه ليس من الأمور الغيبية بالنسبة لكل أحد، بل غيبـي بالنسبة لمن لا يعرف علم حساب سير الكواكب وليس بغيبـي بالنسبة لمن يعرف ذلك العلم؛ لكونه يستطيع أن يعرفه بسبب عادي، وهو هذا العلم، ولا ينافي ذلك كون الكسوف أو الخسوف آية من آيات الله تعالى، التي يخوف بها عباده ليرجعوا إلى ربهم، ويستقيموا على طاعته، لكن لا يجوز تصديقهم ولا العمل بقولهم؛ لأنهم قد يخطئون، وإنما العمدة على رؤية الكسوف؛ لقول النبي ﷺ : إن الشمس والقمر آيتان من آيـات الله، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يرسلهما يخوف بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم.
وأصدر سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- بيانا في هذا أنكر فيه على من صلى، وبين أن الصلاة إنما تشرع عند رؤية القمر خاسفا أو الشمس كاسفة، فينبغي إذا “عدم التعجل في إقامة صلاة الخسوف حتى يرى القمر خاسفا، لأنه أحيانا يكون مقصود المخبر من الفلكيين الخسوف الكاذب الذي هو شبه الظل، وهذا لا تشرع الصلاة عنده؛ لأنه لا يذهب ضوء القمر ولا بعضه، ولهذا فإنه لا تشرع الصلاة عنده، وإن سماه الفلكيون خسوفا، هذا ما يتعلق بهذه المسألة.
1. فتاوى اللجنة الدائمة: (8/322-323) رقم الفتوى: (4667).
2. مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (13/30).
3. النوازل في الطهارة والصلاة، باسم القرافي، ص(662-666).