حكم حفر الآبار من الزكاة للفقراء.
يوجد في العالم الإسلامي عدد كبير من الفقراء الذين يحتاجون إلى الماء الصالح للشرب ولا تتوفر عندهم القدرة على حفر الآبار لأنفسهم, بينما توجد مبالغ من أموال الزكاة يمكن سد خلتهم منها, فما حكم صرف الزكاة في حفر آبار الشرب لأمثال هؤلاء؟
اتفق الفقهاء على وجوب تمليك مال الزكاة للفقراء([1]), وأنه لا يكفي إباحة التصرف فيها لهم, ولا يوجد كلام للفقهاء المتقدمين بخصوص هذه المسألة بعينها, لكن اتفاقهم على ما سبق يقتضي المنع من صرف الزكاة في مثل هذا؛ لأن المتحقق من حفر البئر هو السقاية منه, وذلك أقرب إلى الإباحة منه إلى التمليك.
وقد أصدرت الهيئة الشرعية في بيت الزكاة الكويتي فتوى بخصوص هذا, ورد فيها ما يلي: (الأصل في الزكاة أن تصرف للفقراء أو توضع في مشروع يخصص نفعه أو ريعه للفقراء على أن تبقى عين المشروع مالا زكويا قابلا للبيع عند الحاجة ليصرف بدله في الزكاة عند الحاجة إلى ذلك, وهذا لا يتحقق في حفر بئر في منطقة غير داخلة في ملك أحد, ويردها الغني والفقير؛ لأن الماء في مثل هذه الحالة يشترك فيه الناس غنيهم وفقيرهم ولا يمكن منع أو امتناع الغني من ذلك, وهذا أشبه بالصدقة الجارية أو الوقف, لكن ترى الهيئة أنه يجوز شرعا تمليك مال الزكاة لأهل المنطقة الفقراء, ثم يوجهون إلى وضعه في حفر بئر يبيحون الانتفاع بها لهم ولغيرهم).
وذهب بعض الباحثين إلى جواز ذلك بضوابط بأربعة, معللا ذلك بأنه قد يتعذر حفر البئر في حال تمليكهم المال لسوء تصرفهم فيه ورغبتهم في الاستئثار بالمال وهذه الضوابط هي:
- أن تكون الحاجة إلى حفر البئر ظاهرة.
- أن يغلب على الظن استسقاء الفقراء منه دون غيرهم كما لو كان في منطقة تختص بهم.
- أن يغلب على الظن أنه عند تمليكهم وتوجيههم بحفر البئر أن ذلك لن يتحقق.
- ألا يمكن حفر البئر من غير مال الزكاة.
وهذا الرأي مبني على اعتبار المصلحة الشرعية، فتوفير الماء شرط أساسي في حفظ النفوس وبقاء الحياة كما قال – تعالى -: (وجعلنا من الماء كل شيء حي…) [الأنبياء: 30]، كما أن في توفيره للفقراء مواساة لهم وسدا لخلتهم، ثم إن دفع الحاجة عن الفقراء هو القصد من تمليكهم مال الزكاة وذلك متحقق باستسقائهم من البئر عند الحاجة.
([1]) فتح القدير (2/267), المعيار المعرب (1/399), المجموع (6/157), الفروع (2/619).
1. أحكام وفتاوى الزكاة والصدقات والنذور والكفارات ص(131).
2. نوازل الزكاة للغفيلي ص(359-361).