برز التعامل بالسندات كإحدى وسائل المعاملات المالية، فما حكم قطع اليد بسرقة السند؟
السندات تنقسم إلى قسمين:
الأول: السند الاسمي، وهي التي يذكر فيها اسم الدائن عند الإصدار، وهذا النوع من السندات لا قطع فيه؛ وإن تضرر المسروق منه بسرقتها؛ لأنه لا ينتفع السارق بسرقتها؛ لكونها صكاً أو وثيقة اسمية، لا تصرف إلا لمن سجل اسمه عليها، فلا تعد مالاً منتفعاً به بالنسبة للسارق، وبالتالي: لا يقطع في سرقتها.
الثاني: السند لحامله، وهي التي لا يذكر عليها اسم الدائن، ويتعهد محرره، بدفع مبلغ معين من النقود في تاريخ معين أو بمجرد الاطلاع لمن يحمل السند، فمن يحمله يعد مالكاً، ويحق له استلام الفوائد المستحقة عليه.
وهذه السندات التي تثبت حق الدفع لحاملها لا تخلو من حالين:
الأولى: أن يبلغ أصل الدين أي قيمة السندات الأصلية في هذه السندات نصاب القطع.
فأصل الدين في السندات مال محترم، ولأجل ذلك اتفق الفقهاء على وجوب الزكاة بالنسبة للسندات في أصل الدين فقط، واختلفوا فيما زاد على أصل الدين وهي الفوائد.
وهذه المسألة تخرّج على مسألة سابقة، وهي سرقة ما يقطع فيه، وما لا يقطع فيه، أو ضم ما يجب فيه القطع إلى ما لا يجب فيه القطع.
واختار بعض الباحثين: وجوب القطع في هذه الحال؛ لأن من منع القطع في المسألة السابقة إنما كان لعدم تحقق المقصود بالسرقة، هل هو ما فيه القطع أو ما لا قطع فيه، ومثل هذا شبهة توجب سقوط الحد، وفي هذه المسألة: لا إشكال أن كلا الأمرين مقصود بالسرقة، فالسارق يقصد هنا الحصول على أصل الدين مع الفوائد، وهما في الحقيقة يعدان في حكم الشيء الواحد، ولهذا فإنه يجب القطع عليه في هذه الحال ما دام أصل الدين يبلغ نصاب القطع.
الثانية: ألا يبلغ أصل الدين في هذه السندات نصاب القطع.
فإذا كان أصل الدين إنما يبلغ نصاب القطع مع فوائد السندات المحرمة، فهل يقطع بسرقة هذه السندات التي لا يبلغ فيها أصل الدين نصاب القطع أم لا؟
حكم هذه المسألة ينبني على حكم سرقة المال الحرام لوصفه.
واختار بعض الباحثين: أنه لا يقطع بهذا النوع من السندات؛ وذلك لأنه لا يصح تملكه شرعاً، ولأنه من الشبه التي يدرأ بها الحد.
• نوازل السرقة وتطبيقاتها القضائية (رسالة دكتوراه ـ الفقه المقارن ـ المعهد العالي للقضاء)، د. فهد المرشدي (479) فما بعدها.
• أحكام الأوراق التجارية في الفقه الإسلامي، د. سعد الخثلان (129-133).