سرقة الأعضاء البشرية
لو قام شخص بالتبرع بعضو من أعضائه أو قام ببيعه على القول بجواز ذلك، فقام شخص آخر بسرقة العضو ممن اشتراه، أو قام بسرقة العضو من بنوك الأعضاء، فهل يعدّ ذلك سرقة موجبة للقطع أم لا؟
على القول بأن أجزاء الآدمي – التي يمكن انفصالها عنه ويمكن الانتفاع بها – أموال، فإن مثل هذا الفعل يكون سرقة موجبة للقطع إذا اكتملت الشروط الأخرى.
وأما على القول الآخر بأن أعضاء الآدمي ليست بأموال فإنه لا قطع في سرقة أجزاء الآدمي سواء انفصلت منه حال الحياة أو بعد الممات؛ لأن الإنسان إذا كان لا يعتبر مالا ًفي حياته، فحكمه لا يختلف عنه بعد مماته، ولذلك لا يقطع بسرقة أجساد الموتى.
ولو فرض أن الطبيب قام بإجراء عملية لاستئصال عضو معين في جسم إنسان دون علمه ودون أن تكون هناك حاجة طبية لذلك، بل قصد إعطاء هذا العضو لمريض آخر سواء كان بمقابل مادي أو بدونه، فمثل هذا الفعل وإن كان فيه سرقة لهذا العضو فإنه حتى على القول بمالية العضو الآدمي، لا يقام حد السرقة؛ لأن الطبيب مأذون له في ذلك الفعل، ومؤتمن عليه، ولكن يعد ذلك جناية على ما دون النفس.
هذا وقد خلص بعض الباحثين المعاصرين إلى ما يأتي:
أولاً: أن سرقة الأعضاء البشرية تشبه جريمة الحرابة؛ لما فيها من إفساد وحرب على أمن الأفراد والجماعات.
ومن المعلوم أن الحرابة لها عقوبات محددة في الفقه الإسلامي، وهي تتراوح بين النفي والقطع والقتل والصلب، وهذه العقوبات مرتبة عند جمهور الفقهاء، حسب درجة الجرم، أما المالكية فقالوا: إن الإمام مخير في إيقاع ما يراه مناسباً للجريمة من العقوبات السابقة، ما لم يَقْتُل الجاني أحداً؛ فيتعين قتله.
ثانياً: أن العقوبة تطال كل من شارك في جريمة سرقة شيء من الأعضاء البشرية مشاركة فاعلة، عن علمٍ منه.
ثالثاً: أن العقوبة تشدد كلما تكررت الجريمة.
رابعاً: أن سرقة أعضاء الجثث أمر محرم، وعقوبته التعزير بما يراه الحاكم مناسباً.
خامساً: التوصية بأن تتضافر الدول وأجهزتها الأمنية وغيرها في متابعة هذه الجرائم، ومعاقبة مرتكبيها العقوبات الرادعة.
• نوازل السرقة وتطبيقاتها القضائية (رسالة دكتوراه ـ الفقه المقارن ـ المعهد العالي للقضاء)، د. فهد المرشدي (325) فما بعدها.
• دراسات في الفقه الجنائي الإسلامي، عوض محمد (44).
• سرقة الأعضاء البشرية، إعداد: د. محمد جميل محمد المصطفى، بحث منشور في مجلة البحوث الأمنية، العدد الثلاثون.
• سرقة الأعضاء البشرية، (رسالة ماجستير ـ كلية الشريعة ـ قسم الفقه ـ جامعة الإمام)، هند الرفيق.
• التطبيقات المعاصرة لجريمة السرقة ( رسالة ماجستير. جامعة مؤتة بالأردن )، علي البطوش.