أن يتقدم لنكاح المسلمة المحصنة رجل يعتنق المذهب البهائي.
انعقد الإجماع على حرمة زواج المسلمة من غير المسلم، والبهائي قد انعقد الإجماع على كفره، ولذا فلا يجوز له الزواج من المسلمة.
وممن تكلم في حكم هذه المسألة:
1- المجمع الفقهي بمكة المكرمة:
قرَّر المجمع الفقهي الإسلامي –بمكة المكرمة- في الدورة الرابعة بالإجماع ما يلي:
أولاً: إن تزوج الكافر للمسلمة حرام لا يجوز، باتفاق أهل العلم، ولا شك في ذلك لما تقتضيه نصوص الشريعة؛ قال تعالى: ( وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ۗ أُولَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) [البقرة: 221]. وقال تعالى: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا )[الممتحنة:من الآية10]. والتكرير في قوله تعالى:(لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) بالتأكيد والمبالغة بالحرمة، وقطع العلاقة بين المؤمنة والمشرك، وقوله تعالى: (وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ) أمر أن يُعطَى الزوج الكافر ما أنفق على زوجته إذا أسلمت، فلا يجمع عليه خسران الزوجية والمالية، فإذا كانت المرأة المشركة تحت الزوج الكافر تحرم عليه بإسلامها ولا تحل له بعد ذلك… فكيف يقال: بإباحة ابتداء عقد نكاح الكافر على المسلمة؟ بل أباح الله نكاح المرأة المشركة بعد ما تسلم– وهي تحت رجل كافر- لعدم إباحتها له بإسلامها، فحينئذ يجوز للمسلم تزوجها بعد انقضاء عدتها، كما نص عليه قوله تعالى: (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) [الممتحنة: 10].
2-شيخ الجامع الأزهر جاد الحق على جاد الحق([1]):
بقوله: أجمع المسلمون على أن العقيدة البهائية أو البابية ليست عقيدة إسلامية، وأن من اعتنق هذا الدين ليس من المسلمين، ويصير بهذا مرتدا عن دين الإسلام، والمرتد هو الذي ترك الإسلام إلى غيره من الأديان، قال الله سبحانه: (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة 217].
وأجمع أهل العلم بفقه الإسلام على وجوب قتل المرتد إذا أصر على ردته عن الإسلام؛ للحديث الشريف الذي [رواه البخارى ح 3017]: “من بدل دينه فاقتلوه” واتفق أهل العلم كذلك على أن المرتد عن الإسلام إن تزوج لم يصح تزوجه، ويقع عقده باطلاً، سواء عقد على مسلمة أو غير مسلمة، لأنه لا يقر شرعاً على الزواج، ولأن دمه مهدر شرعاً إذا لم يتب ويعد إلى الإسلام ويتبرأ من الدِّين الذي ارتد إليه.
لَـمّا كان ذلك، وكان الشخص المسؤول عنه قد اعتنق البهائية ديناً، كان بهذا مرتدّاً عن دين الإسلام، فلا يحل للسائلة وهى مسلمة أن تتزوج منه، والعقد إن تم يكون باطلاً شرعاً، والمعاشرة الزوجية تكون زناً محرماً في الإسلام، قال تعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران 85].
3-الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
فقد أفتى فضيلته بكفر الطائفة البهائية، وذلك حينما سئل رحمه الله عن الذين اعتنقوا مذهب (بهاء الله) الذي ادعى النبوة وادعى أيضاً حلول الله فيه، هل يسوغ للمسلمين دفن هؤلاء في مقابر المسلمين؟.
فأجاب: إذا كانت عقيدة البهائية كما ذكرتم فلا شك في كفرهم، وأنه لا يجوز دفنهم في مقابر المسلمين؛ لأن من ادعى النبوة بعد نبينا محمد ﷺ فهو كاذب وكافر بالنص وإجماع المسلمين؛ لأن ذلك تكذيب لقوله تعالى (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) [الأحزاب 40].
ولما تواترت به الأحاديث عن رسول الله ﷺ أنه خاتم الأنبياء لا نبي بعده، وهكذا من ادعى أن الله سبحانه حالٌّ فيه، أو في أحد من الخلق فهو كافر بإجماع المسلمين؛ لأن الله سبحانه لا يحل في أحد من خلقه بل هو أجل وأعظم من ذلك، ومن قال ذلك فهو كافر بإجماع المسلمين مكذب للآيات والأحاديث الدالة على أن الله سبحانه فوق العرش قد علا وارتفع فوق جميع خلقه، وهو سبحانه العلي الكبير الذي لا مثيل له ولا شبيه، وقد تعرّف إلى عباده بقوله سبحانه: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ) الأعراف 54، وفي قوله سبحانه (الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ) طه 5، وفي قوله عز وجل (ذَٰلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ ۖ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا ۚ فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) غافر 12، وقوله سبحانه : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) فاطر 10، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة الدالة على علوه وارتفاعه فوق عرشه، واستوائه عليه استواء يليق بجلاله وعظمته، لا يشابه خلقه فيما يستوون عليه، ولا يعلم كيف استوى إلا هو سبحانه، كما لا يعلم كيف ذاته إلا هو عز وجل، وهذا الذي أوضحه لك في حق الباري سبحانه هو عقيدة أهل السنة والجماعة التي درج عليها الرسل عليهم الصلاة والسلام، ودرج عليها خاتمهم محمد رسول الله ﷺ، ودرج عليها خلفاؤه الراشدون وصحابته المرضيون والتابعون لهم بإحسان إلى يومنا هذا.
واعلم يا أخي أنني لم أقرأ شيئاً من كتب البهائية إلى حين التاريخ، ولكن قد علمت بالاستفاضة أنها طائفة ضالة كافرة خارجة عن دائرة الإسلام.
وعلى مقتضى ما ذكر في السؤال حصل الجواب.
ثم إني اطلعت بعد تحرير الجواب على محاورة بين سني وبهائي نشرت في مجلة (الهدي النبوي) لأنصار السنة في القاهرة في أعداد أربعة، قرأت منها ثلاثة أعداد صادرة في رمضان وذي القعدة، اثنان منها صدرا في عام 1368هـ، والثالث في ربيع الثاني من عام 1369هـ، وقد صرح البهائي في هذه المحاورة أن بهاء الله، رسول الطائفة البهائية يزعم أنه رسول ناسخ للشرائع التي قبله نسْخَ تعديل وتلطيف، وأن كل عصر يحتاج إلى رسول، وصرح أيضاً بإنكار الملائكة، وأنّ حقيقة الملائكة هي أرواح المؤمنين العالية، وظاهر كلامه أيضاً إنكار المعاد الجثماني، وإنكار ما أخبر به الرسول ﷺ عن الدجال، ولا شك أن دعوى البهائي الرسالةَ، وزعمه أن كل عصر يحتاج إلى رسول، كفر صريح.
والله سبحانه هو الموفق، ولا حول ولا قوة إلا به([2]).
4-وأفتى بعض المعاصرين بحرمة هذا الزواج قائلاً: وإذا كان زواج المسلم من بهائية باطلاً بلا شك، فإن زواج المسلمة من رجل بهائي باطل من باب أولى، إذ لم تجز الشريعة للمسلمة أن تتزوج الكتابي، فكيف بمن لا كتاب له؟. ولهذا لا يجوز أن تقوم حياة زوجية بين مسلم وبهائية أو بين مسلمة وبهائي، لا ابتداء ولا بقاء. وهو زواج باطل، ويجب التفريق بينهما حتماً. وهذا ما جرت عليه المحاكم الشرعية في مصر في أكثر من واقعة. وللأستاذ المستشار علي علي منصور، حكم في قضية من هذا النوع، قضى فيه بالتفريق، بناء على حيثيات شرعية فقهية موثقة، وقد نشر في رسالة مستقلة، فجزاه الله خيراً.
([1]) البهائية طائفة لهم دين مُخْتَرعٌ، أنشأه وأظهره حسين علي الملقب « البهاء “، والذي ادعى النبوة، وزعم أن شريعة الإسلام قد نسخت بمبعثه. المؤسسون: الميرزا حسين علي الملقب «البهاء”..موقع الشبكة الإسلامية.
([1]) فقد أفتى رحمه الله هذه الفتوى في 1صفر 1401هـ 8 ديسمبر 1981م.
([2]) مجلة البحوث الإسلامية، العدد السابع والستون، الإصدار: من رجب إلى شوال لسنة 1423هـ.
• فتوى شيخ الجامع الأزهر جاد الحق على جاد الحق 1 صفر 1401هـ، 8 ديسمبر 1981م.
• قرارات المجمع الفقهي بمكة المكرمة.
• مجلة البحوث الإسلامية العدد السابع والستون الإصدار: من رجب إلى شوال لسنة 1423هـ.