زكاة الدخل الشهري.
الراتب الشهري هو الأجر الذي يتقاضاه الأجير الخاص مقابل عمله كل شهر، وقد يصعب ضبط ما يدخر وما ينفق من هذا الأجر على وجه دقيق لدى كثير من الناس؛ وذلك لتكرر الراتب كل شهر واختلاط أموال الرواتب وغيرها ببعضها.. فكيف تكون زكاة هذا الراتب ؟
من المقرر عند عامة الفقهاء أنه لا تجب الزكاة في الأموال النقدية إلا بعد أن يحول عليها الحول، وحينئذ فإن استطاع المسلم أن يضبط ماحال عليه الحول من مرتبه الشهري على وجه دقيق إما بحسابات خاصة لديه أو عن طريق كشف حساب برصيده لدى المصرف أو غير ذلك، فإن الواجب عليه هو ربع عشر ماحال عليه الحول من الراتب، أما إن كان يصعب عليه ذلك فإنه يحدد يوما معينا في السنة، ويزكي فيه جميع رصيده وينوي بذلك زكاة ما حال عليه الحول منه وتعجيل الزكاة فيما لم يحل عليه الحول، وتعجيل الزكاة قد وردت به السنة، فقد أذن النبي ﷺ لعمه العباسرضي الله عنه في تعجيل زكاته [رواه أبوداود(1624)]، وهذا هو المذهب عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة([1])، وبذلك لا ينظر المسلم لزكاة رصيده سوى مرة واحدة في السنة بدلا من النظر المتكرر بتكرر الرواتب الشهرية.
وبذلك أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية، فقد جاء في الفتوى رقم 282: – (من ملك نصابا من النقود ثم ملك تباعا نقودا أخرى في أوقات مختلفة وكانت غير متولدة من الأولى ولا ناشئة عنها، بل كانت مستقلة كالذي يوفره الموظف شهريا من مرتبه، وكإرث أو هبة أو أجور عقار مثلا فإن كان حريصا على الاستقصاء في حقه حريصا على أن لا يدفع من الصدقة لمستحقيها إلا ما وجب لهم في ماله من الزكاة فعليه أن يجعل لنفسه جدول حساب لكسبه يخص فيه كل مبلغ من أمثال هذه المبالغ بحول يبدأ من يوم ملكه ويخرج زكاة كل مبلغ لحاله كلما مضى عليه حول من تاريخ امتلاكه إياه.
وإن أراد الراحة وسلك طريق السماحة وطابت نفسه أن يؤثر جانب الفقراء وغيرهم من مصارف الزكاة على جانب نفسه؛ زكى جميع ما يملكه من النقود حينما يحول الحول على أول نصاب ملكه منها، وهذا أعظم لأجره وأرفع لدرجته، وأوفر لراحته وأرعى لحقوق الفقراء والمساكين وسائر مصارف الزكاة وما زاد فيما أخرجه عما تم حوله يعتبر زكاة معجلة عما لم يتم حوله).
([1]) بدائع الصنائع (2/50)، تحفة المحتاج (3/353)، المغني (4/79).
1. فقه القضايا المعاصرة في العبادات، عبدالله أبو زيد (1/835).
2. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية (9/280).
3. نوازل الزكاة، عبدالله بن منصور الغفيلي (287-290).