زكاة الأوراق المالية (الأسهم)
من المعاملات المستجدة التي حدثت في هذا العصر بعد أن لم تكن معهودة عند فقهائنا في السابق, ما يسمى بأسهم الشركات, والمقصود بالشركات هنا: الشركات المساهمة, وهي: الشركات التي يقسم رأس مالها إلى أسهم متساوية القيمة, وقابلة للتداول, ولا يسأل الشركاء فيها إلا بقدر قيمة أسهمهم.
ويراد بالسهم هنا: تلك الحصة المشاعة التي يمتلكها الشريك في شركات المساهمة ويمثل السهم جزءاً من رأس مال الشركة ومن خصائصه: أنه يقبل التداول ويعطي مالكه حقوقا خاصة، ومتساوي القيمة في الشركة المساهمة, وعدم قابليته للتجزئة.
فما حكم زكاة هذا النوع من الأموال؟
اختلف الفقهاء المعاصرون في كيفية إخراج زكاة الأسهم, على أقوال متعددة.
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم: [28 (3/4)]
أولا: تجب زكاة الأسهم على أصحابها، وتخرجها إدارة الشركة نيابة عنهم إذا نص في نظامها الأساسي على ذلك، أو صدر به قرار من الجمعية العمومية، أو كان قانون الدولة يلزم الشركات بإخراج الزكاة، أو حصل تفويض من صاحب الأسهم لإخراج إدارة الشركة زكاة أسهمه.
ثانياً: تخرج إدارة الشركة زكاة الأسهم كما يخرج الشخص الطبيعي زكاة أمواله، بمعنى أن تعتبر جميع أموال المساهمين بمثابة أموال شخص واحد وتفرض عليها الزكاة بهذا الاعتبار من حيث نوع المال الذي تجب فيه الزكاة، ومن حيث النصاب، ومن حيث المقدار الذي يؤخذ، وغير ذلك مما يراعى في زكاة الشخص الطبيعي، وذلك أخذاً بمبدأ الخلطة عند من عممه من الفقهاء في جميع الأموال.
ويطرح نصيب الأسهم التي لا تجب فيها الزكاة، ومنها: أسهم الخزانة العامة، وأسهم الوقف الخيري، وأسهم الجهات الخيرية، وكذلك أسهم غير المسلمين.
ثالثاً: إذا لم تزك الشركة أموالها لأي سبب من الأسـباب، فالواجب على المساهمين زكاة أسهمهم، فإذا استطاع المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الزكاة، لو زكت الشركة أموالها على النحو المشار إليه، زكى أسهمه على هذا الاعتبار، لأنه الأصل في كيفية زكاة الأسهم.
وإن لم يستطع المساهم معرفة ذلك:
فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي، وليس بقصد التجارة فإنه يزكيها زكاة المستغلات، وتمشياً مع ما قرره مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته الثانية بالنسبة لزكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية، فإن صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليه في أصل السهم، وإنما تجب الزكاة في الريع، وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم قبض الريع مع اعتبار توافر شروط الزكاة وانتفاء الموانع.
وإن كان المساهم قد اقتنى الأسهم بقصد التجارة، زكاها زكاة عروض التجارة، فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه، زكى قيمتها السوقية، وإذا لم يكن لها سوق زكى قيمتها بتقويم أهل الخبرة، فيخرج ربع العشر 2.5% من تلك القيمة ومن الربح، إذا كان للأسهم ربح.
رابعاً: إذا باع المساهم أسهمه في أثناء الحول ضم ثمنها إلى ماله وزكاه معه عندما يجيء حول زكاته. أما المشتري فيزكي الأسهم التي اشتراها على النحو السابق) ا.هـ.
ويرى كثير من الفقهاء المعاصرين أن الشركة إذا كانت تخرج الزكاة عن المساهمين أجزأ ذلك فلا يلزمون بإخراجها مرة أخرى إلا إذا كان المساهم متاجرا ( مضاربا) أي يبيع ويشتري في الأسهم فيجب عليه أن يُقوِّم ما عنده من أسهم عند تمام الحول ويخرج ربع عشر قيمتها؛ وذلك لأن الأسهم عنده في هذه الحال عروض تجارة فيزكيها زكاة عروض التجارة، وأما إذا كانت الشركة لا تخرج الزكاة عن المساهمين فيلزم المساهم إخراج زكاته، فإن كان مستثمرا (أي يريد الاستفادة من الريع والعائد السنوي فقط ولا يبيع ويشتري فيها) فيخرج زكاة الوعاء الزكوي، وأما إذا كان متاجرا (مضاربا) يبيع ويشتري فيها فيزكيها زكاة عروض التجارة.
1. أبحاث الندوة الحادية عشرة والثانية عشرة لقضايا الزكاة المعاصرة (1/184).
2. أبحاث الندوة السابعة لقضايا الزكاة المعاصرة ص(208).
3. بحوث في الاقتصاد الإسلامي، عبدالله بن منيع ص(77).
4. زكاة أسهم الشركات ضمن مجلة مجمع الفقه الإسلامي (4/1/735).
5. قرارات المجمع الفقهي الإسلامي ص(63). القرار رقم: (28/3/4).
6. نوازل الزكاة، للغفيلي (ص173-184).