يتكون دماغ الإنسان من ثلاثة أجزاء: هي المخ والمخيخ والجذع. ووظيفة المخ: الذاكرة والتفكير والإحساس. ووظيفة المخيخ: توازن الجسم، والجذع: أهم الأجزاء ووظيفته تشغيل المراكز الأساسية للحياة كالتنفس والدورة الدموية وحركة القلب.
ولا تحصل الوفاة عند إصابة الجزء الأول أو الثاني، أما إذا أصيب جذع المخ فعند أكثر الأطباء تحصل الوفاة، وعلاماته: الإغماء وعدم الانفعالات وعدم التنفس إلا بأجهزة مساعدة.
لكن هذا لا يعني حصول الموت الحقيقي، وإنما هو حي حياة كما يسميها الأطباء حياة جسدية نباتية، يتغذى ويتنفس وقلبه ينبض، ويمكث على هذه الحال سنوات، وقد وجد من المرضى من مكث عشر سنوات؛ لأن جذع المخ الذي يتحكم في التنفس ونبضات القلب والدورة الدموية لا يزال حيا، لكنه فقد وعيه الكامل.
علامات الموت:
اتفق الفقهاء والأطباء في الحكم على عامة الوفيات بالموت بمفارقة الروح البدن وذلك في الحالات التي لا تدخل تحت أجهزة الإنعاش. وهذا يقع في أكثر الموتى في العالم، ويكون ذلك بموت الدماغ وتوقف القلب عن النبض.
ثم وقع الخلاف بينهم فيما إذا تم تشخيص موت الدماغ وفق الأصول المشروطة طبيا، وبواسطة الأطباء الموثوق بهم، وأمكن الإبقاء على التنفس وعمل القلب عبر أجهزة الإنعاش الصناعي، فهل يحكم بموت الشخص بمجرد موت دماغه ولا ينظر إلى عمل القلب،أم لا بد من توقف القلب عن النبض حتى يحكم بموت الإنسان؟
اختلف المعاصرون في الحكم بموت المتوفى دماغيا على اتجاهين:
الاتجاه الأول: أن موت دماغ الشخص دون قلبه لا يعد موتاً، بل لا بد من توقف القلب عن النبض حتى يحكم بموت الإنسان.
القائلون بهذا القول:
1-المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي.
2- مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية.
3-لجنة الفتوى بوزارة الأوقاف الكويتية.
4-الشيخ عبد العزيز بن باز.
5-الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد.
6-الدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي وغيرهم.
أدلة هذا القول:
1- قوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ …إلى قوله: ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ) سورة الكهف، الآيات (9-12) وجه الدلالة: أن قوله سبحانه (بَعَثْنَاهُمْ) أي أيقظناهم، وهذه الآيات فيها دليل واضح على أن مجرد فقد الإحساس والشعور وحده لا يعتبر دليلاً كافياً للحكم بكون الإنسان ميتاً كما دلت عليه الآية الكريمة.
2- قاعدة (اليقين لا يزول بالشك).
وجه الاستدلال: أن اليقين في هذه الحالة المختلف فيها هو حياة المريض باعتبار الأصل؛ ولأن قلبه ينبض، والشك في موته لأن دماغه ميت، فوجب علينا اعتبار اليقين الموجب للحكم بحياته حتى نجد يقيناً مثله يوجب علينا الحكم بموته. لاسيما أن الحكم بالموت يترتب عليه أمورٌ شرعية كقسمة تركته ونكاح امرأته إذا رغبت وغيرها ولذلك فلا يجوز الحكم بموته إلا بيقين.
الاتجاه الثاني: يعتبر موت دماغ الشخص دون قلبه موتاً حقيقياً، ولا يشترط توقف القلب عن النبض حتى يحكم بموت الإنسان.
القائلون بهذا القول:
1- مجمع الفقه الإسلامي بجدة.
2-الدكتور عمر سليمان الأشقر وأخوه د. محمد.
3-الدكتور محمد علي البار وغيرهم، وبه أوصت ندوة الحياة الإنسانية بدايتها ونهايتها المنعقدة في الكويت، ووافق عليه كلٌ من الدكتور أحمد شرف الدين والدكتور محمد علي البار والدكتور محمد أيمن صافي وغيرهم.
أدلة القائلين بهذا القول:
1 ـ أن المولود إذا لم يصرخ لا يعتبر حياً ولو تنفس أو بال أو تحرك كذا قال الإمام مالك (رحمه الله). فما لم يكن الفعل إرادياً استجابة لتنظيم الدماغ لا يعتبر أمارة حياة، وهذا واقع فيمن مات دماغه، فيأخذ حكم المولود الذي لم يصرخ.
2 ـ أن الأطباء هم أهل الاختصاص والخبرة في هذا الفن، وهم مؤتمنون في هذا المجال، فينبغي علينا تصديقهم وقبول قولهم فيما يختص بوظيفتهم. وقد قال الأطباء: إذا رفض المخ قبول التغذية مات الإنسان. والله أعلم.
1. أحكام الجراحة الطبية، الشيخ عبد الله البسام ص(344).
2. أحكام الجراحة الطبية، محمد بن محمد المختار الشنقيطي، ص(352).
3. أحكام نقل أعضاء الإنسان في الفقه الإسلامي، يوسف بن عبد الله الأحمد، دار كنوز إشبيليا.
4. بحوث ندوة الحياة الإنسانية بدايتها ونهايتها، عمر سليمان الأشقر ص(146).
5. فتاوى لجنة الفتوى بوزارة الأوقاف الكويتية بحوث ندوة الحياة الإنسانية بدايتها ونهايتها،ص(433).
6. فقه النوازل، بكر بن عبدالله أبوزيد،ص(233-243).
7. قرارت هيئة كبار العلماء في دورته الخامسة والأربعين، عام 1417هـ.
8. مجمع الفقه الإسلامي بجدة، [قرارات وتوصيات المجمع للدورات من(1- 10)، ص(36).
9. المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي، (الدورة العاشرة المنعقدة بمكة المكرمة عام 1408هـ).
10. مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبد العزيز بن باز (13/366-367).
11. موت الدماغ، سعد الشويرخ، مجلة الجمعية الفقهية السعودية، العدد: 11، ص(241).
12. موت القلب وموت الدماغ، محمد علي البار، ص(87).